خليفة المحرزي: ظـاهرة «الطلاق العاطفي» تنتشر بيـن الأزواج الجدد

المحرزي: الاحتياجات وطرق التفكير تختلف بين الجنسين. تصوير: مصطفى الأميري

بعد 13 عاماً من الخبرة العملية والميدانية في مجال العلاقات الأسرية التي عالج منها ما عالج، وواجه خلالها من القصص والمشكلات الأسرية الكثير، لم يكن من استشاري العلاقات الأسرية، خليفة المحرزي سوى أن يقدم كتاباً لا يمكن وصفه سوى بالجريء والمتصل اتصالاً مباشراً بالعلاقة الحميمة بين الزوجين، في محاولة للوصول إلى الحل الأعمق والأكثر تأثيراً بين الأزواج والذي يبدأ بحسب قوله في «غرفة النوم التي تأخذ من حياة الزوجين ثلثيها»، ما يعني أهمية البدء من تلك المنطقة الغامضة من منزل الأسرة، خلف أبوابها، وتحديداً فراش الزوجية.

ويبين المحرزي، أنه من خلال كتاب «146 طريقة للحب بين الزوجين»، أراد أن يقدم محاولته الجديدة في «سبر أعماق العلاقة الزوجية والوصول إلى أسرار غرفة النوم من خلال تجربتي الطويلة في مجال العلاقات الزوجية ومشكلاتها التي غالباً ما تبدأ عند هذه النقطة الأساسية في حياة الأزواج»، مشيراً إلى أن هناك ثمانية أسباب رئيسة تتفرع منها مجموعة كبيرة من المشكلات الفرعية التي تقود إلى 250 مشكلة يعاني منها الأزواج، «والتي كشفت لي عدم وجود منهجية بين الأزواج تعمل على تجديد العلاقة الزوجية، ما يعطل العلاقة»، موضحاً أن كتابه الأخير يعين الأزواج على اكتساب المهارات اللازمة لتحقيق ذلك.

الطلاق العاطفي

ويرى المحرزي، أن أكثر ما ينتشر بين الأزواج الشباب، هو ما سماه بظاهرة «الطلاق العاطفي»، والمرتكز تحديداً على العلاقة العاطفية بين الزوجين ونقص التواصل وبرودة المشاعر، والتي تنتشر برأيه «بين الأزواج الجدد أكثر من الأزواج متوسطي العمر، حيث تعتبر السنة الأولى من الزواج، هي أكثر مراحل الزواج صعوبة»، واصفا إياها بالمنطقة الغامضة والمجهولة لكلا الطرفين، «خصوصاً أن أغلب الأزواج يفتقرون إلى مهارات التواصل والتعرف إلى الآخر، فيتمركز معظم الأزواج في دوائر مغلقة حول ذواتهم، رافضين الانتقال إلى المرحلة الثانية، وإدخال الآخر في محيطهم، ما يسبب تصدع العلاقة»، الأمر الذي يعزز من البرود والبعد بين الطرفين والجفاء، «لافتقار العلاقة إلى وجود رصيد عاطفي يشفع للزوج عند الزوجة أو العكس، والذي يشجع المرء على تجديد التواصل وإصلاح المشكلة، ما يزيد من تأزم العلاقة».

وصنّف المحرزي الزواج إلى أربعة تصنيفات، الأول أسماه بـ «الزواج الجديد» الذي يمتد من سنة إلى ثلاث سنوات، و«الزواج المتوسط» والممتد بين ثلاث سنوات وحتى خمس سنوات، و«الزواج القديم» والممتد من ست سنوات وحتى 10 سنوات، و«الزواج العتيد» الذي يزيد على 10 سنوات، موضحاً أن حصول الطلاق بعد هذه الفترة تكون له اعتبارات أخرى، «حيث يواجه خلالها الزوجان مشكلات منذ البداية، لم تخضع للتطوير أو الإصلاح والتحسين، فتبدأ بالموت وتدريجياً حتى تصل إلى الجذور، بينما يأتي تأخير الطلاق لأسباب عديدة، منها الخوف على الأبناء وصغر سنهم، إضافة إلى الأسباب المادية»، مضيفاً أنه وبعد مرور سنوات، ومع تغير الأسباب، وعدم نجاح العلاقة، قد تصل المرأة إلى القناعة التامة بوجوب الطلاق، خصوصاً مع عدم وجود ما يعيقها عن ذلك، «حيث ترى حينها أن الطلاق هو أقل الضررين».

أخطاء

ويوضح المحرزي أنه استطاع من خلال تجربته، أن يحدد عدداً من الأخطاء الشائعة التي تمارسها المرأة في حق زوجها، وأخرى يمارسها الرجل في حق زوجته، والتي تزيد من النفور بينهما، وانقطاع الرومانسية، ملخصاً كتابه، بأنه «كتاب يعين على كيفية ممارسة الحب لأقصى درجاته المثلى، أقدّم من خلالها العناصر الرئيسة لتتحول العلاقة الجنسية بين الزوجين، إلى علاقة حب حميمة تعينهما على تفادي خطرها وتبعاتها المدمرة، وذلك من خلال ملء النواقص والثغرات التي يواجهها الزوجان بعدد من النصائح الذهبية، التي قد تجنّب بشكل كبير استفحال ظاهرة الخيانة الزوجية، والبحث عن الحب في مكان آخر».

ويؤكد المحرزي، أن هناك عدداً كبيراً من الاختلافات البيولوجية بين الرجل والمرأة، ما يعني اختلافات كثيرة في طريقة تفكير كل منهما، واحتياجاته النفسية والجسدية، إضافة إلى مفهوم الزوجة للعلاقة الجنسية، وافتقار كلا الطرفين للثقافة الجنسية، التي قد تدمر العلاقة الزوجية، «ما يعني أهمية معرفة ووعي كل منهما باحتياجات الآخر وطرق التفكير المختلفة التي قد تعين على تفادي الكثير من سوء الفهم بين الزوجين».

وعلى الرغم من توجيه الكتاب النصح والإرشاد لكلا الطرفين، إلا أن المراقب لكتب ومحاضرات وأعمال المحرزي، قد يتمكن من ملاحظة توجهه إلى المرأة في النصح والإرشاد أكثر من الرجل، وتحميلها المسؤولية في العمل على إنجاح المشكلات بالشكل الأكبر، وهو ما أوضح المحرزي أنه «بسبب أني أحمل هم المرأة دائماً، ومحاولتي التركيز عليها في النصح لا تأتي لكوني أراها المسؤولة الوحيدة عن إصلاح المشكلات الأسرية عامة، والزوجية خاصة، بل لواقع أنها عادة ما تكون هي القائدة لزمام الأمور في أسرتها، حيث تنازل الزوج عن تلك المهام الصعبة، تاركاً المسؤولية عليها، بينما تتركز مسؤوليات الرجل خارج المنزل»، مشيراً إلى أنه يهدف إلى «أن تستوعب المرأة جميع الممارسات والطرق التي قد تساعدها على استخراج المشاعر المدفونة لدى الزوج، خصوصاً أن طبيعة الرجل عادة ما تميل إلى الكتمان والسكوت والبعد عن التعبير اللفظي عن المشاعر»، مؤكداً أن المرأة «لديها الأسلحة التي لو استخدمتها بفاعلية، ستتمكن من المحافظة على أسرتها، وزوجها، من أي مشكلات أو معوقات قد تواجهها».

اللمس

يعتبر المحرزي أن اللمس بين الأزواج أحد أهم العناصر المعززة للمحبة والمودة والدفء بينهم، ما جعله يخصص فصلاً كاملاً في كتابه للمس وآثاره الإيجابية على الزوجين، «خصوصاً على الزوجة، حيث تؤكد دراسات عديدة أن المرأة التي تتلقى صوراً عديدة من الملامسة الدائمة لها من قبل زوجها، تقل نسبة تأثرها بخطوط التقدم في العمر، بينما تنتظم دورتها الشهرية، وقابليتها للإخصاب، وقدرة تحملها للضغوط الحياتية اليومية، وقد أرفقت في الكتاب عدداً من الدراسات العالمية، التي تؤكد أهمية اللمس فسيولوجياً على للمرأة»، ملخصاً أهميته بأنه «يعمل على الاستقرار النفسي بين الزوجين والاسترخاء، والتوازن العاطفي، بينما يقلل العناق بين الزوجين من أثر الإجهاد».

ويوضح الكتاب أيضاً الفترات التي تحتاج خلالها الزوجة إلى اللمس، وأسباب ذلك، وكيفية التفنن في لمس الزوجة، وطرق وأوقات ذلك، سواء داخل المنزل، أو خارجه، ليختتم كتابه بالخطوات، والمراحل الرئيسة التي يجب إتقان اللمس فيها، للوصول إلى السعادة الزوجية الحميمة.

وعلى الرغم من تناول الكتاب موضوعاً شديد الخصوصية، قد يقع تحت ثقل دائرة العادات والتقاليد في المجتمع العربي الذي ينظر إلى العلاقة الجنسية بشيء من الخصوصية، إلا أن المحرزي، أكد أن تطرق الكتاب وتخصصه في هذه الناحية من العلاقة الزوجية، جاء «بأسلوب علمي رصين وشيق لا يخلو من جرأة موضوعية، بعيدة عن الابتذال في الكلمات»، مدعماً كتابه بقصص ودراسات وحالات تعزز موضوعية وصدقية موضوعاته، مبيناً أنه كتاب «تحتاجه المكتبة العربية في هذا المجال المحاط بالعوائق والمحاذير».
تويتر