استنساخ لا يستثني أم كلثوم و«العندليب» وعمرو دياب وأصالة

الذكاء الاصطناعي يضرب مجدداً.. هذه المرة ساحة الطرب العربي

صورة

فتحت قضية الملحن المصري عمرو مصطفى، وخطوة تقديمه مقطعاً غنائياً بصوت المطربة الراحلة أم كلثوم بالاعتماد على تقنية الذكاء الاصطناعي، باب النقاشات حول الأضرار التي يمكن أن تحدثها التقنية الحديثة في عالم الغناء والموسيقى، من ناحية الحقوق المادية والمعنوية والتحديات والمشكلات التي يمكن أن تثيرها مستقبلاً.

وبعد ضجة الأغنية «الاصطناعية» الجديدة لسيدة الغناء العربي، والسجالات الإعلامية والنقدية الواسعة التي أثارتها بين القائمين على الحقوق الفكرية لسيدة الغناء العربي وملحن الأغنية الجديدة، نُشر مقطع صوتي جديد منفذ بتقنية الذكاء الاصطناعي جمع بين الفنان الراحل عبدالحليم حافظ والمغني عمرو دياب، ما اعتبره كثيرون تعدياً على صوت «العندليب» واستخفافاً بمنزلته، وتنزيلاً من قيمة قامة فنية كبيرة وضعت بصمتها الواضحة في تاريخ الغناء المصري والعربي وبين أجيال الفن الجميل.

حُمى

كما بدأت مواقع تواصل ومنصّات رقمية بنشر مقاطع صوتية لأغانٍ تضم أصوات مجموعة من المغنين المعاصرين، إذ نُشر مقطع من أغنية «سألوني الناس» للسيدة فيروز بصوت المغنية أصالة، كما تفاعل الجمهور مع تجربة أغنية «الصبر جميل» بصوت أصالة وأحلام. وأعادت تقنية الذكاء الاصطناعي

نفسها استنساخ صوت المطربة التونسية الراحلة ذكرى مؤدية مقاطع من أغاني أصالة، فيما تمت محاكاة صوت إليسا وهي تغني أعمال للمغنية العراقية رحمة رياض.

ولم تتوقف موجة الاستنساخات الصوتية العاتية التي ضربت الساحة الفنية فجأة عند الأغاني العربية، بل تعدتها إلى تجربة أصوات نجوم العالم، الذين وجدوا أنفسهم يؤدون أغاني المكتبة العربية، ولعل أهم هذه التجارب الأكثر تداولاً عبر الفضاء الإلكتروني - وربما الأغرب على الإطلاق اليوم - تجربة تقديم مقطع صوتي تغني فيه النجمة العالمية «ريانا» أغنية «أبيك بجنبي الليلة» للمغنية نوال الكويتية، كما انتشرت أخيراً، مقاطع صوتية للمغنية السورية أصالة تحاكي فيها أغاني «ريانا» والمغنية المغربية نضال إيبورك، والنجم العالمي كاني ويست.

ردود أفعال

وعلى صعيد عالمي، أعلنت منصّة «سبوتيفاي» للموسيقى العالمية، عن حذف جميع مقاطع الموسيقى المعتمدة على تجارب الذكاء الاصطناعي، والتأكد من عدم حصول أصحابها على مقابل مادي لحقوق الملكية، موضحة أنها حذفت من مكتباتها كل المقاطع التي صنعها مستخدموها عبر نموذج «بومي».

وأصدرت أسرة عبدالحليم حافظ بياناً تحذيرياً من أي محاولة استخدام صوت «العندليب» ودمجها بالذكاء الاصطناعي، مشيرة إلى أن الأسرة ستتخذ كل الإجراءات القانونية اللازمة لمنع هذه المحاولات، واصفة هذه التجربة بـ«الفاشلة».

وأكد نجل شقيق «العندليب»، محمد شبانة، في بيان نشره عبر حسابه على «فيس بوك»: «إذا أرادت الأسرة أن تستخدم هذه التقنية في يوم من الأيام فستكون على أعلى درجة من الجودة والحِرفية والتقنية لإمتاع عشاق (العندليب الأسمر)، وستكون برضا من عشاقه ومحبيه، حال طلب ذلك منا».

تحذيرات

من جهته، حذّر الموسيقار المصري هاني شنودة، من تبعات استخدام الذكاء الصناعي، دون نصوص قوانين تنظم عمله خلال الفترة المقبلة، مطالباً بضرورة التدخل السريع وتعديل قوانين حقوق الملكية الفكرية، بعد واقعة استخدام صوت أم كلثوم في أغنية جديدة. وقال: «علينا أن نتساءل عن حقوقها بعد أن تم استخدام صوت أم كلثوم بعد وفاتها، خصوصاً أن الذكاء الاصطناعي استخدم حتى الآن صوت المطرب فقط، ولكن من الممكن أن يمتد إلى التلحين والتأليف».

من جانبها، كشفت المغنية المصرية أنغام عن عدم استيعابها لهذه الظاهرة الجديدة وطرق تقديمها لأغانٍ تجمع أصوات النجوم، سواء من الراحلين أو الأحياء، معربة عن انزعاجها من الفكرة بالقول: «أتمنى أن تكون (هوجة) وتنتهي.. (كده هيقعدونا في البيت)».

ويتهافت ملحنون على التعاون مع مختصين في الذكاء الاصطناعي لتحميل مقاطع «هزيلة» يتم من خلالها العمل على استخدام أصوات عمالقة الفن، وهم يؤدون أعمال مطربين معاصرين، في خطوة وصفها البعض بـ«الصيحة العابرة»، وأحياناً «بالمهزلة»، في خطوة اعتبرها كثيرون ضرباً من الترويج الجديد وغير المبرر لأعمال الفنانين، و«إهانة» تطال قيمة «الكبار» الذين كرّسوا ذائقة فنية خاصة تعكس اختياراتهم الراقية، سواء على مستوى الكلمة أو اللحن.

• «التقنية» استنسخت صوت الراحلة ذكرى مؤدية مقاطع من أغاني أصالة.. وحاكت صوت إليسا وهي تغني أعمال رحمة رياض.


بعيداً عن المقارنات

في الوقت الذي يتسابق كثيرون في العالم العربي لطرح تجارب فنية معتمدة على استنساخ أصوات الفنانين، نجح خبراء الذكاء الاصطناعي الألمان في استكمال مشروع سيمفونية بيتهوفن الـ10، وبثها مباشرة من دار أوبرا في هامبورغ، ليثيروا موجة واسعة من الدهشة والاهتمام حول العالم، وصولاً إلى متابعتها في مختبر الثقافة في جناح ألمانيا في معرض «إكسبو 2020 دبي»، بعد أن استغرق عمل فريق الخبراء الدوليين على السيمفونية، عامين كاملين لإخراجها بالشكل المطلوب.

تويتر