الجريمة الحبرية
تثير بعض الكتابات الروائية والقصصية في مضامينها السردية احيانا شهية السؤال ان كان الروائي، يُعاني أصلا من ارهاصات نفسية، بحيث تقوده في بعض الأحايين الى انتاج الرواية القاتلة المضرجة بدم الجريمة.
ففي رواية دويستفسكي ذائعة الصيت «الجريمة والعقاب»، نستطيع ان نجزم بأن دويستفسكي قد استطاع من خلال بطل الرواية «راسكلينوف» ان يؤسس لسايكولوجيا علم النفس الخاص بالنوازع العدوانية والجرمية عند الانسان، الى الدرجة التي صار فيها بطل الرواية هذه يشكل مرجعا في دراسة سايكولوجيا الاجرام.
واذا عدنا للتعلات الحياتية التي عانى منها «أدغار الن بو» في حياته من تبدد عائلي، وفقدانه لشخصية الأب، اضافة الى الحالات النفسية القاسية التي كانت تداهمه وتجعله يذهب الى الادمان الكحولي، يُمكن لنا أن نحيل سبب مثل هذه الجرائم الحبريية المتكررة في نصوصه، الى تلك الحياة القاسية التي عاشها.
وفي الأدب العربي يمكن ملاحظة أن الروائي نجيب محفوظ قد جسّد الشخصية الاجرامية في غير عمل روائي . وفي رواية «الطريق» نلحظ أن بطل الرواية صابر يذهب الى قتل الرجل العجوز زوج عشيقته كريمة، بالساطور.
ويُمكن ارجاع اسباب اقتراف الجريمة الحبرية عند نجيب محفوظ الى الارهاصات السرية البالغة التناقض في شخصية ابن الطبقة الوسطى التي يمثلها محفوظ في حياته الشخصية وفي ادبه الروائي ايضا.
هذه أمثلة بسيطة عن الجريمة الحبرية التي يقترفها المُبدع في سرده الروائي. لكن المُدهش في هذه الجريمة التي تقترف حبريا على الورق، سرعان ما تستدعي طرفها الثالث «القارئ»، الذي ما إن يندغم في المناخ القرائي للرواية حتى يقوده سحر السرد كي يصبح بحكم إعجابه بقوة السرد الى شريك خفي في هذه الجريمة أو تلك!
khaleilq@yahoo.com |
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news