تصريحات لها أساس

عادل محمد الراشد


لم يشطح السفير الهندي لدى الدولة كثيراً عندما أعطى أبناء جاليته الدور القيادي في سوق العمل في الإمارات، ولن يكون كذلك لو وسّع هذا «الدور القيادي» في كل دول الخليج العربي، فالرجل يقف على أرقام وإحصائيات تؤكد له أن الجالية الهندية في دولة الإمارات هي أكبر جالية، وأن عدد أفرادها يفوق عدد مواطني الدولة التي يقيمون فيها أكثر من ثلاثة أضعاف، وهم متغلغلون في كل قطاعات الأعمال وزوايا المجتمع.. من البنوك، إلى قطاع البناء، إلى الصناعة، إلى الصيد، إلى المهن والحرف.. وحتى المهن المنزلية. وهذا يعني أن رعايا سعادة السفير يستطيعون في يوم يتفقون على تسميته، احتفالاً أو احتجاجاً أو حتى أخذ قسط من الراحة على المزاج، أن يوقفوا حركة الحياة، بدءاً من أسواق السمك وانتهاء بتوصيل الأولاد والبنات إلى المدارس. فما الذي يمنع سعادة السفير الهندي من التباهي والاختيال والتحدث عن «شعبه» في دولة الإمارات، وربما المنطقة قاطبة، على أنهم قاطرة التنمية وقيادة المنطقة إلى عصر المعرفة وتقنية المعلومات، بعد أن كانوا كذلك لعقود طويلة في مجالات «السنبوسة» و«البرياني؟».

لا نقول ذلك من باب السخرية، بل من باب الدعوة لأخذ تصريحات السفير الهندي بالمزيد من الجدية والواقعية بدلاً من الاكتفاء بالغضب والتعبير عن الاستياء. فالسفير لم يتكلم من فراغ، بل من واقع استطاعت بلاده وبلاد أخرى، وبمساعدة منا، فرض حقائق على الأرض، جعلتهم في حقيقة الأمر شركاء بمعنى كلمة الشراكة، لا مجرد قوى عاملة، وأعطتهم حقوقاً في الاستثمار والاستئثار والتملك، ربما لا يتمتعون بها في بلادهم، وأطلقت العنان كاملاً ليكبروا ويتضخموا بعيداً عن أي حساب، وخارجاً عن أي ميزان، ودون أي «كوتة». والحبل لايزال على الجرار بمزيد من الامتيازات، ومزيد من التسهيلات، ومزيد من التراخي.. إنْ في التشريعات الغائبة، أو في الخطط التائهة، أو في الإجراءات البطيئة المتثاقلة.
 

  adel.m.alrashed@gmail.com

تويتر