فلسطين في عيون سينمائية

قيس الزبيدي

 

ربما لأول مرة في العالم ستظهر فلسطين، على شاشة مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي الثاني في أبوظبي، على شاشة سينما، بمناسبة نكبتها الستينية، في برنامج تشاهد فيه أفلاماً، تتوزع على موضوعات، حفظت للناس ذاكرة شعب وسجلت مصير وطنه المقسم والمحتل!

في هذه «التظاهرة» يتعامل فنانون  من مختلف الجنسيات الأوربية مع قضية شعب، من حيث وجودها في فضاء شاسع متعدد التجارب والأماني والمنافي: من وعد بلفور الذي قاد إلى تقسيم فلسطين إلى استمرار حصار غزة الذي قاد إلى تقسيم أبناء فلسطين!

 

«كل شعب مضطهد له حق»فيلم دنماركي، صور نمو حركة المقاومة الفلسطينية على ارض عربية، لبنان، في عام 1975 و«فرويد الشاب في غزة» فيلم سويدي، صور في الأعوام الثلاثة الأخيرة (في أول عرض عالمي له) يعكس حالة التشوش والهياج في نفوس المواطنين على ارض فلسطينية، غزة المحاصرة!

 

نشاهد أيضا فيلما آخر من السويد، يسجل حصار غزة عبر سيرة حياة عائلة فلسطينية من عام 1948 إلى عام .1984 حاولت إسرائيل منعه وأقامت  دعوى قضائية ضد التلفزيون السويدي الذي عرضه في حينه، ومع أن إنتاجه سبق الانتفاضة الأولى، لكنه كان بمثابة إعلان لها! يأتي معه فيلم «أصوات من غزة» من المملكة المتحدة، ليبرهن بدوره، كأول فيلم تسجيلي، بداية انتفاضة حجارة، قارعت جيش الاحتلال بأيـد عاريـة، انتفاضة وضعت فلسطين على طريق الحرية.

أما الفيلم الألماني «فلسطين في اللهب»، فيبحث بدوره في الخلفية التاريخية والسياسية لتلك الانتفاضة، أنتج بمناسبة دخول المقاومة الفلسطينية مرحلة جديدة، بعد 70 عاماً من إعلان بلفور، وبعد 40 عاماً من خطة الأمم المتحدة لتقسيم فلسطين، وبعد 20 عاماً من حرب الأيام الستة!

 

كذلك يبحث فيلم «أربع ساعات في شاتيلا، عاشق فلسطين» السويسري ديندو في شاتيلا، التي حفزت جان جينيه إلى تسليط الضوء على الثورة الفلسطينية: هزيمتها، وخسارة الوطن عبر شابة فرنسية-جزائرية تبحث أيضا، بعد أن قرأت الكتاب، عن العاشق في مخيم المنفيين!
من ايطاليا «كل يوم - رحلة في فلسطين» و«رسالة من فلسطين» يتناول أولهما حياة الناس اليومية في الأراضي المحتلة، ليكتشف، كيف أن وعد أوسلو بتحقيق الدولة الفلسطينية يلوح، بسبب إحباط الناس وغضبهم، مثل سراب خادع! أما ثانيهما فيشكل ظاهرة استثنائية في الإنتاج السينمائي، ليس لأنه يعرض وجهة نظر اليسار الإيطالي في التعبير عن تراجيديا ناس الأراضي المحتلة، إنما لأنه صُور من قبل إحدى عشرة مجموعة سينمائية خلال أسبوع واحد من دون انقطاع، من 3 إلى 10 يونيو 2002، في مناطق فلسطين الملتهبة وساهم في إخراجه اتوره سكولا!

يتألف البرنامج من أربعة عشر فيلما: ثلاثية «ارض الآباء»، أخرجها، على مدى سنوات المخرج الهولندي العالمي جورج سلويزر في بداية عمله السينمائي، وفيلما لمخرجة كندية مرموقة هيلين كلوداوسكي، وهي ذات خبرة بالعمل في مناطق النزاعات، حققت «أطلق وابكي» قبل الانتفاضة الأولى مباشرة.

 

ويذهب المخرج روبرت كريغ، اخرج مجموعة أفلام عن فلسطين، في طريق آخر يتحدث فيه رواد حركة السلام في إسرائيل كيف وجدوا طريقهم من أوروبا إلى إسرائيل، وكيف وجدوا في إسرائيل طريقهم إلى فلسطين! يشارك في التظاهرة اغلب المخرجين، ليناقشوا مع جمهور المهرجان تجربة عملهم الفكري والفني في قضية سياسية، ستبقى تشغل الناس في العالم!

 

 alzubaidi@surfeu.de

تويتر