نادية أبوغطاس تصنعها بأسلوب مختلف للحفاظ على تراث وهوية شعبها

مجوهرات فلسطينية من أوراق الزيتون

صورة

داخل أرضها في بلدة بيت جالا غرب مدينة بيت لحم، التي يلفها جدار الفصل العنصري، تقضي الفلسطينية نادية أبوغطاس وقتاً طويلاً في جمع أوراق شجر الزيتون، لتنتقل إلى مشغلها البسيط في منزلها، تعالج تلك الأوراق، وتحولها إلى قطع فضية متعددة الأشكال والأحجام، وبالتالي تنتج المجوهرات بطريقة غريبة وفريدة من نوعها.

ويُنظر إلى أبوغطاس، من خلال هذا الإنتاج الذي تبدع فيه كمناضلة من نوع خاص، حيث تتحدى سياسة العزل، وإجراءات إسرائيل في تجريف واقتلاع أشجار الزيتون المعمرة، وضمّ أراضيها لمصلحة التوسع الاستيطاني، إلى جانب إرسال رسالة سلام للعالم بطابع خاص، وفق منظور مهنتها.

بدأت نادية أبوغطاس العمل في صناعة المجوهرات والمعادن في عام 2005، متوجهة إلى استخدام أوراق الزيتون الخضراء، التي تطليها بمادة الفضة النقية، لتنتج منها مجوهرات ثمينة، منها الأساور، والعقود، والأقراط.

وكانت صانعة المجوهرات الفلسطينية قد أحبت الأشغال اليدوية والفنون التشكيلية منذ صغرها، حيث كان أهلها ينحتون الحجارة وينقشونها، فحفرت في ذهنها صناعة الأشكال الفنية، التي كبرت معها، لتتخذ منها أشكالاً عديدة ومنقطعة النظير، بعد أن ألهمتها أشجار الزيتون المعمرة.

بداية الفكرة

كانت أشجار الزيتون بنوعيه رفيع الأوراق صغير الثمار، وعريض الأوراق كبير الثمار، تزين بيت جالا مسقط رأس نادية، لكن ووفق منهج إسرائيل في التدمير والمصادرة، بدأت تلك الأشجار تتقلص، لتناضل نادية من جهتها مستثمرة موهبتها ومهنتها في التعبير عن حبها للشجرة، لتجعل منها أعمالاً فنية وقطع فضة، تجذب كل من شاهدها.

تقول صانعة المجوهرات أبوغطاس لـ«الإمارات اليوم»، «فكرة صناعة الفضة من أوراق الزيتون راودتني بإيحاء من الشجرة ذاتها، التي أشعر بأنها تشبهني وتشبه أهل بيت لحم، فتساءلت لماذا يصنعون قطع الذهب والفضة على شكل زهرة أو فراشة أو لؤلؤة ولا يصنعونها على شكل ورقة زيتون؟».

وتضيف «فكرت مباشرةً في تصميم قطع مجوهرات صغيرة على شكل ورق الزيتون».

وتشير أبوغطاس إلى أن المجوهرات التي تنتجها من أوراق وأغصان شجرة الزيتون، تحمل الطابع الفلسطيني الخالص، وتمثل هوية شعبها وتراثه، لافتة إلى أن شجرة الزيتون هي الشاهد الدائم منذ آلاف السنين على معاناة الفلسطينيين، كما تعد رمزاً للمحبة والسلام.

وكانت العروس الفلسطينية، بحسب أبوغطاس، تتزين قديماً بمجوهرات مصنوعة بأنامل فلسطينية محلية، ولكنها مع مرور الوقت اختفت، لذلك قررت أن تعيد هذا الإرث الحضاري مرة ثانية، من خلال إعادة إنتاجها بشكل جديد وفريد، يجمع في شكله الأناقة، وفي مضمونه الحفاظ على الهوية الثقافية والتراثية الفلسطينية.

مراحل الإنتاج

ما تنتجه صانعة المجوهرات الفلسطينية في بلدة بيت جالا، ليس مجرد قطع فضية على شكل أوراق الزيتون وأغصانه، بل تصنع قالباً لكل ورقة، حسب شكلها وحجمها. وتشير صاحبة مشغل مجوهرات أوراق الزيتون إلى أن عملية إنتاج قطع المجوهرات المصنوعة من أشجار الزيتون تمر بمراحل عديدة تبلغ 15 مرحلة، تبدأ بقطف الأوراق والأغصان وتنظيفها وترتيبها وتصنيفها، مروراً بعملية تركيبها على شكل شجرة ثم كسوتها بالجبس، وحرقها في الفرن بدرجات عالية جداً، لتضع لاحقاً مادة الفضة النقية بمقادير معينة ودقيقة، حسب شكل الورقة وحجمها وطولها.

وتقول أبوغطاس «في بداية الأمر أقطف أوراق الزيتون القوية، وذات الشكل الجميل، وفي مرحلة ثانية أصنع قالباً لكل ورقة، ثم أصب الفضة، وأحياناً الذهب في القالب، وأصمم شكل العقد أو السوار أو الخاتم، وأدخل بعض الأحجار الكريمة، والخرز الملون، وفي نهاية الأمر تكون كل قطعة مجوهرات نسخة طبق الأصل من ورق الزيتون التي قطفتها».

وتوضح أن صناعة المجوهرات من أوراق أشجار الزيتون تعتمد على عملية التشابه والتجانس بين الأوراق التي تختلف بالشكل والحجم عن الأخرى، لافتة إلى أنها ترتكز في هذا الجانب على مرحلة الفرز والتجانس، التي تحتاج إلى دقة متناهية في العمل.

وتتابع أبوغطاس قولها «المجوهرات التي أنتجها لا تشبه الموجودة في الأسواق، فكل واحدة تمثل لوحة فنية تختلف عن غيرها».

وجابت أبوغطاس بمجوهراتها التي تنتجها من أوراق الزيتون أنحاء العالم، حيث شاركت في معارض محلية وخارجية، محقّقة نجاحاً وشهرة كبيرة، نتيجة الإقبال على شراء واقتناء مجوهراتها.

وتسعى صانعة المجوهرات أبوغطاس مستقبلاً إلى إقامة مشروعها الخاص في صناعة المجوهرات والحلي، ذات الطابع الفلسطيني الخالص.


- صانعة المجوهرات الفلسطينية أحبت الأشغال اليدوية والفنون التشكيلية منذ صغرها، حين كان أهلها ينحتون الحجارة وينقشونها، فحفرت في ذهنها صناعة الأشكال الفنية.

تويتر