من المجالس

عادل محمد الراشد

 
الإنترنت هي وسيلة الاتصال الأحدث والأكثر تأثيراً، وربما فتكاً من بين الوسائل التي ابتكرها الإنسان عبر تعاقب الأزمان. وأهمية هذه الشبكة ليست في امتدادها العنكبوتي الذي اختزل العالم في بيت من غرف صغيرة وليس في قرية وحسب، وإنما في سقفها اللامتناهي، والذي تجاوزت حدوده كل آفاق الحرية المشروعة وغير المشروعة التي أقرتها النظم ونصت عليها أكثر الدساتير اعتناقاً لمذهب الحريات.
 
تزيد على ذلك قلة التكلفة التي تتطلبها دواعي استعمال الإنترنت من مستخدميها. وبقدر ما لهذه الوسيلة من قدرة على التأثير في الجماهير، في التجارة كما في السياسة والثقافة والعقائد، بقدر ما هي سلاح كذلك بيد الجماهير للتأثير في صانعي القرار ومؤسسات الحكم والتجار ومرافق الخدمات.
 
لذلك أصبح لمتصفحي الإنترنت صولات وجولات في توجيه مسارات الانتخابات، واستنهاض الوعي العام، وتشكيل تجمعات وقوى الضغط في القضايا الصغرى كما في أكبر القضايا.  عيالنا «ما شاء الله عليهم» في مقدمة المستحوذين على خطوط الإنترنت، ولكن لا يعرفون شيئاً عن التأثير والتعبير، فهم في هذا لا في العير ولا النفير.
 
لا ينقصهم الإحساس ولا يعدمون الشكوى، ولا تنقصهم القدرة على الانتقاد وإبداء الملاحظات، وكذلك التأييد والحماس، ولكن يرمون بكل ذلك على مائدة الغداء أو عندما يتحلقون أمام شاشة التلفزيون. وجمهورهم الوالدان اللذان يجب أن يقبلا تلك الآراء ويعملا لحل مشكلات الدنيا.
 
تلك هي الإيجابية التي لايزال أكثرنا يفتقدها في توظيف الوسائل المتاحة لخدمة ما يراه صحيحاً أو الاعتراض على ما يراه خطأ.
 
وتلك الإيجابية كانت حاضرة في اعتراض طلاب المدرسة الخاصة بدبي على وجود هوائي الهاتف النقال قريباً من مدرستهم والتي أجبرت الرئيس التنفيذي للشركة المالكة للهوائي على الذهاب للمدرسة للاستماع إلى الطلاب وتوضيح موقف شركته. موقفان في موقعين متقابلين يعبران عن مستوى الوعي وطبيعة البيئة المحيطة ودرجة تأثير التعليم.
 
adel.m.alrashed@gmail.com 
تويتر