أقول لكم

محمد يوسف

 

 

تتنافس البرامج الحوارية الأميركية على جذب الجمهور هذه الأيام، عبر طرح القضايا الاجتماعية المرتبطة بحياة الناس، وتأتي في مقدمة القضايا إشـكالية القيم في المجتمع الأميركي، أو كما قال أحد مرشحي الرئاسة «إحياء القيم المفقودة» معللاً ذلك بالتدهور الأخلاقي وانتشار ظاهرة الأطفال الذين يولدون خارج بيت الزوجية، الذين وصلت نسبتهم بين الأفارقة الأميركان إلى نحو 68%، بينما تسـاءلت ممثلة سمراء عن عددهم بين البيض فاكتشفت أن الإحصاءات الرسمية لم تشملهم.

 

ذلك يحدث في الولايات المتحدة، أمّ الانفتاح وكسر القيود، واجتياز الاعتبارات التي قامت عليها المدنية منذ لحظة تكون المجتمعات الحضرية، انتقالاً من حياة الغاب والعصور الحجرية، فالمجتمع مؤسسة متكاملة الأطراف والفئات، له قيادة، وله سـيادة، وله نظام وقانون، وله معتقدات يؤمن بها، سواء كانت مأخوذة من كتب منزّلة من السماء أم من بشر وضعوا أفكارهم ورؤاهم في شكل عقيدة أو مذهب أو نظام، وكانت الأسرة والبيت والفرد مكونات لترابط المجتمع واسـتمراريته، وهي - أي الولايات المتحدة - من واجهت سياسياً وعسكرياً لأكثر من نصف قرن الفكر الملحد الذي يلغي المعتقدات وكلّ دور غير دور الحزب الحاكم والسادة المتحكمين، وبقيت تحارب ذلك الاتجاه بالحفاظ على الانتماء الأسري وحقوق الأفراد والملكية وحق التربية والتعليم والالتزام والاختيار الفردي والجماعي لنوع ومضمون النظام والإدارة، واستمرت حتى انتصرت على الشيوعية، ولكنها وبعد أن اطمأنت إلى تفردها في القيادة الدولية غفلت عن شأنها الداخلي، والتفتت إلى الخارج، لتقود حملة دولية جديدة تقوم على إسـقاط كل القيم المتعارف إليها، وكان ذلك جلياً في تعاملها مع الواقع الإسـلامي، محملة هذه الأمـة تطـرف «بن لادن» ومجموعات الانحراف والتشدد، معتبرة القيم الدينية سـبباً في تفريخ أمثال أولئك الأشخاص، حتى تنبهت متأخرة بعض الشيء، ولكنها جعلت من مسـألة «اللاإيمان» قضية وطنية تناقش وتـدرس وتبحث وتفرض على كل من يريد أن يكون في موقع المسؤولية أو القيادة عندهم هناك، أمّا عند غيرهم فالأمر يختلف!!

 

 

myousef_1@yahoo.com
تويتر