أقول لكم

محمد يوسف


ضاعت «بولن»، فهل هي مخطوفة،أم أن حادثًا عرضيًا وقع لها ؟هل هي على قيد الحياة أم لا سـمح الله ماتت؟ رأيت الأم تتكلم والدموع تخونها حسرة وكمدًا على «بولن» 
 
وبرنامج النجوم الهوليودي يخصص لها مساحة من الوقت لتسـتدر عطف كل من يعرف شـيئًا عنها، وتعلن عن تخصيص مكافأة لمن يدلي بمعلومات أو يجدها، آملة أن تراها قريبًا، وأن تكون ابنتها الصغيرة في اسـتقبالها، وهي التي اختفت عنها عندما كانت تتجول في الحي الراقي معها. 

المذيعة يتغير شكلها، تكتم تعاطفها الواضح على قسـمات وجهها، وصاحبكم كاد يبكي متأثرًا بالجو السائد، فنحن نتعاطف بسرعة مع الأحزان، وتهزنا أشـكال المحزونين، وحمدت الله على ما أنعم به علينا من نعمة الأمان على هذه الأرض ، ودعوت للمرأة المكلومة بأن تجد ضالتها.
 
وفي لحظة خفت من رؤية صورة الضائعة، خفت لأنني أعرف بأن ملامحها سترافقني أيامًا لطبع تطبعت به، ولم أحتمل الجلوس أمام التليفزيون، هربت حتى لا أراها، وأبديت السـبب لمن يجالسـني، نهضت وابتعدت، وألهيت نفسي بأي شيء، فإذا بضحكة مجلجلة تنطلق من زميلي، ضحكة تهز المشاعر المتأثرة فتحيلها إلى غضب،

طننت أنه يضحك من ضعفي، يهزأ مني، فكاد أقرب شيء مني أن يطير في اتجاهه، فرفع يديه راجيًا أن آتي وأرى، والضحكة لا تزال تصمّ أذنيّ ، واقتربت ورأيت، وصدمت، فجلسـت ضاربًا يدًا بيد ، وكلمات لا أسـتطيع أن أقولها لكم تخرج مني دون وعي أو تركيز فيها ما فيها .
 
كلبة، هي كلبة! تلك الضائعة ليسـت سـوى كلبة! يا ويل كل المذبوحين دون ذنب، ويا حسرة الثكالى دون دمع، ويا خسـارة على حزن يمنح لمن لا يستحق ويمنع عن كل من يستحق . كلبة، تعرض على العالم كله حكاية ضياعها والبحث عنها، وترصد مكافأة، فتبكيها صاحبتها التي اشترتها، وتتباكى عليها مذيعة تسرق وقت الناس، ويخصص لها موقع يجمع أصوات المتعاطفين و المتطوعين في البحث عنها.
 
كلبه توزن بميزان الذهب، وعائلة من تسـعة أفراد تمسـح من الوجود بصاروخ حاقد يقال إنه أخطأ طريقة فتجمع اشـلاؤهـم مع التراب والحصى لتدفن دون بكاء ودون إعلان، ودون تحقيق. كلبة تسـتحق هذا، وبشـر لا يسـتــحقون غير الموت، هكذا هو منطق الفوضى لدى مالك القوة والمال والهيمنة وحقوق الإنسـان.
  
myousef_1@yahoo.com
تويتر