ذكرى الصمود الفيتنامي ضد أميركا.. تتجدد

 

يصادف الاسبوع المقبل مرور 40 عاما على حادثة ادت الى قلب العالم رأسا على عقب، ففي الساعات الاولى من يوم 31 يناير 1968 شن جنود الجبهة الشعبية لتحرير فيتنام الجنوبية وجيش فيتنام هجوما شاملا على الجيش الاميركي وحلفائه المحليين.

وقام المقاتلون بشن هجوم استهدف اكثر من مائة مدينة وبلدة في وقت واحد، وهو ما وصفه المؤرخ ستانلي كارنو بانه هجوم «على نحو مكثف ومفاجئ، حيث حول الحرب وللمرة الاولى من ميدانها الريفي الى ميدان جديد في المناطق المدنية في فيتنام الجنوبية»، وتعرضت المنشآت العسكرية، ومحطات الشرطة، والسجون، والمكاتب الحكومية، ومحطات اللاسلكي للهجمات. واكثر تلك الهجمات تميزا قيام 19 رجلا من الفدائيين بالهجوم على مجمع السفارة الاميركية في سايغون، حيث شنوا معركة هناك استمرت ست ساعات ونصفالساعة مثلت اكثر صور التحدي جرأة، وجرى بثها في جميع انحاء العالم.

وكانت مدينة هيون العاصمة القديمة، وثالث اضخم مدينة في الجنوب، قد تمت استعادتها للتو من قبل القوات الاميركية بعد صراع امتد من بيت إلى بيت. وارتكبت الفضائع بحق المدنيين من قبل الطرفين. ومع نهاية المعركة شرد 116ألف شخص من بيوتهم، من سكان المدينة البالغ تعدادهم 140 ألف نسمة.

وكان عدد الاصابات في صفوف جبهة تحرير فيتناموجيش فيتنام الشمالية مرعبا، وربما ان نصف الجنود الذين شاركوا في الهجوم البدائي والبالغ تعدادهم 45 الفا لقوا حتفهم. واضافة الى ذلك، فانهم لم يتمكنوا من السيطرة على اي من الاراضي التي احتلوها. وكان هدف الهجوم اطلاق انتفاضة شعبية في الجنوب. وعندما لم يتحقق لهم ذلك، نظرا الى ضعف الحزب الشيوعي في اوساط عمال المناطق المدنية، سيطر التفوق التسليحي الاميركي.

وكان الهجوم المعاكس الاميركي شرسا وعشوائيا، حيث تم سحق المناطق التي استولت عليها جبهة تحرير فيتنام الجنوبية. وخلال اسبوعين اصبح 630 الف مدني من اللاجئين. وفي السابع من فبراير عندما اعادت الولايات المتحدة الاستيلاء على مدينة باتت تعرف الآن بـ «بن تري»، قال ضابط اميركي للصحافة «بات من الضروري تدمير المدينة من اجل انقاذها»، وبعد مرور فترة قصيرة، واثناء عملية قتل المتعاونين تم تصوير قائد الشرطة في فيتنام الجنوبيةوهو يطلق النار ببرود على السجناء المقيدين.

واعترف قائد فيتنامي كبير بعد بضع سنوات بان هدف الهجوم إثارة انتفاضة شعبية، أما الاميركيون الذين كانوا يعتقدون ان تفوق جيشهم جعل النصر مسألة سهلة، باتت تساورهم الشكوك بعد الهجوم،وتغيرت آراء الناس وتعزز موقف الرافضين للحرب. ورغم ان هذا الهجوم سبب قلقا كبيرا في اوساط القيادة الاميركية إلا انه اصبح موضع الهام للملايين من الناس.

غير ان حرب فيتنام استمرت لاربع سنوات مدمرة اخرى. وبعد ذلك الهجوم تغيرت السياسة الاميركية وصار اعتمادها على القوات الجوية. وانخفض عدد القتلى في صفوف الجيش الاميركي من 16 الفا عام 1968 الى 600 عام .1972 وارتفع تعداد قتلى الفيتناميين. وطبقا لارقام الحكومة الفيتنامية فان نصف عدد ضحايا الحرب البالغ خمسة ملايين وقعوا بعد هذا الهجوم.

وهذا درس ينذر بالسوء بالنسبة للعراقيين، اذ ليس هناك ما هو اخطر من قوة امبريالية منسحبة. وتلقى الحرب في العراق الكثير من التشكيك، كما ان معظم المرشحين للرئاسة يعدون بتخفيض عدد الجنود الاميركيين في العراق. ولكن ليس هناك احد مستعد للتخلي عن هذه الحرب.

تويتر