من المجالس

عادل محمد الراشد

 

أيام معدودات ويهل شهر رمضان المبارك. وللاستعداد لاستقبال هذا الشهر عند مختلف الناس شؤون. فالذين يترقبون الشهر لتجديد الإيمان وتنقية الروح يجعلون من أيام شعبان مقدمات إيمانية بصيام بعض أيامه وقيام عدد من لياليه والتعود على تلاوة القرآن الكريم منه.

 

 

فرمضان عند هؤلاء يبدأ، كما يقول السابقون، مع هلال شهر رجب، ودبيب خطوته يلامس الآذان، وروائح نفحاته تداعب النفوس مع بداية ذلك الشهر الحرام. فرجب وشعبان هما عتبتا الولوج إلى الشهر المعظم. في ذلك الزمان الغابر الذي لم تصل فيه الدنيا في زينتها إلى ما وصلت إليه اليوم، وكذلك في هذا الزمن الذي طغت فيه الملهيات، واختلطت فيه المفاهيم، وتداخلت فيه الشهور والأيام، يوجد ذلك النمط الذي يضع الشهر الكريم في موضعه، ويعتبره فرصة لتجديد العقد مع الله سبحانه وتعالى وتجديد المصالحة مع الذات، فيكون رمضان في نظرهم ذلك الضيف العزيز الخفيف، فيتمنون لو أن كل أيام السنة رمضان.

 

وكذلك، فإنه في ذلك الزمان الماضي، وهذا الحاضر الماثل، يوجد من يرى في رمضان طقوساً بلا روح وشعائر بلا حياة، فيفصل بين الصوم وبين معاني الصوم. والحياة عنده «مطلقة» حتى ليلة الإعلان عن قدوم هلال رمضان، وهي، أي الحياة، مفتوحة على كل الاحتمالات بمجرد الإعلان عن أفول ذلك الهلال. لذلك فإن لكل اتجاهه في الاستعداد لاستقبال رمضان. ناس تستعد بتحضير النفس والروح وتهيئة البيت والأسرة، وناس يستعدون بإطلاق بالونات اختبار رفع الأسعار، واصطياد صدمة الأيام الأولى من الصيام لمضاعفة الأرباح، وناس يستعدون بتحضير برامج الفكر والثقافة والفقه وفتح آفاق العلوم، وآخرون يستعدون بالإعلان عن عروضهم الحصرية في مسلسلات النكد وعرض الجمال المفقود، وفوازير الرقص والتعدي على حرمات الشهر. لأولئك مفهومهم للاستعداد، ولهؤلاء مفهومهم. وكل يقف على أطراف أصابعه يعد الأيام لقدوم الشهر، ولكن بعضهم يمنّي النفس لو طالت هذه الأيام، والبعض الآخر يتلهف لطي صفحات تلك الأيام.

 

 

adel.m.alrashed@gmail.com 
تويتر