دراسة أمنية تؤكد أن النساء أكثر ميلاً لعدم الإبلاغ عن الجرائم المرتكبة ضدهن

٪94.4 من جرائم السمعة فـي الـــدولة لا تصل الشرطة

كشفت شرطة دبي أن 34.4٪ من الجرائم التي ترتكب ضد مواطنين في الدولة، لا يبلغون أجهزة الشرطة عنها، مؤكدة أن النساء أكثر ميلاً لعدم الابلاغ عن الجرائم المرتكبة ضدهن، موضحة أن 94.4٪ من جرائم السمعة لا يتم الإبلاغ عنها، بينما لا يتم الإبلاغ عن 90٪ من جرائم العرض و66٪ من جرائم الخدم.

فيما أكد الاتحاد النسائي العام، أن تدشين شرطتي أبوظبي ودبي، خطوطاً ساخنة، أخيراً، لتلقي شكاوى القضايا ذات الحساسية سيسهم في التعرف إلى أعمال العنف في الدولة، خصوصاً ضد النساء.

قياس العنف

قال المدير العام للمركز الوطني للإحصاء، راشد خميس السويدي، إن دولة الإمارات تقدمت إلى اللجنة الإحصائية التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي بمبادرة تهدف إلى تحديد مؤشرات قياس ظاهرة العنف ضد المرأة، في إطار الخصوصية الحضارية والثقافية التي تتميز بها بلدان العالم الإسلامي.

وأضاف أن المبادرة الإماراتية جاءت في إطار المساعي الدولية التي تقودها منظمة الأمم المتحدة لبحث تداعيات ظاهرة العنف ضد المرأة، من خلال تشكيل فريق إحصائي دولي يقدم دراسات معمقة، لمواجهة تداعيات وتحديات اختلاف الثقافات على المستوى الدولي، فضلاً عن التباين العالمي في تحديد مفهوم وتعريف ظاهرة العنف ضد المرأة.

وأضاف السويدي، خلال فعاليات ورشة العمل التي نظمها المركز بمشاركة 36 جهة حكومية بهدف مناقشة جميع الجوانب المتعلقة بموضوع العنف في الأسرة مع التركيز على العنف ضد المرأة، أن المركز سينظم ورشة عمل خليجية لمناقشة تداعيات ظاهرة العنف ضد المرأة من المنظور الإحصائي خلال نوفمبر المقبل.

وأشار إلى أن الأجهزة الإحصائية في مختلف الدول تولي حالياً اهتماماً استثنائياً بموضوع توفير إحصاءات دقيقة وملائمة عن الأسرة والمرأة، باعتبار ذلك من المدخلات اللازمة لبناء سياسات اجتماعية لحماية المجتمع وإرساء أسس تقدمه.

وأفاد مدير مركز التدريب الاحصائي، بأن المركز يبدأ العام المقبل بإجراء اول مسح شامل لقياس العنف في الاسرة، مع التركيز على العنف ضد المرأة عن طريق المسح الميداني وإحصاءات أجهزة الشرطة، ويتم حالياً إعداد استمارة البحث متضمنة 51 مؤشراً احصائياً للقياس، مؤكداً السرية التامة للمعلومات التي سيتم الادلاء بها. وأشار الى انه سيتم تقسيم النساء الى اربعة أعمار قبل الـ17 عاماً والمتزوجة وغير المتزوجة والكبيرات في العمر، إذ ثبت ان بعضهن يتعرضن للعنف، مشيراً إلى أن تحسين أدوات قياس العنف ضد المرأة تعد الخطوة الأولى، لتعزيز القدرات الوطنية التي تهدف إلى وضع سياسات وطنية شاملة تعالج القضية بفاعلية.

وأكد المركز الوطني للإحصاء، أنه سيجري العام المقبل، أول مسح شامل لقياس العنف في الأسرة، خصوصاً ضد النساء مع المطالبة بوضع تعريف للعنف يناسب الثقافة والتقاليد الإماراتية.

وتفصيلاً، قال مدير مركز دعم اتخاذ القرار في شرطة دبي، الدكتور محمد مراد عبدالله، خلال ورشة عمل نظمها المركز الوطني للإحصاء، أمس، حول قياس مؤشرات العنف ضد المرأة، إن شرطة دبي اجرت دراسة ميدانية، شملت 1895 شخصاً كشفت عن وجود اختلاف في نسب عدم الابلاغ عن الجرائم حسب نوعها، إذ جاءت الجرائم المتعلقة بالسمعة والعرض أي المتعلقة بالشرف على رأس هذه الجرائم التي لا يتم الإبلاغ عنها.

وأكد أن الدراسة كشفت أن نسبة عدم الإبلاغ عن جرائم السمعة 94.4٪، وجرائم العرض 90.5٪، يليها جرائم الخدم بنسبة 66.7٪ ثم الاعتداءات البسيطة 66٪، ولا يتم الابلاغ عن 60.9٪ من جرائم السب والقذف، و50٪ من التهديد و20٪ من الاعتداءات البليغة.

وأضاف عبدالله، أن الدراسة الميدانية حول جرائم الظل في الدولة، بينت أن نسبة النساء اللاتي تعرضن لجرائم بلغت 10.7٪ من المبحوثات، ونسبة اللاتي ابلغن الشرطة عن هذه الجرائم 45.7٪ منهن.

وتعرف جرائم الظل بأنها الجرائم التي تم ارتكابها، لكنها لم تتضمنها الاحصاءات الرسمية، سواء وصلت إلى علم الاجهزة الجنائية أو لم تصل.

وذكرت الدراسة أن أنواع العنف هي عنف (جسدي، وجنسي، ولفظي، وسلوكي، وأسري، وصحي، ونفسي، واجتماعي، واقتصادي).

وأشار عبدالله إلى أن التقاليد والأعراف الموروثة في المجتمعات الخليجية، تجعل المرأة والزوجة بصفة خاصة هدفاً للعنف دون السماح لها بالشكوى، باعتبار أن هذه الأمور نابعة من اعراف محلية وقيم مجتمعية وينبغي أن تظل محصورة في نطاق اسري.

وعزا عبدالله، صمت المرأة عن العنف ضدها في الدول الخليجية إلى الميل للتزاوج في نطاق الأسرة أو القبيلة والمبالغة في المهور ومتطلبات الزواج، ما يهيئ مناخاً للمشاحنات والخلافات بعد الزواج، فضلاً عن الفجوة التعليمية بين الجانبين بعد اقبال الفتيات على التعليم الجامعي وسعي شباب للتوظف والاكتفاء بالتعليم المتوسط.

وذكر أن دراسات عدة أوضحت أن تعليم المرأة لم يكن دافعاً لخفض نسبة العنف ضدها، كما أدى اتجاه المرأة للعمل إلى توافر امكانات مالية لها، وبقائها فترة طويلة خارج المنزل، ما اوجد خلافاً شديداً مع الزوج بشأن مرتبها والإنفاق على المنزل وبقائها فترات طويلة في العمل.

وعزا عبدالله صمت المرأة الخليجية إلى خوفها من نبذ المجتمع حال الشكوى، والخجل من الإفصاح عن تعرضها للعنف باعتبار ذلك يحط من كرامتها ومكانتها الاجتماعية ويؤثر في سمعتها ويمثل اتهاماً لها بالنشوز والعقوق، كذلك الخوف من غضب القائم بالإنفاق عليها خصوصاً المرأة التي لا تعمل، وضغوط الأهل الذين يرفضون رؤية ابنتهم مطلقة، بالإضافة إلى قناعة المعنفة بأن العنف الموجه لها من الأقارب دليلاً على الحب والغيرة، فضلاً عن خوف المرأة من التعرض للمزيد من الاعتداء حال الشكوى.

ولفت إلى أن هناك عدداً من المؤشرات يمكن من خلالها للمركز الوطني للإحصاء التعرف إلى نسبة العنف ضد النساء، مثل التعرف إلى نسبة المبحوثات التي يقيد ازواجهن اتصالاتهن بالأقارب من الدرجة الأولى، ونسبة من يستولي الأزواج على أموالهن، ونسبة اللاتي يتصرف ازواجهن في ممتلكاتهن، فضلاً عن نسبة النساء اللاتي يتعرضن لعنف معنوي وبدني، ونسبة النساء اللاتي أجبرن على معاشرة أزواجهن أو القيام بأعمال جنسية مخالفة دون رغبتهن.

وطالب عبدالله بتعاون جهات بحثية مع المركز لإعداد دراسات حول أعمال العنف ضد المرأة الإماراتية التي بدأت تظهر على السطح، مثل الهجر دون تطليق واستيلاء ازواج على مرتبات زوجاتهم دون رضاهن، والتحرش، وتهديد الفتيات وابتزازهن عبر الإنترنت.

من جانبه، طالب مستشار وخبير قضايا حقوق الإنسان ممثل الاتحاد النسائي العام، محمد المعايطة، بوضع تعريف واضح للعنف ضد المرأة بما يتلاءم مع الشريعة الاسلامية وقيم وتقاليد الدولة، ونشر الوعي حول حقوق المرأة ووقف العنف ضدها مهما كانت درجاته، لافتاً إلى أن تبني المفهوم الغربي للعنف سيؤدي إلى احتساب 90٪ من النساء تعرضن للعنف.

وأضاف أن نسبة ضئيلة من النساء في الدولة، يبلغن الشرطة عن تعرضهن للعنف، و90٪ من المعتدين على ثقة بأن المعنفة لن تبلغ الشرطة، ما يشجعهم على القيام بممارسات عنيفة ضد المرأة بشكل مستمر.

وأكد أن تخصيص شرطتي أبوظبي ودبي، خطاً ساخناً لتلقي الشكوى والقضايا التي تمثل حساسية على ان تظل الشكاوى سراً، سيسهم في التعرف إلى العديد من أعمال العنف في الدولة.

واعتبر المعايطة أن ظاهرة العنف، تعد من أكثر الظواهر التي تستدعي اهتمام الجهات الحكومية من ناحية والأسرة من جهة أخرى، مطالباً بمواجهتها أولاً بمعرفة حجمها الحقيقي بالأرقام، ثم الوقوف على الأسباب لاجتثاثها من جذورها.

وكان تقرير أصدرته الأمم المتحدة أخيراً، أظهر أن واحدة من بين كل ثلاث نساء في العالم تعرضت للضرب أو الإكراه على ممارسة الجنس أو إساءة المعاملة بصورة أو بأخرى، وغالباً ما تتم هذه الانتهاكات من إنسان على صلة بهن.

وأشار إلى أن من ظواهر العنف ضد المرأة إكراهها على الزواج من إنسان غير راغبة فيه، مع أن الإسلام قرر ضرورة اخذ رأي وموافقة المرأة، وشرع رؤية كل منهما للآخر قبل الزواج، ومن ظواهر العنف ضد المرأة الظواهر الخارجة عن تعاليم الإسلام وآدابه مثل التحرش الجنسي والاغتصاب، وهي ظواهر سيئة لا يقرها شرع ولا إنسانية ولا آداب.أ وأكد أن مثل هذه الظواهر تعتبر عدواناً على كرامة المرأة وحقها في الحياة الآمنة المستقرة، لافتاً إلى أن ظاهرة النشوز كما تكون عند المرأة قد تكون عند الرجل، عندما يعرض عن زوجته ويبغضها ويسيء معاملتها.

تويتر