احتفالية «النادي العربي» تضمنت ندوة عن صورة عبدالناصر في الأدب والسينما

أطفال في الشارقة يرسمون أحلام ثورة يوليو

طفل يرسم صورة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر. تصوير: أسامة أبوغانم

أحيا النادي الثقافي العربي بالشارقة، مساء أول من أمس، ذكرى ثورة 23 يوليو باحتفالية اجتماعية فنية ثقافية حضرها عدد كبير من الأسر العربية ولفيف من المثقفين والإعلاميين، بينما غاب عن اللقاء أي تمثيل دبلوماسي رسمي مصري.

بدأ الحفل بتجمع أطفال من أعمار مختلفة يحملون علم مصر وعلم الإمارات، كما رسموهما على وجوههم. وتضمن الحفل لوحة استعراضية، اضافة الى ورشة رسم حر عبر فيها الاطفال عن افكارهم واحلام ثورة يوليو التي غيرت التاريخ.

وقال سكرتير النادي والمشرف على الأنشطة، محسن كامل «حرصنا هذا العام على إعطاء الحفل طابعا فنيا وثقافيا، لكي يكون أكثر جذبا للجمهور، خصوصا الأطفال الذين يصابون بالملل سريعا».

وأشار كامل إلى حرص النادي على متابعة الأحداث العربية المهمة والمؤثرة في التاريخ من أجل إحيائها والتذكير بها، أيا كانت مصرية أو فلسطينية أو إماراتية. ولعل فكرة المرسم الحر هي الأكثر قربا إلى الأطفال حيث أخذوا يعبرون عن أنفسهم برسم بورتريهات شخصية للزعيم الراحل جمال عبدالناصر أو العلم المصري بألوانه الصريحة أو صورة لمجموعة ضباط وقد برزت في ذلك أعمال الفتيان، أما الفتيات فتوجه اهتمامهن إلى الاستعراض والتحرك فرادى أو مجموعات مع الأعلام وعلى صوت موسيقى أغنية «مشربتش من نيلها» للمصـرية شـيرين عبـدالوهاب وأيـضا «لـو سألـتك إنـت مصـري» للبنانية نانسي عجرم.

تمجيد وتشويه

على الجانب الآخر، تحولت الأمسية التي نظمها النادي في نهاية الحفل إلى مناقشة ساخنة لصورة عبدالناصر بين الأدب والسينما، وحجم التأثير والتأثر الذي شكلته الثورة باعتبارها من أهم الأحداث التاريخية في المنطقة العربية بأكملها، وهو ما أكده مدير اللقاء الصحافي بجريدة البيان باسل أبوحمده، ثم ترك الحديث للباحث الأدبي والصحافي بجريدة البيان مؤمن أحمد، الذي ركز على المراحل التاريخية والسمات المميزة للتيارات الأدبية المصرية السابقة للثورة والتي تأثرت بها ثم انطلقت من بعدها ما بين ثبات على المدارس الأولى وتغير وتأثر بما حملت الثورة من أفكار. ولفت الباحث المصري إلى أنه قبل الثورة اقتصر الظهور على التيارين الواقعي والرومانسي خصوصا في الرواية ثم تدريجيا «انتشر المد القومي في مصر والشام والعراق»، والذي ظهرت أفكاره بقوة مع جيل الستينات من الروائيين والشعراء الذين تحول اهتمامهم إلى الفلاح والفئات المهمشة، مثل الروائيين فتحي غانم وجمال الغيطاني وبهاء طاهر والمسرحيين ألفريد فرج وسعد الدين وهبة.

وفي ما يخص المشهد السينمائي شديد الصلة بثورة يوليو، قال الصحافي السينمائي المصري، أسامة عسل إن «السينما المصرية استطاعت اكتساح المشهد الثقافي المصري ربما أكثر من الأدب الذي سار في ركابها ونزل إلى الشارع بفضلها». وأكد عسل، الذي جاءت أطروحته أيضا في سياق تاريخي مباشر، أن السنوات الأولى والتالية للثورة تعد «عصرا ذهبيا» في تاريخ السينما المصرية التي ازدهرت آنذاك بفضل ارتباطها بالمشروع السياسي القومي وبفضل جهود التعبئة التي بذلها عبدالناصر والتي تمثلت في رعاية القطاع العام للسينما وإنشاء «المؤسسة العامة للسينما» التي أنتجت أهم كلاسيكيات الأفلام المصرية، وكذلك صناعة نجوم من الممثلين ترتبط وجوههم وأعمالهم بأفكار الثورة مثل أحمد مظهر وشكري سرحان وصلاح ذو الفقار، وعلى صعيد المخرجين كان صلاح أبوسيف وهنري بركات وكمال الشيخ. وأكد أسامة عسل في نهاية مداخلته أن «هناك من غرد خارج سرب الثورة وأفكارها من السينمائيين، بل قدموا أعمالا انتقدت عبدالناصر بشدة تصل إلى حد تشويه الصورة التي رسخت في ذهن الجمهور»، مثل «شيء من الخوف»، لحسين كمال و«الكرنك» لعلي بدر خان.

الأجيال الجديدة

أما الباحث والناقد السينمائي الفلسطيني، بشار إبراهيم، فكانت مداخلته أكثر تأملا للحالة السياسية والفنية التي عاش فيها الوطن العربي بمختلف توجهاته مع اندلاع الثورة أو بمعنى أدق، مع حلم الوحدة العربية والاستقلال. وقال إبراهيم «في البداية لم يكن عبدالناصر واعيا بأهمية السينما بسبب نشأته في صعيد مصر وأخلاقه المحافظة، لكنه سريعا ما أدرك أهمية هذا الفن في تطوير المجتمع وبث أفكار الثورة بين أبنائه»، وبالفعل بدأت السينما المصرية كمشروع توجيهي ثم انطلقت نحو العالمية.

وأكد بشار أن هذا المشروع الفني كان مشروعا عربيا وليس داخل الحدود المصرية، «فعندما نقول سينما تكون السينما المصرية، وعندما نشير إلى نجوم التمثيل والإخراج نذكر أسماء السينمائيين المصريين»، حتى مشروع إنتاج القطاع العام للأفلام السينمائية أطلقته مصر ثم انتقل بعد ذلك إلى العراق وسورية والجزائر. واتفق الباحث الفلسطيني مع الأطروحات السابقة في ما يخص انتقاد عبدالناصر، مشيرا إلى أن ارتباط الثورة والمشروع العربي الضخم بشخص عبدالناصر نفسه وما كان يحيط به من شخصيات مثيرة للجدل مثل عبدالحكيم عامر، وأيضا ممارسات الاعتقال والقمع السياسي للمخابرات المصرية في ذلك الوقت، كانت أسبابا منطقية للهجوم أو الانتقاد، لكنها «ليست أسبابا للتشويه الذي لايزال مستمرا حتى الآن»، حيث تتعمد بعض الفضائيات عرض مثل هذه الأفلام كجزء من هدم الحلم وتشويش أفكار الأجيال الجديدة.

تويتر