وثّقت تجربتها مع أطفال زنجبار بالصورة والصوت

ندى الطاهر: التطوع أخرجني من «منطقة الراحة» لرؤية العالم

صورة

لحظات لا تُنسى، عاشتها الإماراتية، ندى عبيد الطاهر، وهي تخوض غمار تجربتها الأولى في مجال العمل التطوعي خارج الوطن، مع مجموعة من روّاد العمل الإنساني حول العالم، لتسهم من خلال دراستها الأكاديمية، وميلها إلى مبدأ التعليم، في تقديم دورات مجانية، وحصص لتلاميذ صغار حاولت أن تنير طريقهم، وترسم الابتسامة والأمل على ملامحهم البريئة.

تعلقها الشديد بالعمل التطوعي، تردّه ندى إلى رغبتها دائماً في الخروج من «منطقة الراحة»، وفكرة الاسترخاء، إلى الانتباه للعالم وما يحدث فيه، والاطلاع على حياة الآخرين، والإسهام - قدر الإمكان - في تغييرها للأفضل.

وفي الوقت الذي تجتذبها تفاصيل التجربة، ويستهويها توثيقها بالصورة، تعود ندى بعد كل رحلة حاملة كنزاً من اللحظات الاستثنائية، والذكريات المحفورة في مخيلتها، تحرص على إيصالها للناس هنا، كما حدث، أخيراً، عبر مشاركتها الناجحة للمرة الأولى في معرض سكة الفني، الذي اختتمت فعالياته، أخيراً، تحت شعار «نافذة مفتوحة على الفن والتسامح» بحي الفهيدي التاريخي في دبي.

بالصوت والصورة

عمدت ندى إلى تقديم أعمالها الفنية بالصوت والصورة، واصفة تجربتها الإبداعية في الفن التصويري بالقول: «أحببت توثيق هذه اللحظات التي عشتها مع أطفال زنجبار، خلال أسبوع كامل من العمل التطوعي والإنساني، الذي فتح لي أبواباً واسعة وآفاقاً رحبة لتكريس طموحاتي وأهدافي البعيدة فيه، وأسهم في اكتشاف الكثير من المفاجآت والتفاصيل الجديدة التي كان لها عميق الأثر في نفسي». وتضيف المتطوعة الإماراتية: «كنت أوثّق اللحظات بهاتفي، وليس بوساطة كاميرا محترفة هذه المرة، خصوصاً أنني لم أفكر في اصطحاب كاميرا التصوير لاعتقادي بعدم حاجتي إليها في هذه التجربة الإنسانية التي أخوضها خارج حدود الوطن، فلم أخطط مسبقاً لتصوير هذه اللحظات التي وجدتها على خلاف التوقعات، مفعمة بالمشاعر الإنسانية».

13 صورة فوتوغرافية، نقلت ندى من خلالها تلك المَشاهِد، إلى جانب كم كبير من لوحات قام طلاب وطالبات المدرسة في زنجبار بتنفيذها، بالإضافة إلى تسجيلات للأطفال وهم بصدد الإنشاد في الطابور الصباحي اليومي، وتصف ندى هذه الصور والتسجيلات بأنها «توثق لذكرى غالية على قلبي، ستظل فيها الصورة جسري الذي أعبر به إلى آفاق إنسانية جديدة تذكرني بقيمة العطاء الذي لا ينضب».

جماليات اللحظة

حول جماليات هذه اللحظات التي التقطتها بشكل عفوي من دون أن تفكر في اصطحاب كاميرا التصوير، تقول ندى: «شعرت للوهلة الأولى بأن هذه اللحظات يجب أن توثّق، بعد أن تجسد سحر الحياة البسيطة لأهل المكان أمام ناظري، فعشقت تفاصيله التي برزت جلية في عيونهم الراضية، ونفوسهم القانعة بالموجود، تجربة انسحبت بدورها على واقع أطفال زنجبار في مدارسهم الخاوية من النوافذ والأبواب، والمفتقدة أدنى المتطلبات اليومية، كالكراسي والسبورة والطباشير، في أغلب الأحيان».

وفي السياق نفسه، تشيد ندى بمشاركتها في معرض سكة الفني، التي أتاحتها لها «برواز غاليري»، التي أسسها الفنان علي الشريف، المهتم بدعم المواهب الفنية الشابة وتقديم الفرصة الحقيقية لعرض وتقديم إبداعاتهم للعموم. في المقابل، لفتت ندى إلى مشاركاتها السابقة في معرض فني متخصص، أقيم في نادي دبي للسيدات، ونجحت في تقديم تجربتها فيه، بالإضافة إلى دراستها الأكاديمية وتخصصها في مجال التصوير والغرافيك والاتصال الافتراضي، وعملها لسنوات طويلة في هذا المجال، الذي تولت فيه مهمة العمل الأكاديمي كمحاضرة في مجالات اختصاصها لطلاب قسم الإعلام بكليات التقنية العليا في دبي.

آفاق وطموحات

وعن طموحاتها التطوعية، كشفت ندى عن حلمها الدائم باستحداث دورات لمعلمين ومتخصصين في الدول المحتاجة، وتفعيل دور مراكز التدريب في هذا المجال، لنشر ثقافة المعرفة، وتجارب الاختصاص في تلك الدول: «أتمنى أن تتاح لي فرصة تنفيذ هذه الأفكار المتلائمة مع احتياجات تلك المجتمعات، وبناء مؤسسة غير ربحية تتولى مهمة تدريب المعلمين والمهتمين بهذا المجال». وأضافت «ليس شرطاً إقامة المعارض المتخصصة للتعريف بثقافة التطوع، إذ يمكن هنا إنشاء منصة إلكترونية متخصصة، تجمع تجارب المصورين والأشخاص المهتمين بتوثيق هذه اللحظات، وإفساح المجال للجميع للاطلاع عليها والمشاركة فيها، من خلال الدعم الذي أفضّل أن يكون على شكل مساعدات وهدايا، تعم فائدتها على المحتاجين بشكل أساسي».


داعم رئيس

تسهب ندى في الحديث عن الدعم الذي تلقته من عائلتها، وتشجيعهم الدائم لها على الانخراط في الأعمال الخيرية والتطوعية، وتتوقف عند دور زوجها الرئيس في نجاحها في هذا الإطار، مشيرة إلى وقوفه المتواصل إلى جانبها في هذه التجربة الإنسانية، وتفهّمه الكبير لاحتياجاتها وتعلقها الشديد بالعمل التطوعي الذي ترغب فيه للخروج من «منطقة الراحة»، كما سمّتها، للسفر في ثنايا الحياة الإنسانية الأوسع، ومد نطاق البصر إلى ما وراء التفاصيل اليومية، وتقول ندى: «أحمد الله دائماً على نعمة العيش في دولة غنية وقادرة على مد يد الخير والعون للمحتاجين، وقد أحببت الانخراط في هذه التجربة الإنسانية للخروج من بوتقة الحياة الاستهلاكية البسيطة، التي قد تشغلنا عن البحث في جوانب وجودنا المتعددة وواقع الناس من حولنا».

الصورة جسري الذي أعبر به إلى آفاق إنسانية جديدة، تذكرني بقيمة العطاء الذي لا ينضب.

لم أخطط مسبقاً لتصوير تلك اللحظات التي وجدتها، على خلاف التوقعات، مفعمة بالمشاعر الإنسانية.

تويتر