جورج قرداحي يطلق «القوة العاشرة» عـلى «إم بي سي»

جورج قرداحي: «الإعلامي الحقيقي نجم غير قابل للزوال. تصوير: أسامة أبوغانم
 

بعد نحو عامين من الصمت، حول ما أشيع عن تجاوزات وانحيازات القائمين على برنامج المسابقات الشهير «التحدي»، الذي جمع 16 فريقاً حملت أسماء بلدانها العربية، دافع مقدم البرنامج جورج قرداحي عن نزاهة البرنامج بانفعال شديد، مضيفاً في تصريحات لـ«الإمارات اليوم» «صمتّ عن مواجهة ادعاءات وافتراءات كثيرة، وٌجهت لي ولأسرة برنامج التحدي الذي أعتبره الخطوة الإعلامية الأسوأ في حياتي، لأنني لم أفطن أن جو المسابقة التي جمعت فرقاً عربية شبابية لن يختلف كثيراً عن الواقع العربي المأزوم، لذلك لم تفترض الفرق الخاسرة سوى احتمال واحد لخروجها من المسابقة، وهو نظرية المؤامرة التي اشتهرنا كعرب بتحويلها شماعة تتلقف كل إخفاقاتنا»، نافياً أن يكون هناك أي انحياز ضد الفريق الإماراتي الذي اعترض أفراده حينها على نتيجة الحلقة النهائية أمام الفريق السعودي.

 

جاء ذلك على هامش مؤتمر صحافي، عُقِد مساء أول من أمس، دبي، وحضره إلى جانب قرداحي مدير التسويق في مجموعة «إم بي سي» الإعلامية، مازن حايك، ومدير الإنتاج عبدالفتاح المصري، للكشف عن برنامج المسابقات الجديد «القوة العاشرة»، الذي سيقدمه قرداحي على شاشة «إم بي سي» مساء كل ثلاثاء، على مدار نحو عام كامل، ليكون البرنامج العربي الأضخم مالياً في فئته، حيث يصل سقف جائزته الأسبوعية إلى 10 ملايين ريال سعودي، في الوقت الذي يتبع البرنامج آلية نظيره «من سيربح المليون» في إمكانية انسحاب المتسابق من أي من مراحله العشر التي تبدأ بـ1000 ريال ثم 10000 فـ100 ألف وصولاً إلى الجائزة الكبرى في 10 مراحل فقط.
وعلمت «الإمارات اليوم» من مصدر موثوق في مجموعة «إم بي سي» الإعلامية أن الميزانية المتوقعة للبرنامج تصل إلى ما يقارب 100 مليون درهم إماراتي ، لا سيما وأن الحلقة الواحدة من البرنامج تتضمن نحو خمسة أو ستة متسابقين يتوقف كل منهم عند مرحلة معينة في مشوار الجائزة الكبرى تتطلب حصوله على مبلغ معين حسب تلك المرحلة، فضلاً عن ارتفاع قيمة عقد الشركة العالمية التي قامت بإعداد الدراسات الإحصائية على مدار عام كامل مستعينة بـ250 مراسلاً في 18 دولة عربية، يضاف إلى ذلك أجور شركة الإنتاج الخاصة، وكلفة إنشاء استوديو خاص شارك في إنجازه خبرات أجنبية، بالإضافة إلى عقد استغلال النسخة الأصلية الأميركية للبرنامج «باور أوف تين».

 

ولا تعتمد فكرة البرنامج الجديد على معلومات عامة يقينية، كما اعتاد متابعو هذا النوع من البرامج، بل هي مجموعة أسئلة تصل إلى 2400 سؤال تتعلق بنتائج إحصائية ومسوحات أجرتها إحدى شركات الأبحاث والدراسات التسويقية في 18 بلداً عربياً، ومعظمها مواضيع ذات مسحة ساخرة أو غامزة من قناة سلوك سلبي أو حتى إيجابي، ممارس على نطاق واسع عربياً، أو في دولة عربية بعينها، على شاكلة «كم نسبة الرجال العرب الذين يكرهون حمواتهم»، «كم نسبة من يقودون سياراتهم برخص قيادة منتهية الصلاحية في شوارع القاهرة»، «ما نسبة الرجال الذين يتعرضون للإيذاء بالضرب من زوجاتهم في لبنان»، «ما نسبة من يؤمن بتوافر حرية الرأي والتعبير في العالم العربي»، «كم نسبة الرجال الذين يعتبرون الزواج مقبرة للحب» وهي بالطبع أسئلة غير قطعية النسبة.

 

لذلك يسمح البرنامج بهامش خطأ مقداره 40% بين الإجابة والنسبة التي يعتبرها صحيحة وفقاً للإحصاءات المتوافرة لديهم، وهو هامش يتقلص تدريجياً كلما تأهل المتسابق لمرحلة تقربه من الجائزة الكبرى للبرنامج.

 

الاستعانة بالجمهور التي اعتاد عليها جمهور «من سيربح المليون» متوافرة أيضاً في «القوة العاشرة»، في الوقت الذي يتاح للمتسابق الاستعانة أيضاً بصديق معين يختاره هو ويصحبه في الحضور في الاستوديو، وهو ما يجعله مشابهاً لحد كبير للبرنامج الأشهر «من سيربح المليون».

 

ونفى قرداحي أن يعد البرنامج نزولاً عن سقف الجدية الذي عُرفت به البرامج التي سبق وأن قدمها في المرحلة الأخيرة، مضيفاً: «سوف يتعرى العالم العربي تماماً أمام الكثير من الأسئلة الكاشفة التي ستكون صادمة ومؤلمة أحياناً حتى وإن تمت صياغتها في قالب ترفيهي، لا سيما وأن الشرط الأساسي الذي سارت عليه موضوعات الإحصاءات أن تكون مستحدثة وغير مسبوق إنجازها عربياً، مع سعي إلى الوصول لدقة إحصائية في حدها الأعلى عبر الاستناد لقواعد الاستبيان والإحصاء العلمية، مثل تعدد الشرائح العمرية، والتنوع المناطقي للفئات المستطلعة آراؤهم، والتي وصلت إلى 18 دولة عربية، من خلال نحو 25 ألف شخص استطلعت آراؤهم، مضيفاً: «سوف نتمكن أول مرة من تكوين وجهة نظر قريبة جداً على الأقل من الحقيقة وسنلمس بشكل صادق من خلال لغة النسب والأرقام حقوقنا ومخاوفنا وطموحاتنا» .

 

 حرية سياسية

ورفض قرداحي الاقتناع بفكرة أن انغماسه المطلق في برامج المسابقات أضحى تكراراً غير مفيد له في مشواره الإعلامي مضيفاً: «لم أكن اتوقع نفسي مقدم هذا النوع من البرامج بعد انخراطي في الإعلام السياسي، لكنني حققت نجاحاً وقبولاً في «من سيربح المليون» أغراني بالاستمرار»، مضيفاً: «ليس لدي قرار بهجر تقديم البرامج السياسية بشرط أن يتم منحي حرية التطرق إلى المسكوت عنه من دون تحديد خطوط حمراء ممنوع تجاوزها، وفي هذه الحالة سأعود إلى هذا النوع الذي بدات به مشواري الإعلامي».

 

ولم ينف قرداحي أن نجاح «من سيربح المليون» لم يتكرر مع «من سيربح المليونين» أو «التحدي» و«افتح قلبك» مضيفاً: «أعتقد أن نجاح البرنامج الأول لن يتكرر بسهولة ليس معي فقط بل في الإعلام العربي بشكل عام ، أما التحدي فأنا بالفعل نادم على تقديمي له، وفي ما يتعلق بـ«افتح قلبك» فإن هناك شريحة معينة هي من تعلقت به أكثر من غيرها وخصوصاً الجمهور الأنثوي الذي تفاعل مع الحالات الإنسانية التي وردت فيه بشكل مؤثر.

 

وقال: «النجم الإعلامي الحقيقي لا يمكن أن يسير على وتيرة واحدة دائماً، فقد يبتعد أحياناً ويخفت أحياناً أخرى لكنه أبداً لا يزول، وهذا يتوقف على قدرته على مواكبة المستجدات وتطوير ذاته من خلال تنوع مطلوب، حتى ولو لم يخرج عن جنس معين من البرامج».

 

واعترف قرداحي بوجود عقد حصري بينه وبين مجموعة إم بي سي الإعلامية يمنعه من الانخراط في برامج لصالح قنوات أخرى رافضاً أن يكشف القيمة المادية لهذا العقد مضيفاً: «إدارة إم بي سي نفسها هي من شددت على ضرورة عدم الكشف عن التفاصيل المالية للعقد، وفي حال سحبهم هذا المطلب ليس لدي مانع أن أعلنه للملأ».

 

من جانبه ألمح مدير التسويق في مجموعة «إم بي سي» الإعلامية، مازن حايك، إلى إمكانية إنتاج أجزاء متعددة من «القوة العاشرة» في حال نجاحه معقباً على سؤال لـ«الإمارات اليوم» حول الجدل الذي قد تثيره إحصائيات البرنامج في بعض الموضوعات الشائكة: «نحن مجموعة إعلامية ولسنا وزارة تخطيط، وهدفنا إعلامي في المقام الأول نسعى في إطاره إلى تقديم منتج جيد من الناحية الفنية يلاقي استحسان المشاهد والمعلن معاً، وهو ما حفزنا إلى الإقدام على هذا البرنامج الذي سعينا من خلاله إلى استثمار خبرة قرداحي الإعلامية وطاقات وإمكانات المجموعة من أجل الوصول إلى منتج متميز».

 

في الإطار نفسه اشار مدير الإنتاج في المجموعة عبدالفتاح المصري إلى اتكاء البرنامج على خبرات فرنسية موثوق بها في مجال الديكور وما يرتبط به من أمور فنية وتقنية عالية المستوى مضيفاً: «الشركة صاحبة العلامة التجارية للبرنامج أكدت أن النسخة العربية للبرنامج التي تمتلك حقها إم بي سي هي الأفضل بين 16 نسخة عالمية مختلفة للبرنامج الشهير «باور اوف تين»، الذي أجرينا تعديلاً طفيفاً على مسمّاه ليلائم الدلالة المقصودة منه عربياً».

 

أنا وأم كلثوم

برّر جورج قرداحي إصراره الدائم على تصوير كل برامجه في مصر بدءاً بمن سيربح المليون ثم «المليونين» مروراً بـ«التحدي» و«افتح قلبك» وانتهاءً بـ«القوة العاشرة» بقوله: «أشعر بحفاوة شديدة في مقابلة الجمهور المصري لي، هناك حالة خاصة لا أستشعرها إلا في القاهرة  التي أشعر فيها بمجد إعلامي يفرز لدي قناعة بأن هناك إجماعاً نادراً على شخصي كإعلامي، قريباً من ذلك الإجماع النادر في شوارع وأزقة تلك المدينة على صوت كوكب الشرق أم كلثوم».

وشدد قرداحي على أنه يتحدث عن حالة شعورية تنتابه في مصر، ربما تكون بعيدة عن واقع حاله الإعلامي المتواضع، على حد وصفه، مردفاً: «لعل عشقي لمصر وأهلها أحد أسباب نجاحي في تقديم برامج أنجزت على أرضها، لكن من المؤكد أيضاً أن الإمكانات الهائلة التي وفرتها لهذا النجاح مجموعة إم بي سي الإعلامية أحد عوامل هذا النجاح الأساسية، فضلاً عن جهود أسر العمل في كل برنامج واتكائي على ثقافة عربية إسلامية أصيلة لا تتنافى مع لبنانيتي ومسيحيتي».

 

كلّنا مستنسخون

حينما سألت جورج قرداحي عن موعد اتكائه على برنامج عربي أصيل غير مستنسخ كما هو الحال في «القوة العاشرة» الأميركي الأصل قال: «ومن منا لا يستنسخ، انظر إلى قميصك وقميصي، وما يرتديه من حولنا وما يركبونه وأدواتهم وأدواتك في العمل، فكل العرب يستنسخ، فلماذا إذاً نطالب الإعلام بأن يكون حالة خاصة، مضيفاً: «في مقدورنا الاحتفاظ بذواتنا على الرغم من تلك الحالة الاستيرادية، على أمل أن نكون يوماً ما مورّدين، أو على الأقل مكتفين ذاتياً، وإلى أن يأتي هذا اليوم علينا أن نعمل بما بين أيدينا».

تويتر