الجديد الغائب

أحمد السلامي

لا تخلو الصفحات الثقافية في الجرائد العربية من أخبار عن صدور كتب جديدة تحمل أغلقتها أسماء لامعة وعناوين تغري بالقراءة، لكن القارئ العربي يشعر بالحسرة لأن توزيع الكتاب الجديد يظل محصوراً في بلد النشر، ولحل هذه الإشكالية لا يمكن التعويل على المعارض السنوية للكتاب التي تشهد تفاوتاً في حجم مشاركة دور النشر من عاصمة عربية لأخرى، ومن غير المعقول الاكتفاء بجعل هذه المناسبة السنوية اليتيمة هي الآلية الوحيدة لتسويق الكتاب في منطقة يتحدث سكانها لغة واحدة ولا يحسنون استثمار هذه الميزة لتوفير مساحة أوسع لتلقي المنتج الثقافي المشترك، باستثناء توحدهم أمام شاشات التلفاز لمشاهدة المسلسلات وأغاني الفيديو كليب.

ولا يتوقف فشل تسويق المنتج الثقافي على الكتاب فقط، لكنه يشمل مجلات ودوريات شهرية وفصلية عزلت نفسها في محيط ضيق، أو أجبرتها قلة الإمكانات على التحول إلى مشروعات محلية مهددة بالتوقف.

ومن الواضح أن تقوقع الكتاب العربي في مخازن الناشرين يعكس تعثر دور النشر في التحول إلى مؤسسات معنية بصناعة الكتاب والترويج له وتوزيعه على نطاق واسع، وبقي دورها محصوراً في تنفيذ عملية الطباعة.

أضف إلى ذلك استسلام النخبة للواقع الذي تفرضه القطرية السياسية وما تنتجه الحدود والقوانين من عوائق تحدّ من تنقل السلع الاقتصادية والثقافية عموماً.

في الأسبوع الماضي قرأت تعليقاً نشر بأحد المواقع الإلكترونية على لسان الدكتور ناصر الأنصاري رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب الذي يرى أن حل هذه الإشكالية لن يتأتى إلا من خلال إنشاء مؤسسة تختص بتوزيع الكتب في الدول العربية، ويستغرب كيف أن بعض الكتب لا يمكن الحصول عليها إلا بالاتصال بالمؤلف أو بدار النشر.

مقترح الأنصاري بإنشاء مؤسسة عربية لتوزيع الكتب فكرة عملية، لكن علينا أن لا نتوقع من وزراء الثقافة العرب المبادرة بتنفيذها، فأجندة اجتماعاتهم السابقة تحفل بمشروعات وقنوات فضائية ثقافية وخطط لم تر النور ولم يكتب لها النجاح، ويقال بتندر إن المجلس الوزاري العربي الوحيد الذي ينجح دائماً في تنفيذ قراراته هو مجلس وزراء الداخلية.

معنى ذلك أن إنشاء كيان مؤسسي لتوزيع الكتاب العربي بحاجة لمبادرة فردية لا تعتمد على التخطيط الجماعي.

في هذا السياق تحضر في البال التجربة الفريدة لدولة الكويت التي تتحف القراء العرب منذ عقود بكتاب شهري رصين المحتوى ضمن سلسلة «عالم المعرفة» التي لاتزال تواصل صدورها بانتظام يثير الإعجاب.

وهاهي دولة الإمارات تواصل منذ فترة تدشين مبادرات ومشروعات ثقافية متنوعة بهدف تشجيع المؤلفين ودعم الكتاب والمترجمين العرب من خلال الجوائز السنوية الرفيعة، ولعل في هذا التوجه النبيل ما يبشر باختمار مشروعات مستقبلية تخدم الثقافة العربية وتسهم في تخفيف عزلة الكتاب وتستجيب لتلهف القارئ على مطالعة كل جديد.

slamy77@gmail.com

تويتر