الإماراتية محبوبة يوسف أسست مركزاً في دبي لمساعدة المصابين بالتوحد

طفل متوحّد ينطق بعد سنوات من «الصمت»

محبوبة يوسف: المراكز المتخصصة تعمل على تنمية قدرات أطفال التوحد. تصوير: باتريك كاستيلو

نجح مركز السيف لأطفال التوحد، في أقل من شهرين، على افتتاحه في منطقة الصفا في دبي، في «تعليم الكلام لطفل يبلغ من العمر تسع سنوات، اذ نطق اسم والده، الأمر الذي شكل مفاجأة كبيرة لدى والده الذي لم يستطع تمالك نفسه ما أن شاهد شفتي ابنه تنطق اسمه، لتغرغر عيناه بالدموع، بعدما سمع ابنه ينطق للمرة الأولى، بعد سنوات من الصمت»، كما ذكرت مؤسسة المركز، الإماراتية محبوبة يوسف.

ويتصف الطفل المتوحد بتأخره فى اكتساب اللغة، وضعفه فى العلاقات الاجتماعية. ويقوم الطفل المصاب بحركات متكررة أو تكون لديه اهتمامات محددة، وتظهر أعراض إصابته عادةً واضحة في ضعف التواصل الاجتماعي واللغوى منذ السنة الأولى.

وكانت محبوبة يوسف حوّلت الحلم الذي راودها منذ سنين، إلى واقع ملموس، تجسّد في انشاء مركز خاص يحتضن ويرعى الأطفال المصابين بالتوحد، شكل إحساسها الكبير بهذه الفئة، نواته الأساسية، ليكون بذلك عوناً لبعض الأسر التي تعاني التعامل مع أطفالها المصابين بالتوحد، وللمراكز المتخصصة التي تغص قوائم انتظارها بأطفال مصابين بالمرض.

وقالت يوسف إن «إيماني بضرورة وجود مراكز متخصصة لأطفال التوحد، تعمل على تهذيب سلوكهم، وإبراز طاقاتهم وقدراتهم المختلفة، دفعني إلى العمل على إنشاء مركز السيف للتوحد، الذي يسعى إلى مساعدة الأطفال الذين يعانون التوحد، وأسرهم كذلك»، مضيفة لـ«الإمارات اليوم» أنه «على الرغم من وجود مراكز متخصصة لأطفال التوحد، على مستوى عالٍ من الكفاءات والخبرات، تحتضن عشرات المتوحدين، إلا أنها تعاني عدم وجود شواغر كافية لاستقبال أعداد أكبر، وعدم وجود سيولة مالية كافية أيضاً».

تكلفة

أشارت يوسف إلى أن تكلفة رعاية المتوحدين مرتفعة جداً، إذ تصل إلى نحو 130 ألف درهم سنوياً لكل مصاب، نظراً للخدمات الواجب تقديمها، موضحة أن «رعاية المتوحد تحتاج إلى برامج ومختصين مؤهلين، وقد تتطلب حالات معينة متخصصاً ومشرفاً في الوقت نفسه، وفي المقابل هناك أسر تعجز عن سداد هذه التكاليف، الأمر الذي يضطرها إلى إبقاء أولادها في المنزل، ما ينعكس سلباً على حالتهم الصحية، لاسيما أن معظمهم يلجأون إلى ممارسة بعض السلوكيات غير السوية، وغير المقبولة في المجتمع، وقد يظهرون سلوكاً عنيفاً أو مؤذياً للذات».

وتابعت يوسف «تختلف أعراض التوحد من شخص إلى آخر وبدرجات متفاوتة، فيشكلون حالة خطرة في الأسرة، لذا يجب العناية بهم، وأخذهم إلى المراكز التي تعمل على تأهيلهم وإعدادهم وفق السلوكيات السوية، كما أنها تعمل على تنمية واستغلال قدرات مرضى التوحد وتوظيفها في المكان الصحيح، لاسيما أن بعضهم يتميز بالذكاء العالي، الذي يدعو إلى الدهشة والإعجاب في الوقت نفسه».

معاناة

http://media.emaratalyoum.com/inline-images/317534.jpg

قال مدير المركز الدولي للاستشارات النفسية في دبي الدكتور محمد محمود النحاس، إن «مريض التوحد بحاجة إلى عناية وإشراف لا يدركها إلا المختصون الذين يعملون على تأهيلهم وإعدادهم وفق السلوكيات السوية»، مشيراً إلى أن بعض الأسر تعاني عملية كيفية التعامل مع أطفالها المصابين، لذا يجب أن يعامل مريض التوحد على أنه حالة فردية، لها طرق خاصة للتعامل والتجاوب معها، ينبغي التعرف إليها للتفاعل معها، دون إجباره على ذلك، فطفل التوحد يعيش كأنه في بلورة زجاجية مغلقة، يراه الآخرون، ولكنه لا يرى أحداً، لذا يقل أو ينعدم تجاوبه مع الآخرين، ويُسمى طفل متوحد مع ذاته».

نشأة وصعوبات

حول نشأة مركزها، قالت يوسف «منذ سنوات وأنا أحلم بتأسيس مركز خاص بأطفال التوحد، وقمت بعمليات بحث مكثفة، حول المراكز المختصة بأطفال التوحد، داخل الدولة وخارجها، والبرامج والخدمات التي تقدمها، وأسهم دعم المسؤولين عن مراكز التوحد الخاصة في الدولة لي، بدور كبير في تحويل هذا الحلم إلى واقع ملموس». وأضافت «على الرغم من أن افتتاح المركز لم يتعد الشهرين، إلا أنه شهد إقبالاً كثيفاً، اضطره إلى قبول عدد محدود، تلبية لإمكانات المركز الحالية، التي تستدعي الدعم المالي، حتى يستطيع توفير عدد أكبر من الاختصاصيين، وبالتالي ضم عدد أكبر من أطفال التوحد، وتلقيت قرابة 40 اتصالاً من أولياء أمور أطفال مصابين بالتوحد يرغبون في الحاق أبنائهم بالمركز، إلا أن عدد الاختصاصيين المتوافرين حالياً فيه يحول دون ذلك».

أما في ما يتعلق بالصعوبات التي واجهتها يوسف في إنشاء المركز، فأوضحت أنها تمثلت في طول عملية الإجراءات الخاصة بتأسيس المركز، إلا أنها ذللت بفضل إشراف ومتابعة مكتب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، هذا إلى جانب التكلفة المالية التي وصلت إلى نصف مليون درهم». ويضم مركز السيف في منطقة الصفا بدبي، المخصص لأطفال التوحد من عمر (5-16) سنة، المرافق والخدمات التي يحتاجون إليها، فضلاً عن اختصاصيين يتوزعون ما بين، معالجة نطق، معالجة يدوية،ومعالجة سلوكية، وتربية خاصة، إلى جانب مساعدين، ولعل أبرز ما يقدمه المركز، برنامج (كي تويلف)، وهو برنامج أكاديمي يُعنى بتدريس أطفال التوحد، داخل المركز وخارجه، إذ بإمكانهم مواصلة التعلم في المنزل، ويتيح لهم الانتهاء من المراحل الدراسية، بعد حصولهم على شهادة معترف بها.

تويتر