ليال تجتمع فيها العائلة والجيران على الخير والمحبة والتراحم

الجدة نادية الشامسي: رمضان القديم في القلب والذاكرة

صورة

لشهر رمضان المبارك خصوصيته وطقوسه الفريدة في الإمارات من تجهيزات واستعدادات، ومجالس يومية، ومأكولات شعبية تتزيّن بها المائدة، خلال أيام الشهر الفضيل. عادات وتقاليد وحكايات وقصص رمضانية ترويها لـ«الإمارات اليوم»، جدات وأمهات، في رحلة إلى حياة الآباء الأولين وعاداتهم لاستقبال الشهر الفضيل.


تتذكر الجدة نادية الشامسي، رمضان أيام زمان، بكثير من الحنين، وتقول إن تفاصيله لاتزال «في القلب والذاكرة»، لأنها أيام لا يمكن أن تنسى لبساطتها وعلاقة الناس القوية ببعضهم بعضاً. وتقول الجدة الشامسي، لـ«الإمارات اليوم»: «العادات الرمضانية في الإمارات لم يطرأعليها تغيير تقريباً منذ أجيال، فكما كان الأمر سابقاً تبدأ الاستعدادات قبل أيام من الشهر الفضيل بتحضير مستلزماته، وتجهيز المجالس لاجتماع العائلة والجيران».وتضيف: «قديماً، كان الاحتفال بمجيء رمضان يبدأ من ليلة النصف من شعبان، المعروفة بـ(حق الليلة)، وهي تلك الليلة التي يتجمع فيها الأطفال بعد صلاة المغرب بملابسهم التقليدية، حيث ترتدي البنات الملابس الملوّنة والمطرّزة باللون الذهبي والفضي، والصبيان بالكندورة البيضاء والطاقية المطرّزة بخيوط الذهب، ويحملون في رقابهم كيساً من القماش يُسمى (الخريطة)، ويمشون في مجموعات تتوقف على أبواب البيوت وتبدأ بترديد الأهازيج وينشدون (عطونا الله يعطيكم.. بيت مكة يوديكم)، لحث أهل البيت على منحهم المكسرات والحلوى».

«المير الرمضاني»

وتتابع الشامسي: «قبل أسبوع من قدوم شهر الصوم، تحرص الأسر الإماراتية كافة على شراء وتجهيز (المير الرمضاني)، وهي عادة إماراتية أصيلة، تقدم فيها الهدايا للأهالي والأصدقاء، نوعاً من التكافل وصلة الرحم».وتكمل: «بمجرد الانتهاء من صلاة التراويح التي يجتمع بها رجال الحي، تبدأ الزيارات بين الأهل والجيران، ورغم أنها اختفت هذه الأيام وصار البعض يكتفي برسائل نصية عبر الهواتف المحمولة، فإن أكثر الأسر الإماراتية مازالت تتمسك بهذه العادة».وتضيف: «كانت تنتشر المجالس المعروفة باسم (الميلس) أو (الديوانية)، خلال الشهر الكريم، ويجلس صاحب الدار في صدر مجلسه لاستقبال زائريه، حيث كانت المجالس ملتقى أهل المنطقة، فيتبادلون أخبار الغوص والأسفار أو إنشاد الشعر، وكانت المجالس تبقى مشرعة حتى وقت السحور».

موائد رمضانية

وتشير الجدة الشامسي إلى أن «موائد الإفطار الجماعية كانت تزين كل حي، حيث يجتمع أهل الحي في مكان واحد للإفطار، فتأتي النساء جالبات ما صنعن من وجبات رمضانية، كل حسب المقدرة، ويتشارك الجميع في تناول الأرز والهريس والمحلى والعصيدة واللقيمات، والحلويات الشعبية من الخبيصة والبثيثة والخنفروش والبلاليط، التي لا يخلو منها أي بيت إماراتي».

وتستطرد: «وجبة الإفطار كانت بسيطة خفيفة وكذلك السحور، فيتناول الصائمون التمر واللبن، ويذهب الرجال إلى المساجد وكل واحد منهم يحمل طبقاً أو مجموعة أطباق، وبعد انقضاء الصلاة يجتمع المصلون في رواق المسجد الخارجي، صغاراً وكباراً، ليتناولوا شيئاً قليلاً من المائدة العامرة، ويدعو كل من يمر بهم أياً كانت جنسيته ليشاركهم مائدة الخير والبركة، ثم يعود الأب إلى البيت فيتناول شيئاً من الشاي والقهوة، ثم يستعد الجميع لصلاة العشاء وصلاة التراويح، وبعد العودة يجتمع أفراد الأسرة حول بعض الأطباق الحلوة مثل (الساقو والخبيص)، أما السحور فيقتصر على التمر أو الرطب واللبن والكامي والماء، والبعض قد يأكل العيش (الأرز) ويشرب الماء».

جدات وأمهات

عن القصص والحكايات المرتبطة بشهر رمضان، تقول الجدة الشامسي: «مئات منها ترتبط بـ(ليلة القدر)، وما يناله الفائزون برؤيتها، التي تسردها الجدات والأمهات بعد صلاة التراويح لأطفال الحي والعائلة».

وتتابع: «خلال الـ20 يوماً الأولى، تجتمع النساء والفتيات يومياً لتفصل كل واحدة ثيابها وثياب أهلها من الرجال والصغار، فإذا جاءت الـ10 الأواخر تستعد النساء لترتيب وتنظيف البيت وتجهيز الحلويات والأطعمة الخاصة لاستقبال عيد الفطر المبارك بالفرحة والزينة والثوب الجديد».

ألعاب الصغار

وتوضح الشامسي أن «الصغار كان لهم الحظ الأكبر من الفرحة بقدوم الشهر الفضيل، حيث تنتشر الألعاب الشعبية التي يتشاركون في لعبها حتى أوقات متأخرة من الليل أمام أبواب المنازل، منها لعبة (الهول) و(عظيم لوّاح) و(يوريد والكوك والليف)، وغيرها من الألعاب، مثل لعبة الخاتم بين لاعبين أو لاعبتين، ولعبة الصوير وهي من الألعاب الجماعية، ولعبة المدافع، والمريحانة المختلفة التي لها نداءاتها وأغنياتها التي ترافقها، أضافة إلى إقامة مسابقات بين الصغار في المساجد لتشجيعهم على حفظ القرآن وتلاوته في الشهر الكريم».

ذكرى «المسحر»

تتذكر الجدة الشامسي، بعض العادات الرمضانية، التي تقول إنها اختفت تماماً هذه الأيام، منها «المسحر»، وهو ذلك الرجل الذي نذر نفسه لتنبيه الناس بموعد السحور من دون أجر، يمر على البيوت حاملاً طبلة صغيرة يطرقها خمس طرقات، وهو يردد (قُم يا نايم قم.. قومك أخير من نومك)، وفي ليلة العيد، يطوف على البيوت ليتلقى مكافأة عمله، ويستقبله الناس بالترحاب ويتبادلون معه التهاني، ويغدقون عليه العطايا والهدايا، ومن عطاياهم تكون زكاة فطرهم.

تويتر