أعمال تلامس البيئة ومستقبل الكوكب

«حمدان بن محمد للتصوير»: مشاهد نادرة توثقها الصور الفائزة

صورة

بين أشجار الغابات وفي أعماق البحار تجوّلت وغاصت عدسات الفائزين في الدورة الـ11 من جائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الدولية للتصوير الضوئي، والتقطت المشاهد الآسرة سواء للبشر أو لكائنات برية أو بحرية نادرة، أو حتى مشاهد طبيعية تباغت من يشاهدها بالبهجة. بين الأبيض والأسود والملوّن، والطبيعة أو حتى الوجوه، تأخذ عدسات المصورين مهمة يمتزج فيها شغف التوثيق مع الإبداع، ليكون الناتج لقطات نادرة ومبهرة تأسر العين، وتلامس قضايا البيئة ومستقبل الحياة على هذا الكوكب.

لوحة تجريدية

من الصعب المرور على الصورة التي حصدت الجائزة الكبرى للمصور البريطاني هينلي سبيرز بشكل عرضي، فقد التقط صورة لطائر من فصيلة «الأطيش» يستوطن شمال الجزيرة البريطانية، ويسبح في وابل من الفقاعات الناتجة عن غوصه وتحركه السريع في الماء. وأطلق سبيرز على الصورة عنوان عاصفة الـ«جانيت»، إذ تبدو حركة الطير كما لو أنها عاصفة داخل الماء، إذ يقوم بتمشيط حركة المياه بحثاً عن فريسة، فيما يبدو أن جناحيه الطويلين والجسم الانسيابي يسهل الحركة السريعة للطائر. يشق الطائر سطح الماء كما لو أنه طوربيد بحري، فيتحول المشهد الملتقط بالعدسة إلى ما يشبه اللوحة التجريدية، إذ يتضح شكل رأس الطير، ليغرق الجسم وتفاصيله في حركة الماء التي تأخذ لوناً أبيض في الوسط وشفافاً على الجانبين. ويوثق العمل حركة الطير وكيف اخترق سطح الماء بشكل سريع، بينما تظهر دقة العدسة في التقاط نظرة الطائر والاحتفاظ بالتواصل البصري مع عينه.

«ليلى» بالألوان

في محور «البورتريه»، يأخذنا المصور القطري علي سيف الدين، إلى لحظة مميزة ولقطة نادرة لنوع من فصائل الغوريلات، التي تحمل اسم «كيباند» الموجودة في أوغندا، حيث التقط الصورة لها تحت المطر وهي تغمض عينيها، فبدت مسترخية تماماً تحت زخات المطر. وقدم سيف الدين الصورة بالأبيض والأسود، وبينما التقط الفائز بالمركز الثاني وهو محمد راضي عبدالغني، وجه «ليلى» بالألوان، ليعكس من خلال ملامحها وعينيها أسمى أشكال البراءة وكيف تتجسّد بين عينيها، والتقط المصور الغواتيمالي وجه الفتاة التي تحمل اسم ليلى، بين أفياء الطبيعة الخلابة، إذ كانت تعمل وتساعد أهلها في الحقل، وعلى الرغم من عملها، فإن وجهها حمل كثيراً من الدفء والهدوء.

وقدم مجموعة من المصورين لقطات مميزة في الطبيعة في المحورين الأبيض والأسود والملوّن، واحتل المركز الأول في محور «الطبيعة» الأبيض والأسود، محمد الأمسا رؤوف، من إندونيسيا، الذي التقط صورة لمجموعة من الأطفال يلعبون بالطحين بعد انتهاء العام الدراسي. وأطلق رؤوف على صورته عنوان «حرب الطحين»، إذ ظهر الأطفال الذين يلعبون بالطحين كما لو أن هناك حرباً طريفة تدور بينهم، فقد عملوا على نسج لحظات لا تنسى من الفرح، على الرغم من سوء حال مدرسة بابوا التي يدرسون فيها في إندونيسيا. ورصد المصور حركة الأطفال وهم يطيرون في الهواء، فيما شكل الطحين الخلفية التي تناثرت في فضاء المكان، لتبرز العفوية الخالصة في المشهد.

واحتلت المركز الثاني في المحور نفسه، صورة الصيني شوتشوان لو، وعنوانها «جسر البوابة وجبل فوجي»، وتبرز الصورة الجبل الذي يعد من أشهر جبال اليابان، وجسر بوابة خليج طوكيو. ويبرز في الصورة المكان الوحيد الذي يمكن منه رؤية كل من جسر البوابة وجبل فوجي، حيث تتألق قمة جبل فوجي الجليدية والإطار المعدني للجسر معاً. وتأخذ الصورة جمالها من رمزية المكان، فجبل فوجي يعد رمزاً للنبل والنقاء والتفرّد في الثقافة اليابانية، بينما يرمز جسر البوابة إلى الاتصال والتواصل.

موسم الطبيعة

تعليقاً على الأعمال الفائزة في الدورة الـ11 من جائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الدولية للتصوير الضوئي، شكر الأمين العام للجائزة، علي خليفة بن ثالث، سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، على رعايته للجائزة ودعمه المستمر لها، وأضاف: «نحتفل اليوم مع مجتمعات المصورين حول العالم، بتكريم الفائزين لموسم (الطبيعة) تحقيقاً لرؤية الجائزة التي أرساها سموّ ولي عهد دبي، راعي الجائزة، في تكريس الفضاءات الفنية والمبادرات الثقافية لدعم القضايا ذات الأولوية، التي تُلامس مستقبل الحياة على كوكبنا الجميل، كما نحتفي أيضاً بتجاوزنا مرحلة نصف مليون عمل مشارك في مُجمل الدورات». ولفت بن ثالث إلى أن مخرجات هذه الدورة عبارة عن رسائل فنية راقية متسلحة بالقوة الناعمة القادرة على لفت أنظار العالم لخطورة القضايا البيئية وضرورة توحيد الجهود، وتعزيز الوعي المشترك بأهمية الحفاظ على بيتنا الكبير الذي نتشاركه جميعاً.


شخصية عربية مؤثرة

أشاد أمين عام جائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الدولية للتصوير الضوئي، علي خليفة بن ثالث، بوجود شخصية عربية مؤثرة في مجتمعات المصورين في الشرق الأوسط، ضمن قائمة المكرّمين بالجوائز الخاصة، بجانب فائزين عرب من قطر ومصر حصدوا مراكز متقدمة في محور «البورتريه»، وقال: «سعداء بظهور اليابان في قوائم الفائزين للمرة الأولى، ومع حضور فائزين من روسيا وإندونيسيا، بجانب الولايات المتحدة والمكسيك وغواتيمالا، وبقراءة سريعة لخارطة المحيط الهادئ نجد أن (هيبا) نجحت في سد الثغرات وتقريب المسافات ومد جسور التواصل الفني والثقافي والإنساني عبر مختلف الأمم والحضارات، وإهداء فرص التنافس الفني والكسب المعرفي والمهاري للمبدعين في 205 دولة، لتصبح العلامة الفنية الأوسع انتشاراً حول العالم».

جوائز خاصة

شهدت الدورة 10 تقديم ثلاث فئات من الجوائز الخاصة، هي: «جائزة صُنّاع المحتوى الفوتوغرافي»، و«جائزة الشخصية /‏‏‏‏ المؤسسة الفوتوغرافية الواعدة»، إلى جانب «الجائزة التقديرية» التي تُمنح للمصورين الذين أسهموا بشكل إيجابي في صناعة التصوير الفوتوغرافي. وفاز بالجائزة التقديرية في هذا العام المصور والمحرّر الأميركي كورت موشلر، أما «جائزة صُنّاع المحتوى الفوتوغرافي» فقد مُنِحت للمصوّر والمؤثر الكويتي ماجد سلطان الزعابي. فيما منحت «جائزة الشخصية /المؤسسة الفوتوغرافية الواعدة» للمصور تورجوي شودري من بنغلاديش.

علي بن ثالث:

«رسائل فنية متسلحة بالقوة الناعمة القادرة على لفت أنظار العالم لخطورة القضايا البيئية».

«تجاوزنا مرحلة نصف مليون عمل مشارك في مُجمل الدورات».

تويتر