قلة الموارد ونقص القوات يهددان مهمة «الناتو» في أفغانستان

 

خضعت عمليات حلف شمال الاطلسي «الناتو» في افغانستان لتمحيص مكثف الشهر الماضي، ويؤكد وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس ان «حلفاء واشنطن من قوات الناتو لا تتوافر لديهم الخبرة الكافية بالعمليات المضادة للمجموعات المسلحة»، في انتقاد صريح للقوات البريطانية والكندية والهولندية. في الشهر نفسه انتقد الرئيس الافغاني حامد كرزاي اداء القوة البريطانية المشكلة من سبعة آلاف جندي والعاملة في ولاية هلمند، ورفضت بريطانيا الانتقادات التي وجهها كرزاي لقواتها. وفيما بعد اوضح غيتس انه لا يقصد بحديثه قوة معينة من قوات الناتو وانما كان يتحدث عن قوات الحلف ككل.

ويجيء التساؤل عن عمليات الناتو في الجنوب بسبب تصاعد عمليات الجماعات المسلحة هناك في الوقت الذي يسود فيه الهدوء النسبي مناطق الشرق التي تسيطر عليها القوات الاميركية. ويقر الخبراء العاملون في المناطق الشرقية الأفغانية بان القوات الاميركية غيرت نظرياتها فيما يتعلق بعملياتها المضادة للمجموعات المسلحة وكما هو الحال في العراق. هذا التغيير جاء نتيجة للخبرة التي اكتسبها الضباط الارضيون من رتبة عقيد الى نقيب و«المديرون المتوسطون» في الجيش الاميركي، وايضا نتيجة للعقيدة العسكرية الجديدة التي تم نشرها عام 2006 وساعد في كتابتها قائد القوات الاميركية في العراق الجنرال ديفيد بياتروس.

يقول مدير الدراسات العملياتية، وهي المؤسسة الاميركية الاستشارية المتخصصة في الشؤون العسكرية والامنية، مارك لونسديل ان «المملكة المتحدة لديها الكثير من المادة المؤسسية في ادارة العمليات الناجحة ضد المجموعات المسلحة، وان الولايات المتحدة لم تتمكن فقط في الوقت الحالي من الوصول الى هذا الحد وانما استطاعت ايضا الحصول على الموارد الضرورية للقيام بذلك بشكل سليم».

الاختلاف في الموارد له اثره الطاغي حيث ان القادة الاميركيين على الارض حتى رتبة نقيب مخول لهم صرف مبالغ كبيرة من الاموال التي- وفقا لاحد الضباط- تحولهم الى قوة طاغية في مواقعهم، فقد انفقت الولايات المتحدة 391 مليون دولار عام 2005-2006 لتمويل هذا البرنامج المعروف بـ«الاستجابة الطارئة للقادة»، وسعت في عام 2007-2008 لتخصيص موازنة سنوية تزيد على 200 مليون دولار لهذا الغرض

هذه النقص في الموارد انعكس على الارض في شكل عجز في القوات والعتاد العسكري في الجنوب، فالقوات الكندية على سبيل المثال تعاني من عدم توافر عموديات ثقيلة، وعدم وجود قوات كافية في الجنوب، وكما يعتقد احد الضباط الاميركيين «ان هناك قوات قليلة جدا لتهدئة الاوضاع في هذه المنطقة»، حيث ان القوات تعتبر العامل الحاسم في العمليات المضادة للمجموعات المسلحة.

هذا النقص المريع في القوات جعل قوات الناتو تتفادى المخاطرة بارواحها وتدعو بدلا عن ذلك القوات الجويةللتعامل مع اي وضع، ما يعرض حياة الافغان المدنيين للخطر ويساعد على افشال العمليات المضادة للمسلحين.

كثافة القوات في الشرق غيرت من حسابات المخاطرة، ويقول الضباط الاميركيون ان قواتهم تعمل في مجموعات صغيرة، وعلى الرغم من ان مثل هذا الوضع يشكل خطورة اكبر لهذه القوات الا انه يساعدها في الاتصال بالافغان، وتقول القوات الاميركية انها تعمل بفاعلية مع قوات الامن الافغانية وشكلت وجودا دائما والذي يعتبر عاملا مهما في توفير الامن للسكان المحليين وللتنمية الاقتصادية.

ويقضي الجندي الاميركي وقتا اطول على الارض، ما يساعده على اكتساب خبرة عملية قيمة (المدة التي يقضيها الجندي الاميركي في افغانستان تصل الى 15 شهرا مقارنة بستة اشهر او اقل لقوات الناتو الاخرى).

وعلى الرغم من ذلك فان معظم هذه الاختلافات في وضع المناطق ليس لها علاقة باداء القوات، فالجنوب وليس الشرق هو المقر الايدولوجي لطالبان، كما ان السياسيين الافغان الموالين للحكومة يعتبرون اقل اهلية واكثر فسادا من رصفائهم في الشرق. ويقول الضباط الاميركيون ان بلادهم ينبغي ان تتحمل المسؤولية عن الكثير من المشكلات في الجنوب حيث ان واشنطن ركزت قواتها في الشرق منذ 2002 مكرسة جل جهدها في مطاردة القاعدة، تاركة قوات شحيحة في الجنوب، وعندما دخلت قوات الناتو البلاد عام 2006 ورثت قواتها منطقة تطورت فيها العمليات المسلحة وشهدت ازدهارا في تجارة المخدرات.
تويتر