«فوت علينا بكره»

جورج فهيم


عندما انطلقت الحكومة الالكترونية في دبي، استبشر الناس خيراً بأن هذه الحكومة لا تتعب ولا تنام، وعلى استعداد لأن تقدم لهم كل الخدمات الحكومية التي يحتاجون إليها بسهولة وسرعة، وفي أي وقت وأي مكان، دون أن يكلفوا أنفسهم مشقة الانتقال من بيوتهم ومكاتبهم إلى الدوائر التي يتعاملون معها، وبالفعل آمن كثيرون بهذه الروح الجديدة، وأصبحت الخدمات الالكترونية جزءا لا يتجزأ من حياتهم الشخصية ونظام عملهم اليومي.


ولا أحد ينكر أن تجربة حكومة دبي الالكترونية الناجحة تضعها في الصدارة ليس على مستوى الدول العربية أو الشرق الأوسط فقط، بل على مستوى العديد من الدول الأوربية أيضا، والتي بدأت في تجربة الحكومات الالكترونية منذ زمن طويل، وهذا التقدير مثبت ومعترف به في تقارير رسمية للأمم المتحدة .


ولكن وللأسف الشديد فإن ظاهرة  تعطل مواقع الخدمات الالكترونية الحكومية تكررت خلال الفترة الماضية بوتيرة متسارعة؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر ظلت عبارة «نأسف للإزعاج، الموقع غير متاح حاليا بسبب أعمال الصيانة»، تظهر لزوار الموقع الالكتروني لهيئة الطرق والمواصلات طوال أيام عدة، وهو واحد من المواقع الحيوية المهمة التي تضمّ العديد من الخدمات الضرورية، مثل دفع مخالفات المرور، وإصدار بدل فاقد لرخص ملكية السيارات.. وغيرها من الخدمات الحساسة التي لا يتسبب تعطلها بإلحاق الضرر بالمتعاملين فقط، وإنما يحمّلهم رسوماً إضافية أيضاً، نتيجة التأخر في سداد ما عليهم.


بل إن بوابة حكومة دبي الإلكترونية ذاتها ليست محصنة ضد الأعطال، وسبق أن حُجبت خدماتُها عن الجمهور لأكثر من سبع ساعات متواصلة،  ومن حسن الحظ أن احتجاب الخدمة جاء في منتصف الليل، وهي فترة تقل فيها أعداد المتعاملين بشدة، مقارنة بأعداد المتعاملين في الفترة الصباحية.


ومن المؤكد أن إغلاق طريق وتحويل المرور فيه أو حتى إغلاق مقر دائرة خدمات حكومية، لن يشعر به سوى المارين من هذا الطريق أو المتعاملين مع هذه الدائرة، ولكن إغلاق موقع الكتروني يقدم خدمات حكومية يعلم به العالم أجمع في ظرف ثوان معدودة.


وليس هناك شك في أن تعطل المواقع الالكترونية الحكومية يعطي انطباعا سلبيا عن عمل الأجهزة الرسمية التي تمثل بصورة رسمية إمارة دبي التي استثمرت الكثير من المال والجهد والوقت، في بناء سمعة دولية متميّزة مركزا عالميا للإتقان والجودة .


ونحن بكل تأكيد مع ضرورة صيانة المواقع الالكترونية بصورة دورية، لكن الصيانة يجب ألا تكون عذرا لتوقف الخدمة، والاستراتيجيات الناجحة هي التي تضمن إجراء عمليات الصيانة الدورية في مواعيدها دون أن يؤثر ذلك في أداء الخدمات.


واذا كان من حق الدوائر الحكومية أن توضح الأسباب التي أدت إلى تعطل خدماتها الالكترونية، فمن حق العملاء أن يعرفوا لماذا تعبت الحكومة الالكترونية ونامت في منتصف الطريق، ولماذا عادت عبارة «فوت علينا بكرة» لتطلّ عليهم من جديد.

georgefahim_63@hotmail.com
تويتر