الحياء


  اختارت هيئة الأوقاف «الحياء» ليكون موضوع خطبة الجمعة الأسبوع الماضي.

 وقد أحسنت الهيئة الاختيار، ولكن موعظة لمدة نصف ساعة، ولمدة واحدة، ليست كافية لوقف تلك الحملة الشرسة التي تستهدف تفكيك مفهوم «الحياء» في مجتمعنا تحت ملاءة العولمة، والحريات الشخصية وتعدد الثقافات.


 وإذا كان الخطيب قد عمل على تذكير الناس بأن الحياء ثلاثة أصناف.. حياء من النفس، وحياء من الناس، وحياء من الله تبارك وتعالى، فإن كل هذه الأركان التي تؤسس خلق الحياء قد تم الاعتداء عليها بشكل أو بآخر، ليسود مكانها لدى الكثير المثل القائل «إذا لم تستح فاصنع ما شئت».

 
فداخل البيوت صارت الفضائيات وشبكات الإنترنت تفعل الأفاعيل في تحطيم قيمة الحياء، وفي الشارع والسوق والمركز التجاري بدت الحقوق الشخصية، بمفهومها المشوّش وفهمها الخاطئ، أولى وأهم من الحق العام ومشاعر العموم، وفي مؤسسات الوظيفة العامة والخاصة اختلطت المفاهيم حتى ساد اللون الرمادي الذي غطى على الحياء، وأذهب كل معالمه.


 فأصيب الحياء وقيمته الأخلاقية وأولويته الثقافية بالكثير من الإصابات البالغة جعلته في مؤخر أولويات الكثير من الناس، هذا إن كان هناك لايزال شيء من حياء.

 
مبادرة «الأوقاف» موفقة ، ولكنها لا تكفي إذا وقفت عند حد تخصيص خطبة أو موعظة،وهي بحاجة إلى حركة أوسع بمبادرة عامة وفق برامج محددة تعيد شرح الحياء بمفاهيمه الأخلاقية والقيمية والثقافية، وتفرض في جزء منها قوانين وقرارات إجرائية تعيد للشارع والسوق والمرافق العامة قدراً أكبر من الحياء، وتقدم للزائرين والمقيمين وجه الدولة الثقافي والأخلاقي، وشروط زيارتها والإقامة فيها بشكل يحترم خصوصية نسقها الأخلاقي، ولا يتعدى على بنائها الثقافي.

   
adel.m.alrashed@gmail.com
 
تويتر