خيري دومة يخرج «البيضاء» من «سياق التخوين»


يقدم الناقد المصري، خيري دومة، قراءة جديدة لرواية «البيضاء» التي كتبها يوسف ادريس قبل نحو 50 عاماً، وتعرّض بسببها لهجوم من نقاد اليسار المصري بسبب ما اعتبروه محاباة منه للنظام. وقال دومة، الأستاذ في كلية الآداب في جامعة القاهرة، ان تردد ادريس أكثر من 10 سنوات في طبع الرواية في كتاب «بدا فعلاً وكأنه يعكس أزمة ضمير».

 

 وأضاف أن قراءة الرواية الآن خارج ذلك «السياق التخويني» الذي أحاط بنشرها يسمح بالتوصل الى نتائج مختلفة منها أنها «ليست مجرد وثيقة تاريخية أو سياسية عن فترة محددة من تاريخ مصر.. وانما قصة حب من نوع خاص» بين بطلها الطبيب اليساري المصري الشاب وحبيبته اليونانية.

 

ومضى قائلاً «تلك هي حقيقة الرواية التي تحكم بناءها كله». واعتبر دومة رواية «البيضاء» عملاً «فريداً» من نواحٍ عدة، منها أنها أكبر أعمال ادريس حجماً، وأنها لم تنشر في كتاب الا عام 1970 رغم نشرها مسلسلة في صحيفة «الجمهورية» صوت الثورة الناصرية عام 1959 الذي تعرض فيه الماركسيون للاعتقال، وهو ما ظلم الرواية وعرض مؤلفها لكثير من «الهجوم والتخوين» من قوى اليسار.

 

وأضاف دومة، في بحث شارك فيه، اول من امس، في الجلسة الأولى لندوة «يوسف ادريس.. رؤى متجددة» أن معظم نقاد اليسار رأوا في بطل الرواية نموذجاً سلبياً ليساري «بدا مرتداً ينتقد اليسار من الداخل»، وفسروا موقف ادريس (1927-1991) بأنه «يمالئ النظام».

 

والندوة التي تنظمها لجنة القصة في المجلس األالى للثقافة، تعلن في جلستها الختامية مساء اليوم «جائزة يوسف ادريس» في دورتها الثانية التي تقدم لها 70 متسابقًا. وفاز بالجائزة العام الماضي في دورتها الأولى القاص العماني سليمان المعمري.

 

وقال دومة ان هؤلاء النقاد آثروا الصمت عن الرواية حين نشرت في كتاب عام 1970 «اما لأنهم عدوها سقطة فنان كبير ويحسن الصمت عنها، أو لأنها من ـ وجهة نظرهم ـ تعد من أضعف رواياته من الوجهة الفنية»، مضيفاً ان «القلائل الذين كتبوا عنها هاجموها سياسياً، كما انتقدوها فنياً لكي يصلوا في النهاية الى هجوم سياسي».

 

 وطبعت الرواية في كتاب للمرة الأولى في بيروت عام 1970 ثم صدرت في مصر عام 1990 بمقدمة نفى فيها ادريس أنه كتبها استغلالاً لأزمة صدام الماركسيين مع نظام عبدالناصر الذي اعتقل كثيراً من رموزهم عام 1959، بل سجل أنه كتبها عام 1955، وأنها «وثيقة حيّة لفترة خطيرة من فترات الحياة في بلادنا (مصر)... ظلمت هذه القصة ظلماً كبيراً.. كانت فعلاً متقدمة على التفكير السائد بين المثقفين اليساريين آنذاك».

تويتر