تتمتع بفوائد صحية وتساعد على الاسترخاء
حمّامات الطين..راحة للجسد والروح
يصعب على المرء للوهلة الأولى تصديق أنه يمكن لأي شخص النزول بمحض إرادته إلى حوض مملوء بطين ساخن مأخوذ من المستنقعات مهما كان السبب. ولكن هذا ما يحدث بالفعل كأحد سُبل العلاج الطبيعي المتعارف عليها منذ قديم الأزل؛ حيث تتمتع حمامات الطين هذه، بفضل ما تحتويه من أملاح معدنية، بفوائد صحية جمّة، وتساعد على استرخاء النفس والروح.
وقالت إيرينه هوفشتات، من المركز العلاجي المختص بالحمامات العلاجية بمدينة باد كيسينغين بولاية بافاريا الألمانية، إن حمامات الطين الساخن، الذي يحتوي على أكسيد الحديد، تعمل على تخفيف آلام الظهر أو الفُصال العظمي، مؤكدةً أنه يُمكن أيضاً للأشخاص الراغبين في الاسترخاء فقط ولا يعانون أية آلام عمل حمامات الطين هذه.
وأوضحت الخبيرة الألمانية فائدة ذلك بأن هذه الحمامات بما تحتويه من طين ساخن لا تعمل فقط على التخفيف من الشعور بالألم، إنما تصل أيضاً إلى العضلات والأعضاء الموجودة داخل الجسم، ما يُساعد على التخلص من الضغط العصبي ويُحفز الاسترخاء.
آلام مزمنة
تقول فيرينا فيغنر، مديرة مركز العلاج الطبيعي بمدينة باد فيلسناك، إنها تُعالج الكثير من الأشخاص، الذين يعانون الآلام المزمنة أو التهاب المفاصل أو متاعب النساء كآلام الطمث مثلاً، باستخدام حمامات الطين هذه منذ سنوات عديدة داخل المركز. وأضافت أخصائي العلاج الطبيعي الألمانية أنها تقوم بملء العديد من الأحواض يومياً داخل المركز بـ200 لتر من الطين، ثم تقوم بتسخينها لقتل الحيوانات الصغيرة والجراثيم الموجودة بداخلها، لافتةً إلى أنه عادةً لا تكون رائحة الطين نفاذة للغاية. وبعد ذلك ينزل المرضى والأشخاص الذين يعانون الضغط العصبي إلى أحواض الطين الساخن هذه، ويبقوا بداخلها لمدة تصل إلى 30 دقيقة. وفي هذا السياق، أوضحت فيغنر أنه عادةً ما يُفضل المرضى عمل الحمامات الكاملة، التي يصل خلالها الطين إلى رقبة المريض. وأكدت فيغنر أن المرضى أصبحوا مقتنعين في الوقت الحالي بالتأثير العلاجي لهذه الحمامات، موضحة ما يحدث عند نزول الإنسان إلى أحواض الطين الساخن، بقولها «نظراً لاحتواء الطين على المعادن، يطفو الجسم على سطحه».
وأوضحت البروفيسور مارين كرافت، أستاذ العلاج الطبيعي بجامعة روستوك الألمانية، الفرق بين حمامات الرغوة العادية داخل حوض الاستحمام بالمنزل وبين حمامات الطين هذه، بقولها: «يُمكن أن تصل درجة حرارة الطين إلى درجة مئوية تراوح بين 39 و43 فأكثر عند تسخينه. ونظراً لأن تصريف الحرارة من الطين يتم ببطء، لذا يُمكن للإنسان تحمل البقاء بداخله بشكل أفضل مما يحدث داخل حمامات الرغوة العادية».
حُمّى اصطناعية
أردفت كرافت :«يشعر الإنسان داخل حمام الطين ببرودة في الجو أكثر مما هي عليه». وبذلك يدخل الجسم في نوع من الحُمى الاصطناعية؛ حيث ترتفع درجة حرارته بمعدل درجة إلى درجتين عن المعدل الطبيعي، ما يؤدي إلى تحفيز إفراز الإنزيمات به؛ ومن ثمّ يعمل جهاز المناعة بشكل أفضل.
وأضافت أستاذ العلاج الطبيعي الألمانية أنه قد ثبت علمياً التأثير الفعّال لحمامات الطين هذه في التخفيف من الشعور بالألم، لذا أوصت كرافت بالخضوع للعلاج بهذه الحمامات عند الإصابة بالتهاب المفاصل الروماتيدي أو متاعب سن اليأس، وكذلك عند الإصابة بالأمراض الجلدية، مشددةً على ضرورة أن يقوم المرضى بعمل حمامات الطين هذه مرتين إلى ثلاث مرات أسبوعياً، كي تُثمر عن نتائج إيجابية في الحد من متاعبهم.
بينما حذّرت أستاذ العلاج الطبيعي مرضى القلب، وكذلك الأشخاص المصابين بالأمراض المُعدية كالسل مثلاً، من الخضوع للعلاج بحمامات الطين الساخن هذه؛ حيث يمثل ارتفاع درجة الحرارة إجهاداً للدورة الدموية لديهم بشكل كبير، ما قد يُعرضهم للخطر.
ومن ناحية أخرى أكدت كرافت أنه لن يُجدي مطلقاً عمل حمامات الطين هذه لمرة واحدة أو استخدام الوسائل المنزلية المعتمدة على الأربطة الضاغطة وإضافات الحمام، التي يتم شراؤها من الصيدلية، في التخفيف من الألم، لافتةً بقولها :«لا يُعد حمام الطين وسيلة للاسترخاء والاستجمام»؛ حيث لن يُثمر هذا الإجراء عن أية نتائج في التخفيف من الألم بصورة مستمرة إلا عند الخضوع له تحت إشراف الطبيب وبشكل متتالٍ.
وتتفق أخصائي العلاج الطبيعي هوفشتات مع أستاذ العلاج الطبيعي كرافت جزئياً فقط، موضحةً بقولها: «بالطبع لن يُجدي عمل حمام الطين الساخن لمرة واحدة في الحصول على أية فائدة علاجية؛ حيث ينبغي الخضوع له ست مرات على الأقل، ولكن هذه الحمامات تُعد وسيلة جيدة لمَن يبحث عن الاسترخاء والاستجمام.
وبالنسبة لمَن يرغب في التمتع بقدر من الاسترخاء والاستجمام في المنزل، أكدت أورسولا زيليربرغ أنه بإمكانه العثور على ضالته في الصيدلية؛ فإلى جانب نوعيات الأربطة الضاغطة المستخدمة لعلاج مناطق معيّنة من الجسم، يُمكن الحصول أيضاً على إضافات الحمام من الصيدليات.
وأردفت زيليربرغ، المتحدثة باسم اتحاد روابط الصيادلة الألمان بالعاصمة برلين، أنه تتوافر بالصيدليات أيضاً مستحضرات تحتوي على مُعلقات الطين، مؤكدةً أن هذه النوعية من إضافات الحمّام، التي تكفي لعمل حمام كامل 10 مرات، تتمتع بحجم تأثير حمامات الطين في المراكز الصحية، وذلك وفقاً لتصريح منتجيها. ولكن أبدت أستاذ العلاج الطبيعي كرافت ريبتها أيضاً في تأثير وفاعلية هذه المواد، موضحة: «يُمكن لمَن يبحث عن الاسترخاء إضافة زيت الورد إلى حوض الاستحمام بمنزله». كما حذرت كرافت من الاقتصار على حمامات الطين في علاج نوعيات معيّنة من المتاعب، مؤكدةً أنه غالباً ما يتوجب على المريض الخضوع لسُبل علاجية أخرى كالعلاج الغذائي والعلاج الحركي، أو العلاج بالوخز بالإبر، وعمل جلسات تدليك.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news