شبهة الجرأة في الكتابة النسوية

خليل قنديل

 

اذا كانت المرأة وسيرتها عبر التاريخ، هي البوابة الأكيدة للحديقة الخلفية التي من الممكن دخولها، والكشف عن كل الزيف والوقار الذي من الممكن ان يتحلى به تاريخ الجماعات والشعوب الانسانية عموما، فإن كتابة المرأة إبداعيا ظلت لفترات طويلة هي بيد «الحبر الذكوري» ان جاز التعبير.


 ومن يسترجع كتابات المركيز دي ساد ود.ه.لورانس وفولتير، فسيجد أن ثمة احلالات قام بها الذكر المُبدع كي يحل في روح المرأة والتعبير عن النوازع الرغائبية، بجرأة كتابية نادرة الحدوث، الى الدرجة التي كاد ان يدفع المبدع من هؤلاء، روحه ثمنا لمثل هذه الكتابات. وقد ظلت الكتابة النسوية التي تبدع من خلالها المرأة في التعبير عن ذاتها ومكنوناتها، في حالة إقصاء قصدية وجادّة، عن الدخول في الأدب الفضائحي المكشوف الذي يُعبّر عن المكنون الجنسي عند المرأة.


وفي الوقت الذي ذهبت فيه المبدعة الغربية على اختلاف قنواتها الابداعية، الى تضاريس جسدها، وعبّرت عنه بروح طليقة وعفوية بريئة من عملية تقصد المناخات الجنسية بهدف استدراج القارئ، نحو ما أُطلق عليه ادب البورنو. فإن من يتابع بعض الكتابات الروائية العربية التي أنتجتها بعض الكاتبات العربيات، يلحظ أن معظم هذه النتاجات الروائية، تذهب نحو المسكوت عنه في المجتمعات العربية، وتثويره كتابيا بأسلوب ينتمي الى سلعنة الكتابة الروائية، وترويجها عالميا، وبترجمات لدى دور نشر غربية، هدفها الأساس إدانة المجتمعات العربية، وخدمة المؤسسات المدينية المعنية بمثل هذه الفضائحية، مع التغاضي عن المستوى الابداعي والادبي لمثل هذه النتاجات.


ومن تابع النتاجات الروائية النسوية السعودية المتسارعة والتي تمثلت في كتابات روائية مثل «بنات الرياض» و«الآخرون» و«الأوبة»، والطبعات المتتالية لمثل هذه الروايات، ولهاث دور النشر الغربية لترجمتها، لابد ان يلحظ النية القصدية في الكشف عن الفضائحي النائم في مجتمع محافظ مثل المجتمع السعودي، والرغبة المتعجلة في الشهرة والانتشار، بغض النظر عن المستوى الحقيقي لمثل هذه الكتابات الروائية. والحال ان بعض الكتابات النسوية العربية صارت تذهب الى البُنية القبلية العربية كي تُعري قيمها في كتابات صار مُعظمها يُكتب باللغة الانجليزية او بالفرنسية. والغرب الذي صار يذهب الى السرد الروائي الذي يُعدّ عربيا بمنتهى العادية بنوع من الدهشة، أخذ يُصاب برغبة في التسويق لمثل هذه الأعمال.

 

وخصوصا بعض الاعمال الروائية الخاصة بجرائم الشرف. هذه الجرائم التي أخذت حظها الوافر في الأدب العربي وفي الدراما التلفزيونية والسينمائية العربية عموما، لكنها في مثل هذا التوقيت العالمي لرصد المجتمعات العربية وثقافاتها صارت مُدهشة جدا ومطلوبة جدا! ان مثل هذه الكتابات التي تتعمّد الجرأة في البوح الجنسي تُعيدنا الى بعض الكتابات التي كانت تطبع في بيروت في ستينات  القرن الفائت وسبعيناته، دون ان تحمل اي اسم لمؤلفها.إن أقل ما يقال في مثل هذه الكتابات النسوية، انها كتابات ذات جرأة مشبوهة،جرأة لا يمكن ان تصل الى تلك الجرأة الابداعية التي كان لها  قصب السبق في خدش الواقع الاجتماعي وتجريحه بتلك الكتابة ذات الطعم النادر.
khaleilq@yahoo.com

تويتر