أية حرية تعبير هذه!

سالم حميد

 
لفت نظري مقالاً نُشر يوم 18 من مارس الجاري في إحدى صحفنا المحلية، طالب صاحبه السلطات الرسمية بالتدخل لوقف مهازل المدوّنات الإلكترونية، حسب وصفه، فهي فعل التمرد المشروع الذي يحقق متنفساً لإبداء الرأي المعاكس غير النافذ في المجتمع لنشر الأفكار الهدّامة!


في أحد اللقاءات الصحافية لإحدى صحفنا المحلية مع د.جمال سند السويدي، مدير مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، يوم 21 من مارس 2007، وصف فيها الصحافة الإماراتية بأنها «ملكية أكثر من الملك! فرغم مساحة حرية التعبير، إلا أن الصحافة في الإمارات تعاني أكثر من الرقابة الذاتية»!.. وهذا ما يدفعني كـ(كاتب عمود) بأن أكون في غاية التحفظ عندما أكتب أي مقال مخصص للنشر الصحافي، ولا اعترض في حال عدم الموافقة على نشر مقال معين أو حذف أو تغيير في جزئياته، فبالتأكيد مسؤولو الجريدة على دراية أكبر بما يصُح نشره وما لا يصح، وعلى الرغم من ذلك لا أزال أتلقى باستمرار الكثير من الانتقادات والقليل جداً من التأييد، ومثال على ذلك، ما حدث يوم 19 من فبراير الماضي عندما كتبت مقالاً بعنوان «فالنتاين بطعم إيرلندي»، اتهمني فيه الكثيرون بأنني أروّج للتقليعات الغربية، وتلقيتُ ردود فعل حادة وصلت إلى حد توجيه الشتائم، والغريب أن بعض أصحابها بعد أن انتهوا من كتابة شتائمهم طلبوا مني بأن أعقّب على رسائلهم!.. بماذا أعقّب؟ بتوجيه نفس الشتائم لهم؟!.. كلا يا أعزائي، لا أستطيع مساعدتكم إن كانت عقولكم غير قادرة على الفهم والاستيعاب.

 

أما إذاعة الشارقة، فاستغرب بصراحة تصرف ذلك المذيع الذي كان يتلقى انتقادات المستمعين لمقالي المذكور في اليوم نفسه الذي نُشر فيه، عندما قال بأنني لا أصلي!.. هل يعرفني هذا المذيع شخصياً ليقول ما قال؟!.. لا أعتقد بأنه يحق لأي جهة إعلامية توجيه قذف مباشر لشخص الكاتب، بل يحق لها من باب حرية الرأي انتقاد ما كتب دون التطاول على شخصه!.. ولم يكّلف ذلك المذيع نفسه حتى بالاتصال بي على الأقل لمعرفة وجهة نظري!.. لم أكن حينها متواجداً في البلاد، لكن أهلي وأصدقائي سمعوا ما وجههُ ذلك المذيع من قذف علني تجاه شخصي، ولولا طبعي المسالم لأثرتُ بعض البلبلة.

 

لا ألوم التحفظ الصحافي في الإمارات كون الأغلبية العظمى في مجتمعنا محاصرة من قبل أيديولوجيات تقف سداً منيعاً أمام كل نمو فكري، فكان المخرج عبر المدوّنات الإلكترونية، ولكن لايزال هنالك من يحرص على اسكاتها هي أيضاً لمنع حرية التعبير واخراس كل صاحب فكر حر متنور، فهل يحتاج الرأي العام إلى ضوابط قانونية لتحديد مساحة الحرية أو تحييده بمعنى أصح؟.. هل حرية الرأي بالنسبة إلى محاربيها بألا يكون للإنسان رأي؟! مقولة للمفكر المصري قاسم أمين أعجبتني: «الحرية الحقيقية تحتمل إبداء كل رأي ونشر أي فكر وترويج كل مذهب». وأخرى للناشط الأميركي مارتن لوثر كنغ عندما قال: «المصيبة ليست في ظلم الأشرار بل في صمت الأخيار».

salem@dcc.ae
  
تويتر