ذكرى شاعر
|
|
آخر مجموعة شعرية أنجزها صدرت بعد رحيله بعنوان «على بعد ذئب» ومن أعماله الأخرى مجموعة «استدراكات الحفلة» التي استوقفتني وأنا أطالع أعماله الكاملة.
كان ينأى بنصه بعيداً عن الوضوح والمباشرة، ويبدو الشاعر في قصائده وحيدا، يحاول الحفاظ على رأسه من السقوط.
كان هيثم قارئاً متميزاً ومتابعاً لأحدث الترجمات في الحقول المختلفة، وامتلك ثقافة بصرية وسينمائية انعكست في نصوصه بامتياز، ويكاد أن يكون الشاعر السبعيني الوحيد الذي أخلص لتجربته الشعرية واستطاع أن يلفت انتباه الأجيال الشعرية اليمنية الشابة التي لم تر في تجارب السابقين ما يستحق الاهتمام.
كتب قصيدته برؤية قلقة وباحثة عن خلود ما يضمن بقاء النص خارج لحظة الكتابة، وخارج لحظة القراءة العجولة التي تبحث عن معنىً جاهز. لذلك لا يجد القارئ في بعض نصوص هيثم ما يُطلق عليه «بيت القصيد»، كما يصعب اجتزاء الصورة الشعرية وعزلها عن السياق الكلي للنص.
يحتاج القارئ إلى إعادة قراءة نص هيثم أكثر من مرة، لتجاوز الانطباع الأولي الذي يوحي لك أنك أمام اشتغال لغوي مجرد. وهناك أيضاً البعد الإيقاعي المدروس عبر توزيع الكلمات على البياض وفق مساحات مدروسة، بغرض إيصال الحالة الانفعالية التي كتب النص في أجوائها. ويمكن أن نستثني من أعماله نصوصاً عديدة من بينها نص «هذه الرأس» الذي يتفق سياقاً وأسلوباً مع هذه الرؤية، مما يجعل هيثم أكثر قرباً من اللحظة الشعرية العربية الراهنة، عبر مقدرته على اجتراح التجريب الشعري خارج مسلمات قصيدته الوفية لأسلوبها وظروف تشكلها. slamy77@gmail.com |