الفنانة الإسبانية ليتا كابيلوت تستعد لمعرضين في باريس ودبي

كوكو شانيل.. شهادة الأسـود والأبيض

صورة

تستعد الفنانة الإسبانية ليتا كابيلوت، لإقامة معرضين، الأول في «غاليري أوبرا باريس» في الفترة من 13 أكتوبر حتى 19 نوفمبر المقبلين، والثاني في «غاليري أوبرا دبي» مطلع العام المقبل. وخصصت الفنانة الغجرية معرضها الباريسي احتفاءً بالمصممة الشهيرة كوكو شانيل، التي تتلاقى مع جوانب عدة في حياة الفنانة، خصوصاً ما يتعلق باليتم والتشرد والوحدة من جانب، والمثابرة على حفر اسم كل منهما في ذاكرة الإبداع. واختارت ليتا عنواناً موحياً لمعرضها وهو «كوكو شانيل.. شهادة الأسود والأبيض».

ليتا كابيلوت فنانة تشكيلية إسبانية سلكت طريقاً غير عادي، مثلها مثل كوكو شانيل، من خلال معرضها الأخير ترجمت بمهارة وذكاء فريدين التعقيدات النفسية لأكثر الرموز شهرة في عالم الموضة والأزياء، وألقت الضوء على الجانبين المظلم والغامض من شخصية تلك المصممة، وأبرزت روحها البراقة، جاءت بكثير من الشهادات التي عكست حب وشغف شانيل باللونين الأسود والأبيض.

خلال مجموعة من 35 لوحة وجوه، استطاعت الفنانة الغجرية ليتا كابيلوت، التي تعيش في هولندا، أن تحرر رمز الموضة شانيل من بهرجتها المعتادة، تماماً مثلما استطاعت شانيل في القرن الـ20 أن تغيّر شكل الموضة، من خلال تحريرها أزياء النساء من «مشدات الخصر» التي تقيدها مخلّفة وراءها إرثاً أصيلاً من الأناقة. ويعمل «غاليري اوبرا»، الذي يضم شبكة دولية للفنون، على مساندة ليتا في جهودها، خصوصاً أن للشبكة 13 صالة عرض فنية حول العالم، تسهم في توفير منصة لعرض أعمال الفنانة ليتا وفنانين آخرين، وتقدمهم للمؤسسات الفنية، وجامعي الأعمال الفنية.

«حياتي لم ترق لي.. لهذا ابتكرت حياتي الخاصة»، على الرغم من هذه العبارة نطقت بها كوكو شانيل، فإنها تنطبق على ليتا كابيلوت، إذ تجمع هاتين الفنانتين كثيراً من القواسم المشتركة، فكلاهما بدأتا حياتهما من فقر مدقع، وكان عليهما أن يجاهدا لكي يثبتا للعالم أسلوبهما وموهبتهما المميزة بجرأة مدهشة.

ولدت كابيلوت عام 1961 في مجتمع غجري في شوارع برشلونة المغبرة، والدها شخص مجهول، وقد هجرتها والدتها، وهي في طفولتها المبكرة (ثلاثة أشهر من عمرها). وترعرعت ليتا في كنف جدتها التي لم ترسلها إلى المدرسة، إذ أودعتها في دار لرعاية الأيتام، وهي في الثامنة من عمرها. وارتقت سلم المجد الفني بخطوات وئيدة، إذ بدأت مشوارها في كلية الفنون الجميلة في امستردام، أحد أشهر المؤسسات الفنية في العالم. اعتراها الولع في سن الـ13 بمتحف برادو، أثناء زيارتها الأولى للمتحف العريق، وتشبعت روحها الفنية في ذلك العمر بأعمال رامبرانت وفرانسيس بيكون، كما أن أعمال الفنان الإسباني آنتوني تابيس شكلت غذاءها الروحي والفني، والذي حدد في ما بعد أسلوبها الفني، المتمثل في مزيج من الضربات الجريئة والقوية التي تتميز بحرية خلاقة ومدهشة وصادمة أيضا، والتي تجمع بين كل من الشكل والإحساس في لغة بصرية تعبيرية مشحونة بالعاطفة، خصوصاً أنها مولعة بالحالة الإنسانية.

وكانت كوكو شانيل استطاعت أن تؤسس أسلوبها الخاص بها تماماً، كما استطاعت ليتا كابيلوت أن تجسد أعمالها الفنية. واستطاعت الفنانة الإسبانية ليتا كابيلوت، التي تقيم في هولندا، أن تخلق عالماً أكبر من اللوحة الفنية، إذ إن عالمها الفني عبارة عن كون يتألف من الألوان الزيتية والجبس والقماش بأسلوب يمزج كل هذه الأشياء مع بعضها، لتصبح اللوحة عالماً مدهشا ومؤثراً ورائعاً، وهذا الأسلوب الذي يميز أعمال الفنانة.

عرضت ليتا أعمالها في دول أوروبا والولايات المتحدة الأميركية منذ عام ،1984 وأشاد بأعمالها النقاد الفنيون في مختلف بلدان العالم. وتتميز ليتا بأعمالها المثيرة للجدل والمستفزة للخيال، التي تعكس مفهومها للحالة الإنسانية، وتتضمن فتيات الشوارع والأطفال المشردين والغجر والموسيقيين. وعلى إثر لوحات معرضها «اللؤلؤة السوداء» عن الفنانة فريدا كالو، والتي بيعت جميعها في لندن قبل أشهر، تعد ليتا العدة في الوقت الراهن لمعرضها في «غاليري أوبرا دبي»، وكذلك تستعد لمشروع جديد تستقصي فيه تفاصيل في حياة المصابين بالافصام العقلي «شيزوفرينيا».

وحول معرضها عن كوكو شانيل، قالت ليتا إن «استخدام شانيل اللونين الأسود والأبيض لم يكن مصادفة، وإنما تمخض عن تجربتها في الحياة، وربما كانت نشأتها القاسية في الميتم هو المنبع الدائم الذي تستمد منه إلهامها»، مضيفة أن «شانيل تستخدم اللون الأبيض وسيلة للتعبير عن انتصارها الجميل على الفقر والمأساة».

وتعكس ليتا حالة هذه المرأة التي استعارت من الحرمان لون ثوبها الأسود الصغير، والتي ظلت تغير إشارات الحزن البادية على مظهرها الخارجي إلى شكل جديد وأنيق. واستطاعت ليتا إعادة اكتشاف كوكو مرة أخرى، وعكست في لوحاتها وضع امرأة لم تعرف صورتها من قبل، إذ أظهرت روحها باعتبارها كوكو المرأة الشابة التي ترتدي ثياباً بسيطة، والتي تكتشف آفاقاً جديدة، وأخيراً كوكو المرأة المكتملة بأزيائها المميزة وقبعاتها.

ولدت كوكو شانيل في عام 1883 وتوفيت عام ،1971 وهي مصممة أزياء فرنسية أحدثت ثورة في عالم الأزياء، إذ أدخلت مفهوم «البساطة الراقية» إلى عالم التصميم. وذكرت مجلة «تايم» أن شانيل لم تعرف نفسها باعتبارها أنثوية، وفي الحقيقة كانت تتحدث دوماً عن الأنوثة بدلاً من الأنثوية، لكن أعمالها مثلت ومن دون شك جزءاً من تحرر المرأة. فقد مدت حبل النجاة إلى المرأة ليس مرة واحدة بل مرتين، وذلك خلال مرحلتين منفصلتين تفصل بينهما عقود من الزمن، أي في العشرينات والخمسينات من القرن الماضي. إذ لم تقدم شانيل على استخدام الأزياء والمنسوجات والمواد التي كان يرتديها الرجال فحسب، بل وأيضاً استخدمت، بدءاً من نفسها، الملابس الرياضية، باعتبارها جزءاً مهماً من لغة الأزياء. وأضافت أنه ليست مصادفة أن تصبح شانيل على علاقة وطيدة بالحركات الفنية الحديثة، من بينها حركات دايغيليف وبيكاسو وسترانسكي وكوكتيو. وشأنها شأن هؤلاء الفنانين، كانت شانيل عازمة على تحطيم الصيغ القديمة لكي تخترع أسلوباً تعبر من خلاله عن نفسها. فقد قال عنها كوكتيو في إحدى المرات: «إنها عملت الأزياء، وبنوع من المعجزة، طبقاً لقواعد يبدو أن لها قيمة عند الرسامين والموسيقيين والشعراء فقط».

 

تويتر