معاقبة «المحرضين».. مبدأ قانوني جديد!!

سامي الريامي

 
غريبة جداً تلك التصريحات الصادرة من بعض المسؤولين عقب اندلاع أعمال شغب العمال في الشارقة، والتي حددت تحويل «المحرضين» من العمال إلى القضاء، وهذا يعني بالضرورة التهاون مع بقية المشاركين في أعمال ضرب وحرق وتخريب، ويعني ذلك أن ما حصل في دبي والشارقة ما هو إلا بدايات لمرحلة أكثر سوءاً وخطورة!

تحويل «المحرضين» فقط إلى القضاء، والسماح للمخربين والمشاركين في التخريب بالعودة إلى مقار سكناتهم التي أحرقوا جزءاً منها يقر مبدأً قانونياً جديداً لم تعرفه الدولة من قبل، بل ربما لا تعرفه جميع القوانين الفرنسية ولا الاسكندنافية ولا حتى قانون حمورابي، وهو معاقبة «المخطط» للجريمة فقط وإخلاء سبيل كل من نفذها أو شارك فيها، وهو بلا شك منطق غريب للغاية! ما حصل في الشارقة انتهاك خطير لسيادة وقوانين الدولة، وما لم يفهمه العمال وكثيرون غيرهم، هو وجود فرق شاسع بين المطالبة بالحقوق والمفاوضة عليها كحق مكتسب لكل إنسان يعيش على أرض الدولة.
 
وبين التعدي على سلامة وأرواح الآخرين، وحرق الممتلكات، وإثارة الشغب، وهذه الأفعال لا شك أنها جريمة كبرى تعاقب عليها جميع دول العالم من شرقها إلى غربها، بل إن الدول الأخرى، بما فيها الدول الكبرى، تعاقب «المخربين» مرتين، الأولى في موقع «الإضراب» حيث تقوم قوات الشغب باللازم دون انتظار المحاكمات والتحويل للقضاء، ومن ثم العقاب الثاني والذي تقره المحكمة بعد أن يصل إليها أصحاب الشغب وعلامات التأديب واضحة على أجسادهم!
 
أما هنا فالمسؤولون يرون أن المسألة لا تستدعي سوى محاكمة «المحرضين». ألا تعتقدون أن مثل هذا التصرف لا يمكن له أن يكون رادعاً لضمان عدم تكرار ما حدث؟ ألم يكن من الأجدى معاقبة كل من شارك في مثل هذه الأعمال التخريبية، حتى لو اضطررنا إلى الاستغناء عن الـ1500 عامل دون استثناء؟ وحتى لو فرضنا وقوع ضرر على شركة المقاولات، فإن هناك 100 طريقة لتعويضها، ومساعدتها على تجاوز الأزمة وإعطائها تسهيلات سريعة لجلب عمالة من دول أخرى، لكن في اعتقادي أن منع العمال من تكرار عمليات التخريب لا يمكن تحقيقه إلا بطريقة واحدة.. وهي تطبيق القانون!
 
أحداث الشغب في الشارقة كانت من عمال شركة متوسطة الحجم، نفذه 1500 عامل، فمن يضمن يا ترى ألا يقوم عمال بأحداث مشابهة في شركة ضخمة  لايقل عدد عمالها عادة عن 20 ألفاً؟! عمال إضراب الشارقة حرقوا سكناتهم، وكسروا آليات تابعة للشركة، وحاولوا ضرب الشرطة، فمن يضمن أن تبقى مشكلات العمال، بين جدران السكنات، وألا نُفاجأ في يوم بخروجهم إلى الطريق العام والاعتداء على المارة ونشر أعمال التخريب في وسط المدينة؟ ترى ما الذي يمكن أن يردهم عن ذلك طالما العقوبة ستلحق بـ«المحرضين» فقط!
 
لست «محرضاً» على معاقبة العمال، لكني بكل بساطة أدعو إلى تطبيق القانون لضمان احترامه. لكل إنسان الحق في المطالبة بحقه، لكنه لا يملك إطلاقا حق التعدي على سيادة وسلطة الدولة، ولا يملك أحد الحق في التخريب والتدمير وإشاعة الفوضى!   

reyami@emaratalyoum.com  
تويتر