من المجالس

عادل محمد الراشد


إدارة المرور في أبوظبي تقدّر ظروف أزمة المواقف، وبناء عليه فإن رجالها صاروا يقصرون تحرير المخالفات على الحالات التي تتسبب في عرقلة السير، ويغضون الطرف عن الكثير من الحالات المخالفة ولكن دون تأثير مباشر في حركة السير. وموقف الإدارة مقدّر، فهي تعمل على مبدأ «إذا أردت أن تطاع فأمر بالمستطاع»، والحصول على موقف لسيارة داخل مدينة أبوظبي، وفي مركزيتها وأمام المرافق العامة على وجه الخصوص، صار من الأمور غير المستطاعة إلا لمن ساقه الحظ الى مساحة صغيرة غادرتها سيارة أخرى للتو. وأما غير ذلك فيصبح الممنوع مشروعاً، ولا يعود أي اعتبار لأرصفة صفراء أم بيضاء، وتصبح كل المساحات هدفاً مشروعاً، وإلا نام أكثر من نصف سكان البنايات في سياراتهم.

 

ولكن هل يحقق هذا التسامح من قبل إدارة المرور الحل لمشكلة المواقف؟ بالطبع ليست «المرور» هي المعنية بالإجابة، فقد فعل المسؤولون في الادارة ما عليهم لإيجاد حل «مبتكر» ولو بشكل مؤقت، ولكن الواقع يؤكد أن المشكلة تزداد تفاقماً، وأن عدد السيارات في زيادة، والبنايات في ارتفاع، ورخص القيادة في تضاعف. فأين يكمن الحل؟ في يد أي من الجهات ترياق العلاج؟

 

المسألة إذن ترتبط بالتخطيط، ولا أقصد تخطيط الشوارع والأرصفة بالألوان والتي صار يزينها الرمادي بديلاً للأسود، وانما ببرامج التخطيط المكاني والسكاني. ومادامت الأبراج تزرع وتطاول السحاب وكأنها رويت بماء مزج بمركب «اليوريا» وذلك في المساحة نفسها التي كانت مخصصة لمبانٍ ذات ارتفاعات منخفضة، ومادامت أعداد السيارات لم تخضع بعد لحسابات المساحات والشوارع والمواقف والبيئة، ومادامت رخص القيادة متاحة لكل من يدر في خزينة الشركة المزيد من الدراهم، ومادامت الكثير من الشركات تستأجر دكاناً في بناية وتحتل بأساطيلها وسياراتها مواقف بنايات عدة، فإن الأزمة في زيادة، وسيجد رجال المرور بعد ذلك أنفسهم مضطرين للتنازل عن ثوابت مهمة في مسألة حقوق الطريق، وستتسع دائرة المسكوت عنه، وربما أصبح الكثير من الممنوع مسموحاً.  


adel.m.alrashed@gmail.com 
تويتر