أقول لكم

محمد يوسف


من تداخلت عندهم المفاهيم، واختلطت عليهم الرؤية، وتجاذبتهم الأهواء، والأفكار، ومن سيطرت عليهم اتجاهات دخيلة ومرفوضة، هؤلاء بحاجة إلى من يعيدهم إلى وعيهم، من يبين لهم حدودهم، وحدود كل إنسان تقف عند الحدود التى ارتسمت عبر معتقداتنا وموروثاتنا، حتى ولو كان ذلك الإنسان مسؤولاً نُصّب بقرار في مكان مهم، أو كان مالكاً للسلطة الممنوحة إليه، وهناك الحدود التي تفرضها الحرية الشخصية التي لا تتعارض أو تعتدي على حرية الآخرين، وهي أيضاً الحرية التي لا تخالف قانوناً أو نظاماً متبعاً ومكتسباً قوته من خلال سريانه على الجميع بعدل ومساواة، أما أن ينفذ كل مهووس بالسلطة قوانين هو اخترعها لأنها تتماشى مع هواه، فهذا قمة الاستهتار. 

 

ودعونا نعود إلى قضية النقاب الذي أيدت قرار بعض الإدارات الحساسة، وأكرر «الحساسة» حتى ينتبه الجميع، حيث يحتاج الدخول إلى تعريف واضح للهوية، ولكنني لست مع قرار هيئة الخدمات الصحية بأبوظبي باشتراط نزع النقاب عن الطبيبات الجديدات وحتى دارسات الطب بالجامعة، فمكان عمل الطبيبة هو المستشفى، وهذا مكان عام، أو كما يقول إخواننا بمصر «وكالة من غير بواب»، تدخله في اليوم ألف منقبة زائرة ومراجعة دون أن يشترط عليهن إثبات هوية،


فالهوية غير مطلوبة في الدخول إلى المستشفى، وهو ليس مكاناً حساساً وفي المقابل، هناك دوائر ومؤسسات لا تشترط مثل هذا الشرط، ويعمل الجميع فيها بروح الإخلاص، ويسود الود بينهم، فالمنقبة موجودة، والملتحي موجود وإن تميز بشكل يَنُم عن انتماء، وغيرهم موجود أيضاً، والسبب أن صاحب السلطة في المكان الآخر لم يتعسف في إصدار الأوامر والتعليمات غير الضرورية لإثبات وجوده، ربما لأنه متمكن من المكان الذي يشغله، وربما لأنه يملك مناعة قوية تحميه من ازدواجية الشخصية وانفصامها، وربما هو ليس هوائياً. 
 
تويتر