«الداخلية» تنشر دوريات إلكترونية لملاحقة المتورطين

الجهل بتقنيات «الحماية» وراء جرائم الاحتيال الإلكتروني

صورة

يقع أفراد من المجتمع ضحايا عمليات احتيال إلكتروني، تستنزف أموالهم، بسبب عدم أخذ الحيطة والحذر في التعاملات المالية عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، فيما أكدت وزارة الداخلية أنها تسيّر دوريات إلكترونية تجوب الإنترنت لملاحقة المتورطين في عمليات التضليل والاحتيال، محذرة من أساليب حديثة تستخدمها عصابات الاحتيال الإلكتروني، واستغلالها عدم حذر المستخدمين، أو جهل البعض بالتقنيات اللازمة للحماية عبر الإنترنت.

وأشارت تقارير شرطية، خلال السنوات الماضية، إلى وقوع عدد من الأفراد فريسة سهلة لعمليات احتيال إلكتروني، إذ تسببت «النخوة» دون تبصّر في وقوع مواطن (تاجر عسل) ضحية احتيال هاتفي استنزفه 27 ألفاً و400 درهم، لقاء سداد أجرة شحن تابوت للموتى «وهمي» من أوروبا إلى الإمارات، حيث استدرجه المحتال عاطفياً، منتحلاً صفة موظف حكومي، وأوهمه بأنه يعرفه سلفاً، وتعامل معه تجارياً في وقت سابق عبر أحد مواقع التواصل الاجتماعي، طالباً منه المساعدة، كي يتمكن من شحن التابوت ووصول جثمان والدته إلى الإمارات لدفنها في موطنها.

وفي واقعة أخرى، وقعت مواطنة ضحية احتيال، بعد عرضها طقم مجوهرات على موقع بيع إلكتروني، حيث استطاع شخصان (جرى ضبطهما) الاعتداء على شقيقها ضرباً، باستخدام صاعق كهربائي لشل حركته، وفرّا هاربَيْن، حينما حاول المجني عليه بيعهما الطقم، البالغة قيمته 70 ألف درهم.

وألقت شرطة أبوظبي في وقت سابق القبض على عصابة مكونة من أربعة آسيويين، قاموا بعمليات قرصنة إلكترونية، وتمكنوا من نسخ بيانات البطاقات الائتمانية في العالم بواسطة أجهزة «Skimmer»، والاستيلاء غير المشروع على أرصدتها، التي تجاوزت مليون درهم، في منافذ بيع وترفيه مختلفة داخل الدولة، لتمثل الواقعة الأغرب في مجال القرصنة الإلكترونية المتطورة.

كما ألقت شرطة أبوظبي القبض على عصابة تستولي على أموال الغير، من خلال الاحتيال العقاري، واستغلال حاجة بعض أفراد المجتمع لتأجير الوحدات السكنية، ليقعوا ضحايا لهذه العصابة، حيث يعتمد أسلوب الاحتيال على استثمار الفيلات السكنية من الملاك مقابل شيكات مؤجلة الدفع، ومن ثم يقومون بعرضها على المستأجرين بأسعار منخفضة، لتشجيعهم على دفع المبلغ كاملاً، وبعد الحصول على المبلغ وتأجير الوحدة السكنية لعدد من الأشخاص يختفون عن الأنظار، فتضيع معهم أموال المستأجرين.

من جانبه، أكد مدير مكتب ثقافة احترام القانون في وزارة الداخلية، العميد الدكتور صلاح الغول لـ«الإمارات اليوم»، إن عمليات الاحتيال الإلكتروني تنتشر مع تطور التقنيات الحديثة وطرق الاتصال، وتأخذ أشكالاً متعددة، يلجأ إليها المحتالون للإيقاع بالآخرين والاستيلاء على أموالهم.

وأوضح أن الجهات الشرطية تتصدى لشتى أنواع الجرائم، ومن بينها الإلكترونية، بطرق وتقنيات متطورة، منها تسيير دوريات إلكترونية تجوب فضاء الإنترنت، لحجب المواقع والإعلانات المشبوهة في الاحتيال والتضليل، بالتنسيق مع الجهات المختصة، لكن تبقى إشكالية الجرائم الإلكترونية التي ترتكب من الخارج، وتمتد آثارها إلى داخل الدولة، حيث توجد تحديات في عمليات البحث والتحرّي، وتعمل الأجهزة الشرطية للسيطرة عليها من خلال التعاون المشترك مع «الإنتربول»، وأجهزة الأمن في مختلف الدول للحد من مخاطرها.

وأشار الغول إلى أن «وزارة الداخلية تعمل على تأهيل وتدريب الضباط والأفراد العاملين في مجال مكافحة الجريمة الإلكترونية بشكل منتظم ومستمر، سواء أكان ذلك بالتدريب الداخلي أم الخارجي، وحضور الدورات والمؤتمرات ذات الصلة، لتنمية الخبرات والمهارات، ومواكبة المستجدات بتطبيق الممارسات العالمية». وأكد أن «هؤلاء المجرمين يستغلون التطور التقني والأساليب المستحدثة التي تلجأ إليها المؤسسات المالية والأفراد في التعامل مع حساباتهم وإدارة تجاراتهم، وتحويل أموالهم عبر العالم، فينفذون من ثغرات أمنية، بسبب عدم حذر المستخدمين، أو لجهل البعض بالتقنيات اللازمة للحماية عبر الإنترنت». وأشار إلى أن «المحتالين يستخدمون مواقع مزيفة، أو برامج ضارة وفيروسات أو رسائل مضللة عن طريق البريد الإلكتروني، بتقليد العلامات التجارية ومواقع المنشآت الموثوق بها، بهدف سرقة المعلومات الشخصية، مثل أسماء المستخدمين، وكلمات السر، وأرقام بطاقات الائتمان، ومنها الإعلان عن وظائف وهمية لشركات ومؤسسات تعليمية». وحذّر الغول من العقوبات المترتبة على عمليات الاحتيال الإلكتروني، إذ شدد المشرِّع الإماراتي على عقوبة جريمة الاحتيال الإلكتروني الواردة في قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، حيث «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة واحدة ولا تزيد على ثلاث سنوات، والغرامة التي لا تقل عن 250 ألف درهم ولا تجاوز مليون درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استولى لنفسه أو لغيره بغير حق على مال منقول أو منفعة أو على سند أو توقيع هذا السند، وذلك بالاستعانة بأي طريقة احتيالية، أو باتخاذ اسم كاذب، أو انتحال صفة غير صحيحة عن طريق الشبكة المعلوماتية أو نظام معلومات إلكتروني، أو إحدى وسائل تقنية المعلومات»، بينما يعاقب المشرع في قانون العقوبات الاتحادي على جريمة الاحتيال التقليدية (غير الإلكترونية)، «بالحبس من شهر إلى ثلاث سنوات، أو بالغرامة من 1000 إلى 30 ألف درهم».

ودعا الغول كل الأفراد إلى «أخذ الحيطة والحذر من محترفي النصب والاحتيال، وعدم التسرع في دفع الأموال المطلوبة منهم، حتى لو كانت مبالغ بسيطة، إلا بعد التأكد من الشركات، أو عدم لجوء الأشخاص إلى وسائل احتيالية للاستيلاء على أموال الآخرين، وعدم التعامل إلا مع الشركات الموثوقة، التي تحمل رخصة تجارية وسجلاً تجارياً حقيقياً، يمكن التأكد منه عبر الجهات المختصة بإصدار مثل هذه التراخيص». ونصح الشركات التجارية باللجوء إلى مختصين ومستشارين في الحماية الإلكترونية، مطالباً الأفراد باتخاذ الوسائل الاحتياطية، مثل إتلاف كشف الحساب أو البيانات الشخصية غير الضرورية بشكل آمن، ومراقبة الحسابات بشكل دوري، وتتبع الحركات المالية بدقة، وألا يحملوا بيانات حساسة في أوراق في المحفظات، مثل أرقام السر، والاشتراك في برامج الرسائل التي توفرها المصارف والبنوك المحلية، واستخدام بطاقات ائتمان مخصصة للشراء عبر الإنترنت ذات سقف مالي منخفض.

وأضاف أن «على الأشخاص عدم الاحتفاظ بالأرقام السرية على الهواتف أو أجهزة الكمبيوتر المعرضة في أية لحظة للقرصنة، والتأكد عند استخدام الحسابات المصرفية عبر الإنترنت من الخروج التام منالحساب، والحرص على متابعة أي أشخاص من أي حركات مشبوهة وقت التعامل مع البنوك أو وقت سحب الأموال، والانتباه إلى وجود أشياء غريبة أو غير اعتيادية، مثل الأسلاك الظاهرة أو شرائط بلاستيكية في ماكينات الصرف الآلي، إذ يجب الحذر والتبليغ الفوري».

تويتر