ملح وسكر

يوسف الأحمد


أبدأ من حيث انتهيت في الأسبوع الماضي، حينما أشرت إلى أنه متى ما استشعر لاعبونا بالمسؤولية وتمسكوا بالروح القتالية وجعلوا جلّ تركيزهم داخل المستطيل الأخضر سنكون حينها بألف خير. فهذا ما حدث في الكويت وما طالبنا به قبل ذلك اللقاء الذي أعادنا إلى دائرة الضوء وعزَّز فرصتنا في الصعود إلى التصفيات النهائية.

 

 فقد ظهر منتخبنا بصورته الطبيعية التي أعادت إلى الأذهان أبيض «خليجي 18»،  فحالة التوازن والانضباط التي كان عليها لاعبونا وتحديداً في الشوط الأول جعلت الكفة تميل لصالحنا، بل إنها تو ّهت لاعبي الأزرق الكويتي وكأنهم يلعبون خارج أرضهم، حيث قدمنا شوطاً مثالياً في السيطرة والاستحواذ ونقل الكرات بطريقة السهل الممتنع التي أمتعت الجمهور الكويتي قبل أن تمتعنا نحن كجماهير إماراتية.  

 

ورغم التحول الجذري الذي حدث في الحصة الثانية من اللقاء حينما انقلبت الأمور لصالح الأزرق، إلا أن ذلك لم يحد من استبسال وعزيمة لاعبينا، حيث  قاسمنا الكويتيون الأداء والنتيجة، فقد شهد الشوط سجالاً بينهما، حتى حلت الدقيقة المجنونة التي جن معها جمهور الفريقين، حيث كانت لحظة الابتسامة وتتويج المجهود ومكافأة لصبر الجماهير التي لم تنسَ حرقتها في استاد القطارة. 

 

فالنتيجة النهائية جاءت  كإنصاف لمنتخبنا الذي تعرض لظلم تحكيمي خلال مشواره في التصفيات وفي هذه المباراة أيضاً. فكالعادة لم يحالف التوفيق حكم المباراة في بعض قراراته، وللإنصاف فقد تضرر منها الفريقان، إلا أن إنصاف المستديرة قال كلمته في الأخير وكافأ الأكثر عطاءً وجهداً، ليضع منتخبنا في وضعية المتأهل الذي ينتظر الوقت فقط لاستلام ورقة تأهله رسمياً للمرحلة النهائية من ملعب القطارة بإذن الله.  

 

كثر الحديث في الآونة الأخيرة حول الصفقات الكبيرة التي تم الإعلان عنها في الشارع الرياضي خلال الأيام المنصرمة، والتي دونت انتقالات تاريخية لبعض اللاعبين بين أنديتنا الرياضية.

 


 تلك الصفقات والأرقام الفلكية أثارت الجدل والاستفهام حول حقيقتها والدوافع التي سعى من أجلها البعض، وجعلتهم يهرولون في تقديم أرقام مبالغ فيها لا تتوافق مع الواقع الذي نعيشه، وكأننا في أحد الدوريات الأوروبية التي يدفع أصحابها بناءً على أسس وعوامل مقنعة ولها أسبابها، والتي تتمثل في أهلية اللاعب وإمكاناته الفنية وعائد الاستثمار المتوقع منه. أي نعم هذه نقلة مطلوبة لعصر الاحتراف الذي نعيشه، لكن يجب أن تتم بعقل ومنطق دون أن نجعل الساحة مرتعاً للمزايدة ولمن يدفع أكثر.

 

فنحن لا نريد أن تتحول أنديتنا إلى مستودعات تخزين وتكديس للاعبين في ظل وجود آخرين قادرين لا يقلون «صنعةً» ومهارة عن هؤلاء المستقدمين من الأندية الأخرى!  ولأجل هذا فإن هناك من يتساءل عن حقيقة الأكاديميات والمدارس الكروية التي أنشأتها بعض أنديتنا وروجت لها إعلامياً بطريقة أفلام «هوليوود»، بل إنها صرفت عليها الملايين من أجل إخراج وإنتاج المواهب الكروية، إلا إنها  إلى الآن لم تحصل على الفائدة المرجوة منها، ولم نشاهد لاعباً فذاً تخرج فيها بعد مضي سنوات طويلة على إنشائها، وهو تناقض غريب، في ظل هرولة  الأندية لشراء لاعبين بالجملة لسد الثغرات والنقص الذي تعاني منه.


ليعيد السؤال نفسه مرة أخرى: ما فائدة هذه الأكاديميات والخبراء الذين يديرونها في الوقت الذي عجزوا فيه عن تقديم لاعب أو موهبة بمكانة إسماعيل والشحي ودادا أو سيف محمد.       
ya300@hotmail.com
تويتر