من المجالس

عادل محمد الراشد


حادث غنتوت فتح باباً واسعاً للنقاش العام. فالحادث جديد في حجمه.. جديد في عدد السيارات المصابة فيه.. جديد في عدد الضحايا الذين اكلتهم النيران أو سحلهم الاسفلت.. وجديد في حجم الاهتمام الذي أثاره من كل شرائح المجتمع. ولذلك اختلفت الآراء بشأنه، وتضاربت وجهات النظر، وتعددت التحليلات.

فمن الناس من ألقى باللائمة، وقبل التعرف إلى الأسباب وتفاصيل الحادث، على هيئة الارصاد، ومنهم من لام ادارات المرور دون أن يقول أين وجه القصور لدى هذه الجهات، ومنهم من حمّل الضباب وأحوال الطقس مسؤولية الارواح التي أزهقت والأجساد التي أصيبت والممتلكات التي دمرت.

وحتى نكون منصفين يجب علينا الاعتراف بأن «الارصاد» يقومون بواجبهم الى حد كبير، ويوزعون نشراتهم بشكل مستمر، ولا دخل لهم بالكيفية التي تعرض بها هذه النشرات في وسائل الاعلام. وتحميل رجال المرور المسؤولية أو جزء منها فيه اجحاف لحجم الجهد الذي تقوم به هذه الشريحة على وجه الخصوص في ادائها لعملها. أما الضباب وتبعاته فذلك من ظواهر الطبيعة التي لا يمكن محاكمتها أو اصدار الاوامر لتوجيهها. بقي القضاء والقدر الذي لا مفر منه، ثم السائق الانسان الذي يستعمل الشارع، ويقود السيارة، ويفترض ان يكون مستعدا للتعامل مع الظروف المحيطة وتلك التي يمكن أن تستجد أثناء سيره على الطريق.. وهو ما يمكن أن نسميه ثقافة الطريق. هذه الثقافة يتحمل جزءا من مسؤوليتها المؤسسة الرسمية، والجزء الآخر مسؤولية السائق نفسه.

فالكثير من السائقين لايزال يتعالى على التعليمات التي تعلمه كيفية التصرف في حالات سوء الأحوال الجوية، وعند حدوث حوادث الطرق، والتجاوب مع سيارات الاسعاف. وكثير من هؤلاء يعرف المطلوب منه ولكنه لا يفعل المطلوب، اما استهتارا، واما اهمالا، واما لقلة تقدير لعواقب الامور، أو لقلة وعي وفهم. لم نكن بحاجة الى مجزرة مرورية بمستوى ما حدث في غنتوت حتى نبدأ، كالعادة وبعد كل كارثة، في المطالبة بفعل كذا وكذا. ولكن الحادث كشف مستوى الحاجة الى تحقيق ثقافة مرورية يتواضع أمامها الجميع، ويعترف بأهميتها الجميع، ويعمل على ترسيخها الجميع. فما كان ذلك ليعطل القدر، ولكن كان يمكن أن يخفف من وطأته من باب الأخذ بالأسباب.

adel.m.alrashed@gmail.com
تويتر