حرب الأكاذيب


لقد كانت حرباً من الاكاذيب من البداية، ورغم ان جميع الحكومات تكذب زمن الحرب الا ان الاعلام الاميركي والبريطاني حول العراق، كان اكثر خداعاً وتزييفاً من اي صراع آخر منذ الحرب العالمية الاولى. وكانت النتيجة صورة رسمية للعراق قريبة من الخيال وعجز كبير عن التعلم من الاخطاء نتيجة عدم الاعتراف بوجودها.
 
ومع ذلك فقد وقعت الحرب نتيجة خطأ. وقبل خمس سنوات في 19 مارس 2003 ظهر الرئيس الاميركي جورج بوش على شاشة التلفزيون معلناً بدء الحرب على العراق. وكان ذلك عبارة عن محاولة غير معلنة لقتل صدام حسن عن طريق إلقاء اربع قنابل زنة كل منها طن وإطلاق 40 صاروخ كروز على منطقة زراعية تعرف بالدورة في جنوب بغداد، حيث اعتقد ان الرئيس العراقي السابق كان مختبئاً في مخبأ سري.
 
ولكن لم يكن هناك اي مخبأ وقتل مدني وجرح 14 اخرون بمن فيهم تسع نساء وطفل. وفي السابع من إبريل أسقطت القوات الجوية اربع قنابل ضخمة على منزل اعتقد ان صدام مقيم فيه. وقال نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني «أعتقد اننا قضينا على صدام حسين فقد شوهد بين الانقاض وغير قادر على التنفس»، ولكن صدام لم يصب بأذى وقتل 18 مدنياً عراقياً.
 
وعاد تشيني الى بغداد هذا الاسبوع بعد مرور خمس سنوات ليعلن عن حدوث تحسّن كبير في الامن العراقي، وفي غضون ساعات من ذلك وقعت انفجارات ادت الى مقتل اكثر من 40 شخصاً. وكانت اسوأ هذه الاكاذيب المتعلقة بهذه الحرب هي وجود اسلحة الدمار الشامل في العراق، والتي ركز عليها مناوئو الحرب وليس على التدمير الذي وقع لاحقاً.
 
ولكن الحدث الذي اثر في العراق وصاغ المشهد العراقي على الشكل الحالي هو الحرب الاهلية الوحشية في بغداد في الفترة ما بين 2006 و2007 حيث ذبح اكثر من 3000 مدني شهرياً، وانتصر بهذه الحرب الشيعة، رغم ان البيت الابيض وداونينغ ستريت رفضا مثل هذه الحرب.
 
وغالباً ما كانت الاكاذيب صغيرة مصممة من اجل مسألة اعلامية ليوم واحد وإن كانت تنكشف بعد بضعة اسابيع. وأحد الامثلة على هذه الاكاذيب والتشويه اليومي للحقائق الذي كان ينتهجه الاعلام، في الاول من فبراير من العام الجاري وقع تفجيران انتحاريان. وقيل ان امرأتين فجرتا نفسيهما في منطقيتن شيعيتين، الغزال والجديدة وقتل 99 شخصاً.
 
 وقالت الحكومة العراقية ان المفجرين يعانون من مرض اعراض داون «تخلف عقلي»، وهو الامر الذي يمكن معرفته من مجرد النظر الى رأسي منفذي العملية. وللأسف ان مثل هذه العمليات شائعة في العراق حتى انها لم تعد تثير اهتمام الاعلام خارج العراق. ولكن هذه المرة فإن موضوع مرض اعراض داون هو الذي أثار اهتمام الصحافة العالمية.
 
 وجاءت عناوين الصفحات الاولى للصحف «ان تنظيم القاعدة اكثر وحشية مما توقع الجميع». وقال مسؤولون عراقيون ان لجوء «القاعدة» الى المرضى يعني انه لم يعد لديه الكثير من المتطوعين. ومن جهتها، قالت صحيفة «التايمز»: «مريض بأعراض داون يقتل 91 شخصاً، وقال الخبر «ان امرأتين مصابتين بمرض داون نفذتا العملية عن طريق تفجيرهما عن بعد».
 
ولكن صحفاً اخرى، ومن ضمنها «الاندبندنت» ســـاورتها الشكوك بشأن هذه القصة، فكيف يمكن الحكم على اصابة منفذي العــملية بعد تعرضهما للتفجير. ومن الصعب العثور على شــاهد عيان يمكن الوثوق به في مثل هذا النوع من الحوادث.
 
عن *باتريك كوكبيرن * مراسل «الإندبندنت» في العراق
تويتر