الشركات الأميركية تـتـخلف كثيراً عـن الركـب العالمي في التـكـنـولوجـيـا

 

يثار الكثير من الجدل حول الشركات الأميركية التي تواجه التخلف والانحسار في مجال التكنولوجيا، وبدأت الاتجاهات المقلقة في الظهور عندما أصبحت مثل هذه الشركات تتخلف عن الركب العالمي في هذا المجال، وهي التي كان العالم ينظر إليها على أنها الأولى التي تتبنى الكمبيوتر والانترنت، وينعكس ذلك جلياً في تقلص كل من الإنتاجية والربحية.

 

ويعود السبب في هذا الانتكاس المفاجئ إلى أن الشركات الأميركية تكرس معظم رأسمالها لتعزيز أنظمتها القديمة في الوقت الذي تستثمر فيه الشركات الأوروبية والآسيوية في أحدث الأنظمة، وهذه الأنظمة خلال الموجة الحالية من ابتكارات الانترنت، تفوقت في الأداء على التكنولوجيا القديمة. وتطورت مثل هذه التكنولوجيات بشكل أساسي خلال الأعوام الخمسة الماضية، ما جعل من السهل تطبيقها في الوقت الحالي. ولهذا السبب أصبح الجزء الأكبر من الأعمال الاقتصادية يتم عن طريق الانترنت، ما رفع معدلات الإنتاجية.

 

وعلى الرغم من قوة الإنتاجية الأميركية فإن أي خبير يتمعن عن قرب في الاقتصاد الأميركي يستطيع أن يكشف بعض الاتجاهات المقلقة التي تتمثل في نمو العمالة بمعدلات اكبر من نمو العائدات والأرباح على مؤشر «ستاندر اند بورز» بين 2001 و.2005 أما متوسط العائد للعامل الواحد فتخلف عن نمو العائد الإجمالي بنسبة 58%، وبالمثل فإن الأرباح لكل عامل لم تحقق سوى 75% من جملة نمو الأرباح. وبالمقارنة فإن الشركات الأوروبية على مؤشر «ستاندر اند بورز» حافظت على نمو العائد والأرباح فوق مستوى نمو العمالة، فقد نما متوسط العائد للعامل الواحد في هذه الشركات بنسبة 117% من معدل متوسط نمو العائد، وأصبحت الربحية لكل عامل بالتالي تمثل 118% من نمو الأرباح، وفي الصين صار نمو الإنتاجية أكثر بثلاث مرات عن معدلات أميركا وأوروبا. 

 

توضح «اسينتيور»، المؤسسة البحثية العالمية توضح الاختلافات البينة بين المواقف التي يتخذها التنفيذيون حيال تبني التكنولوجيا في الشركات الأميركية والأوروبية والصينية، في استبيان أجرته عما إذا كانت الشركة تريد أن تكون قيادية أو تابعة في مجال التكنولوجيا، «إن 32% من التنفيذيين الأميركيين أكدوا أنهم يريدون أن يكونوا من أوائل المتبنين للتكنولوجيا الجديدة، مقارنة بـ 70% في الصين و41% في اوروبا».


والسؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا تغيرت الشركات الأميركية تغييرا جذريا في هذا الخصوص؟ بعض التنفيذيين الأميركيين لايزالون في انتظار عائدات الموجة الأولى من الإنفاق، وآخرون يتخوفون من الآثار السيئة التي تتسبب فيها المشروعات الفاشلة على الموقع الوظيفي، وان إلغاء أي مشروع من شانه أن يتمخض عن تخفيض العمالة بدلا من مواجهة الشركة للتآكل المستمر للربحية لكل عامل.


وكثيرا ما تتردد الشركات في إنشاء أنظمة جديدة شبيهة بالمبررات التي كان مرضى القلب يرفضون بسببها إجراء جراحة قبل 30 عاما، حيث إنهم يرون أن فرص الموت البطيء  بنسبة 100% هي أفضل من فرص الموت المفاجئ بنسبة 66%. وهو ما يواجهه المديرون التنفيذيون ولهذا فإنهم ينفذون 34% من مشروعاتهم دون تعقيدات. واليوم أصبحت زراعة القلب تتم دون تعقيدات بنسبة 95% فإذا كانت أنظمة المشروعات بمثل هذه الصورة فإن الكثير من رؤوس الأموال ستتدفق في التكنولوجيا. 


وفي هذه الأثناء يستثمر الصينيون بقوة في خدمات الانترنت في شكل يشبه «قفز الضفدعة» كناية على السرعة، تماما كما تبنى اليابانيون والكوريون الجنوبيون تكنولوجيا الهاتف المتحرك، ومن خلال البحث نجد أن 70% من الشركات الصينية يتمثل الجزء الأكبر من أعمالها في خدمات الانترنت، مقارنة بـ 48% من الشركات الأوروبية و42% من الأميركية. وبما أن الشركات تستخدم هذه المعايير الجديدة للارتباط مع الأنظمة الأخرى والأشخاص والشركات فإنها استطاعت أن تقلص كلفة العمل اليدوي بمقدار عشر مستويات التكلفة الحالية، وبإمكانها أيضا أن تعدل الملامح والخدمات في زمن وجيز وتكلفة اقل.


وعلى الرغم من أن الشركات الأميركية قد تكون الأكثر إنفاقا من الشركات الأخرى في بقية أنحاء العالم، إلا أنها لا تنفق بشكل جيد. إن الإنفاق الأميركي على أساس قانون ساربانس - اوكسلي وعمليات الدمج والحيازة تستهلك معظم رأس المال الاستنسابي، وقد أخر ذلك اكتمال مشروعات مهمة جديدة وترك الأنظمة القديمة تقوم بإسناد العمليات المتقادمة في العمر. وتستطيع الشركات تحقيق إنتاجية عالية من خلال إحلالها للتطبيقات الحالية.

 

وبما أن تكنولوجيا المعلومات أصبحت النمط السائد في إنفاق رؤوس الأموال  في الولايات المتحدة فإن هذه البلاد عجزت عن الاعتراف بالفارق الكبير بين نظام الكمبيوتر والجرار، فالجرار يتقادم عمره ويستهلك خلال خمسة أعوام، وفي الوقت ذاته فإن الكمبيوتر قد يصبح قديما في ليلة واحدة مع تنزيل احدث برامج حديثة.

 

تويتر