الغرب أقل كرماً حيال طالبي اللجوء العراقيين


واحدة من سخريات القدر، ان تتأفف الدول الغربية التي ساعدت الولايات المتحدة على حربها على العراق، من استقبال طالبي اللجوء العراقيين لأراضيها. من بين أربعة ملايين عراقي نزحوا بسبب ضراوة الصراع في بلادهم لايزال الكثير منهم يعانون مرارة النزوح في مناطق شتى من العراق، بينما لجأ معظم ما تبقى منهم الى الدول المجاورة كالأردن وسورية، الا انه لا تزال هناك فئة ثالثة اكثر عرضة للمعاناة من غيرها، وفقاً لتقارير الأمم المتحدة، وفي حاجة ماسة لاستقبالهم في مناطق بعيدة عن الإقليم. حياة البعض منهم معرّضة للخطر بسبب عملهم، هم او اسرهم، في وقت من الأوقات مع الاحتلال الأميركي للعراق او مع المنظمات الإنسانية الغربية، والبعض الآخر ينتمي لأقليات عرقية او دينية: مثل المسيحيين، والفلسطينيين الذين ينظر اليهم بعض العراقيين كمتعاونيين مع النظام السابق، ومن بينهم ايضاً اؤلئك الذين لا يستطيعون كسب قوت يومهم.


وتؤكد المفوضية السامية للاجئين ان من بين 80 الى 100 الف عراقي في حاجة ماسة للاستقرار في دول خارج الإقليم. ووجدت الولايات المتحدة نفسها تحت ضغوط كبيرة لقبولهم كونها المحرّضة الأولى على الغزو، وايضاً المخدم السابق لمعظمهم. ووعدت وزارة الخارجية الأميركية سبتمبر الماضي بقبول 12 الفاً من هؤلاء على اراضيها خلال الاشهر الـ12  التالية، ومع نهاية العام الماضي بدأت السلطات الأميركية تتعامل مع اكثر من 15 الف حالة قدمتها لها الأمم المتحدة، ولكن من الناحية العملية هناك فرق بين «القبول من حيث المبدأ» وبين توطين هؤلاء النازحين، حيث لم يتم حتى الآن سوى توطين 2600 عراقي في اميركا العام الماضي. ومن بين حلفاء اميركا في الحرب من يقبل على مضض استقبال هؤلاء اللاجئين، ومنهم من يقبل عن طيب خاطر رغم امكاناته المتواضعة مثل استراليا، والتي قبلت توطين 464 عراقياً العام الماضي، بيد ان بريطانيا الشريك العسكري المهم لأميركا في حربها على العراق لم تقبل سوى 24 عراقياً، اما كندا والتي لم تشارك في الحرب اصلاً استطاعت ان تؤوي 793 عراقياً. وتفرض كل دولة تعقيدات اجرائية لاستقبال اللاجئين، حتى في الولايات المتحدة نفسها تصرّ كل وكالة من الوكالات الحكومية الادلاء بدلوها في هذا الخصوص.


وبغض النظر عن هؤلاء الذين يطالبون الأمم المتحدة بتوفير ملجأ لهم، هناك مجموعة اخرى تشق طريقها بنفسها خارج البلاد متحملة المخاطر في بعض الأحيان، ميممة وجهها شطر اوروبا واستراليا او اي مكان اخر طلباً للجوء، وعلى اي حال فإن باحثي اللجوء من العراقيين لا يقصدون ببساطة اي مكان، على الرغم من ان جميع الدول ينبغي ان تخضع اللاجئين لاختبار واحد وألا تعيد، بموجب القانون الدولي، من يطلب اللجوء الى دولته الأصلية. 
عن «الإيكونومست»
تويتر