يوم اختصاصيي التربية الخاصة

د. أحمد الإمام

 

يعلم الجميع أن نسبة الأطفال الذين يعانون من صعوبات التعلم بمختلف أشكالها وأنواعها أصبحت تناهز 25% من مجموع الأطفال المتمدرسين بالمدارس الحكومية أو الخاصة على حد سواء؛ وهذا الواقع يطرح إشكالية التعامل مع هذه الفئة التي تشكل تحدياً كبيراً للطاقم التربوي لاحتواء صعوباتهم والمحافظة عليهم ضمن المنظومة التعليمية؛ كما يمثل هاجساً فعلياً للأبوين وكل أفراد الأسرة الذين تتدهور رفاهية حياتهم واستقرارها، بسبب التوترات المستمرة لإيجاد الحلول الناجعة لاضطراب الطفل؛ وما يزيد الأمر تنغيصاً عدم توافر المدارس المؤهلة لاستيعاب هؤلاء الأطفال، فيضطر أولياء الأمور مكرهين لإلحاق أبنائهم بمؤسسات لا تناسب نوعية حاجياتهم، وكثيرون يشتكون من الوضعية السلبية، حيث يتم تسجيل الأطفال بفصول تربية خاصة مع آخرين ذوي احتياجات خاصة، لا تتناسب مع طبيعة صعوبة الطفل، وقد ينعكس وجوده مع نوعية من الاختلالات إلى تفاقم تراجعه على جميع الأصعدة.

 

أما قلة المراكز المتخصصة في التربية الخاصة فيرجع لكونها غير مربحة مادياً وجد مكلفة، وكثير من هذه المؤسسات ذات النفع العام تجد صعوبات مادية لأداء مهامها الإنسانية السامية على أحسن وجه، كما أن هجرة المتخصصين من العمل بهذا الميدان بسبب قلة المحفزات المادية وكذا الصورة المجتمعية غير المحفزة للاستمرار في هذا القطاع؛ يضع ذلك كله المجتمع أمام مفارقة غريبة، حيث إنه يطالب بالتضامن والتكافل المجتمعي ولكنه في الوقت نفسه لا يهيئ الآليات العملية لتحقيقهما.

 

كما ينبغي التركيز على أهمية التكوين الأكاديمي العالي والمتخصص في مختلف مجالات وتخصصات التربية الخاصة والتقويم النفسي التربوي وكذا العلاج النفسي والتدخل الوقائي، لتمكين المجتمع من التعايش باحترام أمثل لحقوق مختلف الشرائح الاجتماعية.

 

مبادرة مركز دبي للتوحد بتنظيم حفل تكريم العاملين بحقل التربية الخاصة، تحت رعاية حرم صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، سمو الأميرة هيا بنت الحسين، بادرة طيبة تلقي الضوء على مجال حيوي يتطلب وضع مناهج ميدانية ومخططات علمية لرفع المعاناة اليومية عن ربع المجتمع إن لم نقل أكثر بكثير.

 

أصبحت الحاجة ملحة للتعجيل بإنشاء هيئة عليا تـُعنى بشؤون الطفولة بصفة عامة وشاملة وبمختلف جوانبها؛ وقد صدرت عن مؤتمر الطفولة الخليجي الأول والثاني توصيات اعتـُمدت للإسراع بوضع الآليات لإنشاء قطاعات عدة بحسب تنوع الاختصاصات، بما في ذلك حقوق الطفل ورعايته الأسرية وتنمية مهاراته ومعالجة صعوباته المدرسية واضطراباته النفسية؛ كما ينبغي تفادي تشتت الجهود وتوحيد العمل بين كل الجهات العاملة في حقل الطفولة، لإثراء هذه الهيئة بتظافر الخبرات والمعارف في كل مجالات التدخل لدى الطفل.  

 

مناسبة التكريم هذه الأولى بالدولة، تطرح الكثير من القضايا والتساؤلات، وتعبر عن طموحات الآباء والمدرسين وكل العاملين مع الأطفال في كل مراحل النمو، لإنشاء مرجعية مؤسسية عالية المستوى لاحتواء كل الاختلالات الحاصلة وتلك المتوقعة بسبب التغيرات المجتمعية السريعة.

تويتر