الاحتفال الرسمي لعيد الاتحاد الـ 52 يروي رحلة الإمارات نحو مستقبل مستدام

وطن الاستدامة منسوج بخيوط السدو وتحدي المستحيل

صورة

عبر نسيج السدو وخيوط تحيك إرث الوطن، نُسجت حكاية اتحاد دولة الإمارات ومسيرتها، في الاحتفال الرسمي لعيد الاتحاد الـ52، والذي نظمته لجنة الاحتفالات في مركز أبوظبي الوطني للمعارض.

انفتحت الشاشات المتحركة والمصممة بما يتناسب مع شكل المسرح الدائري، لتروي ماضي أجداد تحدوا المستحيل ورسموا ملامح المستقبل المستدام في الدولة، وانتصر العرض الذي قدم بتقنيات مبتكرة لمفهوم الاستدامة ورحلة الدولة منذ عام 1971 وحتى يومنا هذا.

رحلة عبر الزمن

بدأ العرض الذي تصل مدته إلى 35 دقيقة، مع حكاية نسيج السدو الإماراتي، ليأخذنا في رحلة عبر الزمن، تنسج فيها خيوط ماضي الأجداد من جهة، وترسم ملامح المستقبل المستدام من جهة أخرى.

استعرض العرض في البدء حرفة السدو التي كانت ومازالت مهمة جداً للمرأة الإماراتية، والتي كانت تستخدم لنسج الخيام أو صنع الأدوات المنزلية، أو حتى للمساهمة في تعزيز الدخل المادي للأسرة، وقد أدرجته الدولة ضمن التراث الثقافي غير المادي الذي يحتاج إلى صون عاجل.

هذه الخيوط التي تحيك مستلزمات الحياة، نسجت العلم الوطني الإماراتي في بداية العرض، حيث غزلت ألوان العلم بأسلوب السدو الذي أعادنا إلى بدايات قيام الدولة، إذ تستلهم الدولة فصولها من تراث الشعب وإيمانه العميق بقيم الوحدة.

مرحلة التأسيس

ومن النشيد الوطني انتقل العرض إلى التأسيس مع المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي كانت من أولوياته المحافظة على الثقافة البيئية، فتمسك بهذه القيم، ونسج معها خيوط التعاون والابتكار، ليكمل اليوم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، المسيرة نحو مستقبل زاهر ومستدام للوطن.

بعد هذه الوقفة، تتحرك الشاشات التي صممت على شكل المسرح الدائري، لتبدأ بتقديم حكايات شخصيات أسهمت في تكريس مسيرة الإمارات مع الاستدامة وحماية البيئة. وقدمت هذه الحكايات ضمن رؤية إخراجية تجمع بين الرواية الشخصية والفن الاستعراضي الذي يحمل دلالات تعبر عن ارتباط الإنسان بالأرض والبيئة، والتعاون من أجل الحفاظ عليها.

وقفة مع الشباب

تناول العرض قصة الباحثة الإماراتية في علم النبات ميثا المنصوري، والتي تتحدث عن الشباب في الدولة وكيف يرون في الطبيعة شبكة عالمية لا توقفها الحدود، وأن رعاية جزء من الطبيعة يتطلب رعايتها كاملة. ويترافق عرض المنصوري مع عرض خاص على الشاشات يجمع مجموعة من الطلاب الذين قدموا من خلال المجسمات التي صمموها انطباعاتهم عن البيئة المحيطة بهم.

ينتقل العرض إلى لوحة «معاً يداً بيد» التي صممها صادق براباح، وتتميز بكونها لوحة تعبيرية تبرز الجهود الفردية والمجتمعية المبذولة من أجل التغلب على التحديات البيئية التي تواجه العالم. وفي المقابل نرى استمرار السدو وحياكة النسيج من جيل إلى جيل، وكيف تتطورت هذه الحرفة، مع ظهور الابنة للمرأة التي ظهرت في بداية العرض.

العمل المناخي

يتبدل لون السدو على الشاشات خلال العرض وينتقل من الأبيض والأسود إلى الألوان الطبيعية، لننتقل معه إلى داعمي العمل المناخي، ومنهم مريم حسني وهي مؤسسة مشاركة لشركة في مجال التكنولوجيا النظيفة، ومبتكرة في مجال التقنيات التي تركز على معالجة الكهرباء النظيفة، وتخزين الطاقة على نطاق الشبكة، وتحلية مياه البحر.

ويقدم العرض خبرة حسني في دمج طاقة الرياح وضغط المياه العميقة لابتكار مصادر مستدامة للمياه وتوليد الطاقة، ويستعرض من خلال التقنيات التي استحدثتها، توظيفها الرياح لرفع الكتل والاستفادة من طاقة الجاذبية عند هبوطها، بما يعزز الزراعة من خلال توفير موارد أساسية للمياه وتقليل الضرر على الحياة المائية.

أمّا مؤسس سيلكو، هاريش هاندي، فقدم الجهود المبذولة في مجال الطاقة الشمسية، وأبرز العرض جهوده في المؤسسة التي تتبنى نهجاً مبتكراً يتضمن إيجاد حلول تلبي الاحتياجات الخاصة بالمجتمعات وتناسب الأعمال الصغيرة والمرافق الجماعية، مما يساعد في الوصول إلى مصادر الطاقة المستدامة والنظيفة.

ومن الطاقة الشمسية إلى الأمن الغذائي مع تجربة سعيد الحسن، الذي يعمل على مشروع بحث لتطوير تربة صناعية باستخدام الرمال غير الخصبة المتوافرة بكثرة في دولة الإمارات لزراعة النباتات.

كما عرضت تجربة «نيدهي بانت» وهي مؤسسة حائزة جائزة زايد للاستدامة 2022، والتي تركز على العلاقة بين الزراعة ودراسات الهوية والوصول إلى الطاقة والشمول المالي، فهي منصة مخصصة لمعالجة الطعام قرب الحقول لتحول خسائر المزارع إلى منتجات ذات قيمة مضافة لصناعات الأغذية والمشروبات، من خلال توفير الموارد اللازمة وتدريب المزارعات ليصبحن رائدات أعمال.

من جانب آخر، برزت تجربة أمل القرقاوي مع المحافظة على الحيوانات، فهي عالمة بحرية، وباحثة في السياسة العامة، ومنتجة أفلام تبحث في مجالات علوم البحار والحفاظ على البيئة وقضايا الحوكمة في دولة الإمارات والمنطقة البيئية المحيطة بها.

ونقلنا العرض منها إلى تجربة موهون كومار موندال في مجال الحفاظ على المياه، إذ عمل المؤسس لـ«ليدارز»، على استخدام تكنولوجيا مبتكرة للتعامل مع قضايا ندرة المياه في المناطق المعرضة للكوارث، حيث تصبح المياه غير صالحة للاستخدام بسبب الملوحة والفيضانات، كما تساعد التكنولوجيا المستخدمة في منظمتهم في تحسين حال مجتمعاتهم، وتوفير مياه صالحة للشرب، ومياه نظيفة للري والطهي.

تقاليد وابتكار

وبعد الانتهاء من عرض التجارب الخادمة للبيئة والهادفة للحفاظ على الكوكب، تعود الشاشات إلى تقديم نول السدو الذي كان التكنولوجيا الأكثر تقدماً لدى الأيادي الإماراتية، وأصبح اليوم مزيجاً من التقاليد والابتكار وتمت المحافظة عليه والاحتفاء به باستخدام التقنيات الجديدة والقديمة. ويتحوّل السدو مرة جديدة خلال العرض ويتألق بألوان ساطعة البهاء، كتعبير عن دور الشباب في التجديد المستمر للحرف، لينتهي العرض مع لوحة «وحدة عالمية» التي تعبر عن كيفية نسج التراث الثقافي المستدام لدولة الإمارات العربية المتحدة، والذي استمر الأفراد في تناقله جيلاً بعد آخر، وإبراز تعليم الشباب كيفية حماية البيئة من أجل متابعة العمل في تلبية أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، للالتزام ببناء مستقبل أكثر إشراقاً للبيئة والأفراد في جميع أنحاء العالم.

• تناول العرض حكايات شخصيات أسهمت في تكريس مسيرة الإمارات مع الاستدامة وحماية البيئة، ضمن رؤية إخراجية تربط بين الإنسان والأرض.

• انفتحت الشاشات المتحركة والمصممة بما يتناسب مع شكل المسرح الدائري، لتروي ماضي الأجداد وترسم ملامح المستقبل المستدام في الدولة.

• حرفة السدو كانت ومازالت مهمة جداً للمرأة الإماراتية، والتي كانت تستخدم لنسج الخيام أو صنع الأدوات المنزلية، وتعزيز الدخل المادي للأسرة.

• لوحة «معاً يداً بيد» تبرز الجهود الفردية والمجتمعية المبذولة من أجل التغلب على التحديات البيئية.

• «وحدة عالمية».. لوحة تعبر عن كيفية نسج التراث الثقافي المستدام لدولة الإمارات، والذي تناقلته الأجيال.


عرض مستدام

تميز العرض الرسمي للاحتفال بعيد الاتحاد الـ52 بتقديمه مفهوم الاستدامة من حيث المضمون والتقنيات، ففي البدء تم الاعتماد كثيراً على إعادة التدوير في المواد التي صمم منها العرض، فضلاً عن عدم استخدام الألعاب النارية، والاستعاضة عنها برسومات غرافيكية متحركة للسدو في نهاية الحفل. كما قدمت في نهاية الحفل الأغنية التي تحمل عنوان «دارنا يا دارنا»، التي كتب كلماتها سيف السعدي، وقد قدمت في الحفل الرسمي لعيد الاتحاد العام الماضي، حيث اعتبر تقديم الأغنية نوعاً من التدوير وتخفيف الإنتاج من أجل تطبيق النهج المستدام.

تويتر