أقول لكم

محمد يوسف


ليتني كنت أقف أمام ذلك المسؤول «الحضاري جداً» عندما بلغني قرار مجلس الوزراء بإعادة الاعتبار للغة العربية، ما كنت سـأشمت فيه، فالشـماتة مكروهة، وما كنت سـأغمزه بابتسامة هي أقرب إلى السخرية، فالسخرية من الآخرين إهانة للسـاخر نفسـه قبل أن تكون لغيره، ولكنني كنت سـأقول له: «ألم أقـل لك ذلك؟». 


فقد دار حوار هو أقرب إلى حوار الطرشـان بيني وبين ذلك المسؤول حول آخر ما كتبت عن الاعتداء على اللغة العربية، خصوصاً ما بدأ ينتشر بين المطاعم والمحلات التجارية من رفض التعامل مع لغتنا حتى بكتابتها على قوائم الطعام، واتهمني بالانجرار خلف الماضي، قائلاً: «إذا كنت لا تزال تحمل ذرات من الاندفاع القومي الذي رسخه عبدالناصر في قلوبكم فما عليك سوى الاسـتيقاظ، فنحن في زمن العولمة، وقد ماتت تلك الحقبة التي قادتنا إلى التخلف، وانظر حولك حتى تتأكد، فهل تظن أن هذه المكاسب من العالمية سيسمح لها بأن تضيع تحت نظراتكم الضيقة التي تتعارض مع التقدم والتحضر؟ وهل تظن أن أحداً سيسمع كلامك؟». 


قلت له: نعم. وأكدتها مرات عدة؛ لقناعة تامة بأن هذه الأرض لا يمكن إلا أن «تتكلم عربي »، بالتاريخ هي أرض لا تنطق بغير العربية، بالجغرافيا هي مهد العرب والعربية، وبالسياسة هي دولة الإمارات العربية، وبالقيادة التي أنعم الله بها عليها هي عربية، فإن كنت قومياً فهذا من تربية زايد الخير والبركة على الأمة كلها، والذي لا يزال المغربي يترحّم عليه قبل الإماراتي، وهذا فخرنا ونحن نحط في كل أرض تنطق بحرف الضاد، وقومية عبدالناصر ما كانت سُبة، بل هي وسـام يعلق على الصـدور، واقرأ عن حال العرب قبل المد القومي وبعده، وانظر كيف كانت مدارس الخيام في صحراء الجزائر درعاً حصينة في مواجهة «الفرنسية» عبر تمكين الأطفال من لغة قومهم ودينهم. 


وقلت له: نعم كلنا ثقة بأن كلامنا يصل إلى من بيدهم الأمر، فنحن هنا لا نوجه بل ننبه، وندق ناقوس الخطر، وبلاد فيها خليفة ومحمد تسـتقي مكوناتها من النظرة التي عهدناها فيهما، وتمكين الانتماء الوطني والقيم والحفاظ على الهوية أطلقها رئيس الدولة قبل أن نخط سطراً، والبرنامج العملي تعده الحكومة الاتحادية وسيرى النور قريباً، ونحن نبحث عن الإدارات التنفيذية التي غفلت عن مهامها.. وها قد جاءت الكلمة الفصل من قيادتنا التي تعلمنا كل يوم كيف نمد جذورنا في أرضنا. 
 

myousef_1@yahoo.com     

تويتر