عدم توازن مخرجات التعليم وسوق العمل يزيد البطـالة

السهلاوي: زيادة الإنفاق على التعليم كمتغير استثماري تسهم في رفع معدلات النمو الاقتصادي. تصوير: إريك أرازاس

أكد المدير التنفيذي لمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية عبدالله السهلاوي في كلمة ألقاها نيابة عن مدير عام المركز الدكتور جمال السويدي وجود خلل بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل. وقال إن عدم اتخاذ خطوات إجرائية لمعالجته سيكون سبباً في إعاقة التنمية.

وأوضح السهلاوي خلال افتتاح المؤتمر السنوي الخامس عشر لمركز الإمارات للدراسات في أبوظبي أمس، تحت عنوان مخرجات التعليم وسوق العمل في دول مجلس التعاون الخليجي، الذي تختتم أعماله غداً،أنه «إذا كانت دول المجلس متمسكة باستراتيجية الاستثمار في رأس المال البشري، فإن الإخفاق في تحقيق التوازن بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل، يعيق النجاح في هذا المجال، ويؤدي الى البطالة، ما يحتم إعادة النظر في الاستراتيجيات والسياسات المتبعة سواء في التعليم أو في تنظيم سوق العمل».

وأضاف أن «اللجنة المؤقتة لدراسة مدى توافق مخرجات التعليم مع احتياجات سوق العمل في الإمارات اكتشفت ارتفاع نسبة البطالة في صفوف خريجي الجامعات والكليات. وعزت السبب الرئيس لارتفاع هذه النسبة إلى الخلل المشترك، سواء في مخرجات التعليم أم في سوق العمل»، داعياً إلى العمل على إصلاح الخلل «في هذين القطاعين الحيويين اللذين تعوّل عليهما دول مجلس التعاون في خططها التنموية وطموحها إلى مستقبل أفضل لشعوبها».

سوق العمل

وقال السهلاوي إن هناك اعتقاداً ساد لفترة طويلة يفيد بأن سوق العمل في منطقة الخليج عامة، والإمارات خاصة، قادرة على استيعاب كل أنواع الخريجين، نظراً لاتساع سوق العمل في معظم هذه الدول، إضافة إلى أنها تزخر بأنشطة اقتصادية وتجارية متنوعة، مشيراً إلى أن مجموعة من الأسباب تضافرت لخلق المشكلة الراهنة، وأبرزها عدم مواكبة التعليم للتطورات العلمية والفنية والتكنولوجية المتسارعة، وتدني الإنفاق على التعليم بصورة تؤثر سلباً في كفاءة مخرجاته.

وأوضح أن زيادة الإنفاق على التعليم كمتغير استثماري تسهم على المدى الطويل في رفع معدلات النمو الاقتصادي من ناحية، وتزيد من معدلات استيعاب القوى العاملة لمخرجات النظام التعليمي وخفض البطالة من ناحية أخرى، لافتاً إلى أن التراجع عن أساليب التخطيط الاستراتيجي بشكل عام والتخطيط المتعلق بسوق العمل والقوى العاملة بشكل خاص أدى إلى التخلي عن وضع الخطط التفصيلية القصيرة والمتوسطة والطويلة الأجل للربط بين التعليم والتدريب وفرص العمل، وضعف الإعداد التطبيقي للطلبة، خصوصاً خريجي التعليم العالي، إضافة إلى تراجع البحث العلمي وحصره في أغراض الترقية العلمية وليس لخدمة المجتمع.

التدريب المهني

وأكد السهلاوي أن القصور في سياسات وبرامج التدريب المهني أدى إلى الدفع بمخرجات ليس عليها طلب في سوق العمل، وأن فقدان التوافق بين مخرجات التعليم من جهة ومتطلبات سوق العمل من جهة أخرى يؤدي إلى نتائج سلبية كثيرة، من أبرزها بقاء أعداد كبيرة من المتعلمين يعانون البطالة والفراغ، ما ينتج عنه إفراز إشكالات ذات تأثيرات سلبية عميقة في البنية الاجتماعية، إضافة إلى عدم توافر الموارد البشرية الوطنية القادرة على سد احتياجات سوق العمل، ما يعني الاضطرار إلى الاستعانة بأعداد كبيرة من الأيدي العاملة الأجنبية وما يعكسه ذلك على مجمل الأنشطة الحياتية.

وأشار إلى أن دول مجلس التعاون في حاجة إلى بلورة استراتيجية تعمل على محاور ثلاثة، أولها إصلاح أو تطوير التعليم بمراحله المختلفة بما يكفل تخريج كوادر تمتلك المهارات اللازمة لشغل الوظائف المختلفة، وثانيها الاهتمام ببرامج إعادة التأهيل والتدريب، والتوسع في مجالات التعليم الفني والتدريب المهني، وزيادة الطاقة الاستيعابية في مؤسسات التعليم المعنية في التخصصات التي تتطلبها سوق العمل، وثالثها إشراك القطاع الخاص في تنظيم المسارات الدراسية التي تلائم الاحتياجات الفعلية لسوق العمل، وتوجيه الطلاب إلى التخصصات التي تتوافر لخريجيها فرص العمل الواسعة، مع ربط التخصصات في كليات خدمة المجتمع والمعاهد العليا وأقسام الجامعات العلمية وكلياتها باحتياجات سوق العمل.

ولكنه شدد على أهمية أن تعمل الاستراتيجية في الوقت ذاته على إصلاح سوق العمل ليكون ملائماً لاستراتيجية التعليم، خوفاً من تراجع اهتمام الجامعات ببعض التخصصات المهمة «لأن قصر المنظومة التعليمية لخدمة سوق العمل فقط قد يؤدي في النهاية إلى إلغاء كثير من التخصصات اللازمة للإبداع والتطوير في المجتمع».

البطالة والتوطين

وقال السهلاوي إن مؤتمر هذا العام يهدف إلى مناقشة أفضل السبل للتغلب على إشكالية المواءمة بين مخرجات التعليم وسوق العمل، حتى نستطيع أن نواجه مشكلة البطالة بين المواطنين في دول مجلس التعاون، والتوصل إلى الأسلوب الأمثل لبناء استراتيجية التوطين.

كما يهدف إلى مناقشة مشكلة يتوقف على حلها تطوير الهياكل الاقتصادية في دول مجلس التعاون الخليجي، وحل كثير من إشكالاته السياسية والاجتماعية، خصوصاً قضية التوطين وإصلاح الخلل في التركيبة السكانية وتنويع مصادر الدخل.

وأضاف أن المؤتمر يهدف كذلك إلى التوصل إلى سياسات وآليات مناسبة تضمن تحقيق التوازن بين مخرجات التعليم والاحتياجات الفعلية لسوق العمل في دول مجلس التعاون من خلال التعرف الى واقع التعليم العالي ومدى مواكبته لمتطلبات سوق العمل ودراسة متطلبات التعليم والتدريب في المستقبل، وما يعكسه ذلك على سوق العمل، ومحاولة التعرف إلى أوضاع سوق العمل في دول مجلس التعاون وتطوراته في المستقبل، والوقوف على العلاقة الوثيقة والتكاملية بين منظومة التعليم والتدريب المهني ومنظومة التشغيل ودور القطاع الخاص في تطوير التعليم، علاوة على العقبات التي تواجه سوق العمل الخليجي والتعرض إلى واقع سياسات التوطين وسوق العمل في دول مجلس التعاون ومحاولة استشراف مستقبل سوق الوظائف واحتياجاته التعليمية والتوصل إلى آلية مقترحة تتضمن المواءمة بين سياسات التدريب والتعليم التقني ومتطلبات سوق العمل وتبادل الخبرات والتجارب بين المعنيين وتعميم الفائدة بين دول مجلس التعاون.

تويتر