أقول لكم

محمد يوسف

 
 
قانون السير والمرور المعدل سيبدأ تطبيقه بعد أيام، وبالتحديد يوم 20 من هذا الشهر، وقد لفت نظري أحد الإخوة من وكلاء النيابة في المرور إلى انتباه المشرّع إلى القضية التي أثرتها حول القيادة بطيش وتهور، وما إلى ذلك من مسـميات غير واقعية، فقد عُدلت المادة (53) من القانون والتي تنص على «كل من قاد مركبة بتهور ...... » ، وحذفت كلمة  «تهور»، وهذا دليل على أن من يضع القانون يجب أن يكون دقيقًا في اختيار الكلمات، خاصة إذا ترتب على تطبيقه عقوبات ، فالعقوبة مهما صغرت لا يمكن أن تخضع إلى تهمة غير موصّفة، ولا يمكن أن تتدرج العقوبة ما بين حجز السائق والمركبة وسحب رخصة القيادة والتغريم والحبس بناءً على كلمة «دارجـة» نسـتخدمها كل يوم ألف مرة، فمن منا إذا سمع شخصًا يتحدث بحماس أو انفعال حول قضية معينة لم يصفه بالمتهور؟ ومن منا إذا رأى شخصًا يتصرف بأسلوب مخالف لطبيعة الناس والمكان لم يقل إنه «طائش»، فهل يستحق هذان المعاقبة على التهور والطيش؟ أم أنهما يجب أن يرتكبا ضررًا بحق  الآخـرين حتى نحاسبهما ؟ كأن يقوم المتهور المنفعل مثلاً بسـحب الكرسي الذي يجلس عليه وضرب من يتناقش معه فيتسـبب في إصابته بجرح، أو أن يكسر الطائش شـيئًا مملوكًا لغيره؛ هنا ، يكون الأول معتديًا بالضرب ومحدثًا إصابة بدنية للغير، ويكون الثاني متسـببًا في خسـارة للغير، وهنا أيضًا  تكون العقوبة بحجم الخطأ ، فربما يموت المصاب الأول فيكون الاتهام القتل الخطأ، وربما تتضرر مصالح الثاني فتكون الخسارة فادحة.

هـكذا نفهم القانون ، وهكذا نعرف ماذا يعني الكلام الدارج في حياتنا اليومية، والقانون يسـمو على كل ما عداه، وبدونه تكون الفوضى ويكون الانفلات. واحترامنا للقانون هو الذي يدعونا إلى التشديد على مبدأ توصيف الجرائم والجنح والمخالفات توصيفًا دقيقًا لا يحتمل التأويل ولا يخضع للتفسيرات الشخصية، ولا يشوبه القصور، ونعود لنؤكد من جديد أننا نريد أن نرى شوارعنا خالية من التصـرفات التي تحيلها في كثير من الأحيان إلى «مقابر»، ونريد انضباطًا يلفت الأنظار، وهذا يكون بثقافة يفرضها القانون، ويعمل على انتشارها رجال الشرطة، وبعدها من يخـالف قاعدة من قواعـد القـانون يتحمل جـزاء ما ارتكب بنص القانون.
  

myousef_1@yahoo.com

تويتر