نادٍ في غزة لنساء من أصحاب الهمم

«فارسات فلسطين».. 130 فتاة تحدين حصار كراسيهن المتحركة

صورة

بهمة ونشاط، تعتلي الشابة وسام الدلو، 25 عاماً، كرسيها المتحرك الذي يُعد ملاذها للحركة التي فقدتها منذ الصغر، خلال وجودها في صالة سعد صايل الرياضية غرب مدينة غزة، لتبدأ مشوارها اليومي في ممارسة رياضة كرة السلة.

بعد الانتهاء من حصة تدريبية استغرقت ساعتين متواصلتين، أخذت الشابة وسام قسطاً من الراحة، لترافق صديقتها ميسر الضبة، للمباشرة في تدريبات فريق كرة الطائرة من أعلى كرسيهما المتحرك، في المكان ذاته، إلى جانب زميلاتهن اللواتي تشاركهن الإعاقة ذاتها والإرادة ذاتها أيضاً.

الشابتان ميسر ووسام تشاركان في صفوف نادي فارسات فلسطين للنساء من أصحاب الهمم في قطاع غزة، الذي يبلغ عدد المشاركات فيه 130 سيدة وفتاة، هزمن حصار كراسيهن المتحركة، وانتفضن في وجه النظريات المجتمعية الفظة، لتحقيق طموحاتهن، وإثبات جدارة إرادتهن.

جسم رياضي موحد

سوسن الخليلي التي تعاني إعاقة حركية بسيطة وقصر القامة، كانت هي المثابرة الأولى للمبادرة في فكرة تأسيس نادي فارسات فلسطين للنساء من أصحاب الهمم، والذي وحد إرادتهن وجمع طموحاتهن، ضمن جسم رياضي واحد وموحد، للتغلب على إعاقاتهن المتعددة ما بين بتر جراء الحروب الإسرائيلية، وحوادث أصابتهن في سن الطفولة، أو إعاقة لازمتهن منذ الولادة.

«الإمارات اليوم» التقت رئيسة نادي فارسات فلسطين سوسن الخليلي، في صالة سعد صايل الرياضية، في الوقت الذي كانت تباشر فيه أعضاء الفريق النسائي تدريباتهن اليومية، حيث تقول «نادي فارسات فلسطين، يُعد الأول على مستوى محافظات الوطن، المُخصص لرياضة السيدات ذوات الإعاقة، وجاءت فكرة تأسيسه من منطلق أن الرياضة حق مكفول للجميع، والسيدات ذوات الإعاقة في قطاع غزة من حقهن ممارسة رياضتهن المفضلة، وتحقيق أحلامهن كافة».

وتضيف أن تنفيذ فكرة نادي فارسات فلسطين تمت بعد تأييد وتشجيع مجموعة من النساء من أصحاب الهمم، وذلك لإظهار قدرات مواهبهن للعالم أجمع، ومناصرة حقوقهن رياضياً واجتماعياً في المجالات والجوانب كافة. وتشير إلى أن نادي فارسات فلسطين متخصص في النساء ذوات الاحتياجات الخاصة فقط، وحاصل على ترخيص من وزارة الشباب والرياضة الفلسطينية في مطلع عام 2015، والمجلس الأعلى للشباب والرياضة بالضفة الغربية، في شهر أغسطس من العام ذاته.

طموحات شابة

المشوار الطويل الممتد منذ عام 2015، كان كفيلاً لإتقان فارسات فلسطين مجالات رياضية متنوّعة، وتشكيل مجموعة فرق مختلفة داخل جسم واحد، الأمر الذي مكنهن من المشاركة في مسابقات رياضية على الصعيد المحلي الفلسطيني، وحصد العديد من الألقاب والبطولات المُشرفة.

وتوضح صاحبة فكرة النادي النسائي، أن أصل الهدف من تأسيس النادي، دمج الفتيات من أصحاب الهمم اجتماعياً ونفسياً، ومناصرة حقوقهن رياضياً، وفنياً، ومهنياً، وثقافياً، مضيفة «نُنظم مجموعة من الأنشطة والبطولات الرياضية تناسب الشابات من أصحاب الهمم، إلى جانب الخدمات الرياضية المتخصصة لهن، للتغلب على المشكلات الاجتماعية كافة التي تعترض طريق إبداعهن، والقضاء على كل أشكال التمييز في المجتمع».

ويضم نادي فارسات فلسطين، بحسب الخليلي، فرقاً عدة في مجالات رياضية متنوعة، وهي، كرة السلة على الكراسي المتحركة، وتنس الطاولة بقسمين مختلفين، الأول سيدات وقوف، والثاني سيدات جلوس، وفريق سباق الماراثون، وكرة الطائرة جلوس، والريشة الطائرة، والكاراتيه، وسينطلق حديثاً فريق نسائي لكرة الهدف، للسيدات ذوات الإعاقة البصرية.

وتقول رئيسة نادي فارسات فلسطين «حصلنا على مجموعة بطولات محلية، كان آخرها بطولة الكأس، وهي أعلى بطولة، وفزنا بدوري كأس السلة على الكراسي المتحركة في عام 2018، وفي 2019 حصلنا على بطولة راشيل كوري لكرة السلة، كما حصل الفريق على المراكز الأولى في بطولات سيدات وقوف، وجلوس، وكذلك المراتب الأولى في ماراثون سباق الضاحية».

كسر حاجز الإعاقة

حقق نادي فارسات فلسطين إنجازات جمة على الصعيد المحلي، ولكن لطبيعة تشكيله في القطاع المحاصر، فإنه يواجه تحديات صعبة، كبقية شرائح المجتمع الفلسطيني، وذلك بحسب الخليلي.

وتبيّن رئيسة نادي فارسات فلسطين أن أبرز الصعوبات التي تواجههن منذ التأسيس، هي عدم وجود مقر دائم لنادي فارسات فلسطين، إلى جانب عدم وجود صالات رياضية موائمة وملبية لاحتياجات النساء من أصحاب الهمم.

وتقول الخليلي «فريقنا يمتلك طموحات شابة كبيرة لا حدود لها، ولكن في الوقت ذاته إمكاناته قليلة، بفعل ظروف الحصار، ونحتاج إلى مناصرة متعددة المجالات، للنهوض برياضة الأشخاص من أصحاب الهمم، ونساء نادي فارسات فلسطين». وتطمح الخليلي وفارسات فلسطين لذوات الاحتياجات الخاصة، إلى تمثيل دولة فلسطين في العالم، من خلال مشاركتهن في المسابقات الدولية.


- المشوار الطويل الممتد منذ عام 2015 كان كفيلاً لإتقان فارسات فلسطين مجالات رياضية متنوّعة.

تويتر