مطالب بإحداث توازن بين مخـرجات التعليم وسوق العمل

الجامعات مطالبة بطرح شهادات تناسب التنمية الاقتصادية والاجتماعية.  تصوير: مجدي إسكندر

طالب مختصون بضرورة وجود توازن بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل، حتى لا يسيطر طرف على الآخر، داعين إلى إنشاء مجلس وطني مهمته التنسيق بينهما.

وفي التفاصيل، طالب وكيل وزارة الثقافة بلال البدور بضرورة تطويع سوق العمل في الدولة للاستراتيجية التعليمية، خشية اندثار تخصصات مهمة من الجامعات، مشدداً على أهمية إنشاء مجلس وطني للتخطيط الاقتصادي والاجتماعي، من شأنه وضع خطة متوازنة ما بين واقع العلاقة بين سوق العمل والمنظومة التعليمية في الدولة، وما يجب أن تكون عليه مستقبلاً.

واعتبر البدور أن الطلبة في الدولة ضحايا عملية سيطرة سوق العمل على المنظومة التعليمية، وباتت سوق العمل توجه اهتمامات الطلاب لدراسة تخصصات بعينها، على حساب تخصصات أخرى لابد أن تكون متوافرة في المجمتع، لافتاً إلى أن استمرار سيطرة سوق العمل على المنظومة التعليمية سيؤدي في النهاية إلى قتل روح الإبداع والابتكار لدى الطلاب.

وأكد أهمية إفساح المجال في المنظومة التعليمية أمام التخصصات كافة، دون التركيز على مجموعة محددة، موضحاً أن المجتمع كما يحتاج إلى كوادر مهنية مدربة قادرة على الدخول في سوق العمل، يحتاج أيضاً إلى أدباء ومفكرين، ومؤرخين ورجال ثقافة وسياسة، ويجب أن تركز المنظومة التعليمية في الدولة على إعدادهم، فضلاً عن تشجيع الطلاب على دراسة التخصصات المختلفة، وإيجاد فرص عمل مناسبة لهم، حتى لا تندثر هذه التخصصات.

وكانت «الإمارات اليوم»، نشرت موضوعاً عن تراجع في أعداد الخريجين من مؤسسات التعليم العالي الحكومي، في مقابل زيادة الإقبال على التعليم الخاص بنسبة 4.3٪، نظراً لتلبيتها احتياجات سوق العمل.

وتساءل البدور عن حال سوق العمل، عند اكتفائها بالتخصصات التي تحتاجها، وفاض عن حاجتها كثير من الخريجين؟ مؤكداً «أهمية إتاحة الفرص للتخصصات كافة، حتى لا يأتي يوم لا نجد فيه مدرساً أو باحثاً، أو مفكراً مواطناً، طالما الرغبة في الحصول على وظيفة، أو فرصة عمل مناسبة، باتت تتحكم في اختيار الطلاب لنوعية دراستهم في مراحل مبكرة».

«شراكة»
من جانبه اعتبر مدير جامعة الإمارات الدكتور عبدالله الخمبشي، أن العلاقة بين الجامعات وسوق العمل علاقة شراكة، مشيراً إلى أن من أهم أدوار الجامعات أنها لابد أن تطرح شهادات تتناسب مع الإطار العام للتنمية الاقتصادية، والاجتماعية في الدولة، وفي الوقت نفسه لابد أن يمتلك الطلاب القدرة على التأقلم مع متغيرات سوق العمل.

وذكر أن خريجي الجامعات كثيراً ما يتوجهون إلى وظائف قريبة من تخصصاتهم ودراستهم، من باب التكيف مع احتياجات السوق، ولم يستبعد الخمبشي إمكانية أن تزول تخصصات معينة، في حال إهمال الطلاب الالتحاق بها لحرصهم على دراسة احتياجات سوق العمل.

من جهتها أوضحت مدير عام هيئة تنمية وتوظيف الموارد البشرية «تنمية» بالوكالة فضة لوتاه، أن العلاقة بين المنظومة التعليمية وسوق العمل في الدولة مشوهة، وكلاهما يعاني الخلل، مؤكدة أهمية تعديل وإصلاح سوق العمل، لكي يعود ملائماً لمخرجات التعليم.

وأضافت لوتاه أن تجربة التطور في الدولة اتسمت بالاعتماد المكثف والمتزايد على العمالة الوافدة المستوردة من الأسواق الخارجية لسد ثغرة عرض العمالة، ما أدى إلى حدوث خلل كبير في سوق العمل، ظهر جلياً في التركيب القطاعي للسوق، حيث تهيمن عليه قطاعات تعتمد على التكثيف العمالي، مثل الإنشاءات والخدمات وكذلك التركيب التعليمي لقوة العمل (خصوصاً العمالة الوافدة) المتسم بتدني المستوى التعليمي. وأشارت إلى أن التحدي الأكبر يكمن في استعداد نظامي التعليم والتدريب في الدولة إلى توفير قوة عمل قادرة على القيام بواجبها تجاه الوطن، فمن المعروف أن المؤسسات التعليمية والتدريبية في أي دولة هي المحرك الفعلي للتنمية، وذلك من خلال توفير متطلبات سوق العمل من الكفاءات والمهارات بما يحقق أهداف الاقتصاد الوطني. وقالت لوتاه إن المتتبع لمخرجات التعليم والتدريب في الدولة يجد فجوة بين متطلبات سوق العمل والخريجين، حيث يوجد عدد كبير من الخريجين المواطنين لا يجدون وظائف مناسبة، على الرغم من حاجة البلاد المتزايدة إلى القوى البشرية المؤهلة فنياً ومهنياً. عازية ذلك إلى نقص وضعف الإعداد التطبيقي للطلبة، خصوصاً خريجي التعليم العالي، واعتماد التكوين النظري في التعليم، إضافة إلى ضمور البحث العلمي وحصره في أغراض الترقية العملية وليس أغراض خدمة المجتمع، فضلاً عن تكرار البرامج الدراسية على مستوى البكالوريوس، وعدم ترقيتها لمواكبة متغيرات احتياجات سوق العمل، وإغراق السوق بالخريجين. وترى أن عدداً من الأسباب وراء قصور مؤسسات التعليم والتدريب في الاستجابة لمتطلبات سوق العمل، منها عدم توافر استراتيجية وطنية شاملة وطويلة المدى، تعنى بالتقنية أو التعليم العلمي، الأمر الذي يجعل إعداد موارد بشرية وطنية لمجابهة التحديات المتزايدة لسوق العمل أمراً صعباً، وكذلك عدم وجود استراتيجية شاملة للتدريب، وتشتت مؤسسات التدريب، إضافة إلى عدم تقديم معظمها مستوى تدريبياً يلبي متطلبات واحتياجات سوق العمل، خصوصا القطاع الخاص، ما أسهم في تدني مستويات ومهارات الباحثين عن عمل، وعدم وجود سياسة تنسيقية موحدة تحكم مراكز التدريب وتنظم مسارات برامج التدريب فيها، بالاتجاه الذي يخدم حاجات سوق العمل ومتطلبات التنمية، كذلك عدم وجود سياسة واضحة لتشجيع المراكز التدريبية للارتقاء بمستوى برامجها، على نحو يسهم في إعداد الكوادر الوطنية التي تتطلبها الخطة الاسترايتجية لتوطين الوظائف.

ولفتت لوتاه إلى أن «تنمية» تسهم في معالجة هذا الخلل، وتعمل على تطوير مقترح إنشاء مجلس وطني للتدريب، يتولى مسؤولية رسم استراتيجيات التدريب لكل قطاعات الدولة، ويوفر الدعم المؤسسي لجميع أنشطة مزودي الخدمات التدريبية والمستفيدين منها.

تويتر