بين الورق وشاشة الكمبيوتر

أحمد السلامي

 
هل يمكن القول إن ثمة مواجهة قائمة بين المجلات الثقافية الورقية ونظيرتها الإلكترونية؟ هذا هو المحور الذي اشتغلت عليه الفعالية التي نظمتها دائرة الثقافة والإعلام بحكومة الشارقة الثلاثاء الماضي، وبطبيعة الحال فإن واقع الدوريات الثقافية الورقية يكشف عن استبعادها وعزلها تقنياً ووظيفياً عن بقية أدوات الإعلام والاتصال والتطورات التي حدثت في هذا المجال، فهناك دوريات ثقافية تحافظ على انتظام صدورها وتظهر بشكل فني متواضع لا يختلف عن شكل الكتاب التقليدي.
 

مع أن الحفاظ على رصانة المجلة الثقافية ونخبويتها لا يعني أن تظل معزولة داخل قالب واحد ولون واحد يعكس حالة من عدم التصالح مع العصر ومواجهته بمزاج مُعاد لجماليات الاختلاف والتنوع والمغايرة. من جانب آخر نجد أن المساحات الثقافية العربية على شبكة الإنترنت أسهمت في كسر حاجز العزلة في الوسط الثقافي العربي، كما استطاعت تحقيق قدر من الانفتاح المتبادل على مشاهد الإبداع المتوازية، وهو ما لم تستطع المجلات الورقية إنجازه إلا في حدود هامشية تميل إلى النخبة.

 كما نجحت المواقع الثقافية الإلكترونية ومعها المنتديات الأدبية في خلق حوارات مفتوحة وكتابة نصوص مشتركة، ومناقشة قضايا وهموم ثقافية اتضح مع مرور الوقت أنها هموم متبادلة، توحد المشهد الثقافي العربي، وتوحد تشخيص أزماته. وكشفت الإنترنت كذلك أن محاولات تفعيل المشهد الثقافي، كانت ولاتزال في غالبيتها محاولات وجهود فردية تفتقر لغياب الدعم وصعوبة الانتقال إلى أطر مؤسسية، فيما تواجه المجلات الورقية بدورها هذه الإشكالية وظلت مراحل ازدهارها المتقطعة رهينة جهود فردية لا تؤسس لاستمرارية في المستقبل.

ويلاحظ أن بعض الدوريات والمطبوعات الثقافية تأخرت كثيراً عن الحضور في شبكة الإنترنت ولم تواكب التحولات في المنتج الإبداعي النصي والنقدي للأجيال الأدبية الجديدة.

وفي جانب الحضور العربي الثقافي على شبكة الإنترنت نجد أن الصورة ليست وردية  تماماً، فالمساهمة العربية في تطوير محتوى الشبكة العالمية توصف بالارتباك والعشوائية، وترتكز على جهود فردية لا يواكبها أي جهد مؤسسي منظم.

أما الحديث عن مواجهة قائمة بين المجلات الورقية والإلكترونية فإنه يكتسب منطقه من منظور التوجه العالمي نحو «رقمنة» وسائل الإعلام وتوظيف وسائط «الميديا» الحديثة في نقل المعلومات والسلع الثقافية إلى المتلقي وفق آليات لا تتناقض مع الأهداف الربحية التي تحكم السوق العالمية، لكن المواجهة بين الورقي والالكتروني في المنطقة العربية ليست معنية بتسويق منتج واضح المعالم، كما أن التعاطي مع العمل الإبداعي في المنطقة العربية لا ينظر إليه بوصفه منتجاً قابلاً للتسويق، وبالتالي ليست لدى طرفي المواجهة رؤية واضحة حول بلورة وتطوير هذا المنتج ومن ثم تسويقه.
 
فالسباق بين المجلات الإلكترونية العربية لا يضع لمضمار المنافسة سوى معيار تضاعف الأرقام في مؤشر عدد الزوار، وبوسع أي منتدى إلكتروني للشعر الشعبي أن يحطم رقماً قياسياً في نسبة عدد متصفحيه الذين قد يتجاوزون عدد زوار أشهر المجلات والمواقع الثقافية، وكذلك هو الحال بالنسبة للمنتديات الإلكترونية الاجتماعية المعنية بالأزياء والماكياج والثقافة الجنسية، إذ تشهد مثل هذه المواقع إقبالاً كثيفاً من قبل مستخدمي الإنترنت العرب، وللموضوع بقية.  
 

slamy77@gmail.com  
تويتر