نجح في إقناع الفقير بأن يشتري مع الخبز هاتفاً ويعبئ رصيداً

السوداني مو إبراهيم.. الملياردير بائع الهواء في إفريقيا

صورة

من أرض الفقراء إفريقيا جمع ثروته، وصنع من شبكات الهواء قصة نجاح، لايزال يتنقل صداها بين الأفارقة عبر أثير اتصالات «سيل تيل» التي أسسها عام 1998، انه السوداني محمد إبراهيم، المعروف بـ«مو إبراهيم»، والذي كان يحلم بأن يصبح مدرساً فصار مليارديرا، ونجح في إقناع الفقير بأن يشتري مع الخبز هاتفاً ويعبئ رصيداً.

أحلام الولد الإفريقي

دائماً ما كان مو إبراهيم يردد في مقابلاته الصحافية «أنا الولد الإفريقي نفسه الذي نشأ فقيراً، جئت إلى هنا وعملت بجد، وكنت محظوظاً بما فيه الكفاية لأن الأشياء التي حلمت بها قد أنجزتها فقط، لذلك ليس هناك شيء غير عادي أو رائع في القصة»!

جائزة مُغرية للديمقراطية

أنشأ مو إبراهيم جائزة لتشجيع الحكم الرشيد وإشاعة الديمقراطية والتنمية والعدالة، وتبلغ قيمة الجائزة خمسة ملايين دولار، مع مرتب قدره 200 ألف دولار مدى الحياة، وتمنح للقادة الإفريقيين الذين استوفوا المعايير التي تضعها المؤسسة.

النوبي

ولد محمد فتحي إبراهيم في شمال السودان،‏ جنوب النوبة، في عام 1946، ثم انتقل مع عائلته ليعيش في شمال مصر.

درس الهندسة الكهربائية في جامعة الإسكندرية وفيها تخرج، ثم هاجر بعدها إلى إنجلترا عام 1974، حيث عمل ودرس ليحصل على شهادة الماجستير في الهندسة الكهربائية والإلكترونية من جامعة برادفورد، ثم حصل على شهادة الدكتوراه في الاتصالات النقالة من جامعة برمنجهام، ثم عمل في شركة الاتصالات البريطانية «بريتش تيليكوم».

100 مليونير إفريقي

بيعت «سيل تل» عام 2005 مقابل 3.4 مليارات دولار، وتقاسم المساهمون والموظفون 500 مليون دولار، وأصبح 100 شخص، معظمهم أفارقة، من أصحاب الملايين، فقد أراد مو رد الجميل لإفريقيا التي ساعدته على تحقيق هذا النجاح.

- الأشياء التي حلمتُ بها أنجزتها فقط، ليس هناك شيء غير عادي أو رائع في القصة.

- حين كان الهاتف النقال في بعض الدول غرضاً شخصياً، كانت عائلات إفريقية تتشارك لشراء هاتف لها كلها.

بدأت قصة مو إبراهيم عندما قرر الاستقالة من شركة «بريتش تيليكوم»، أو «بي تي في»، التي كان يشغل فيها منصب الرئيس التقني لقسم الاتصالات النقالة الجديد.

يقول مو: «عندما تركت وظيفتي بكبرى الشركات في لندن، أصبت بالإحباط، فقد فقدت معها سيارتي وسكرتيرتي وهاتفي النقال، كل المميزات الجميلة، وأمام هذا الوضع البائس قررت أن أصبح مستشاراً».

ذهب مو إلى البيت، وأخبر زوجته بأنه سيقوم بإعداد مكتب في غرفة الطعام، وفيه أسس شركته «موبايل سيستمز إنترناشيونال»، التي باعها عام 2000 مقابل 916 مليون دولار. وبعد خمس سنوات باع شركته الثانية «سيل تيل»، التي تعمل في 15 بلداً إفريقياً وتضم 24 مليون منخرط، بـ4. 3 مليارات دولار، وقدرت مجلة «فوربس» ثروته بـ2.5 مليار دولار.

الجوال الذي غير حياتهم

«لقد غيرت صناعة المحمول في إفريقيا» يقول مو إبراهيم، ويتابع «في فترة التسعينات، حين أردت أن أجلب الاتصالات النقالة لإفريقيا، نصحني الخبراء بألا أفعل ذلك، فاسم هذه القارة كان مرادفاً لعدم الاستقرار والانقلابات والثورات والفساد والرشاوى، وحتى لو تخطيت ذلك، فسيكون علي أن أقرض الناس المال ليشتروا به الهاتف النقال ليستخدموا خدمات شبكتي، لكني قررت أن أفعل ذلك، رغم هذه النصائح».

لم يكن «مو» يملك في تلك الفترة خبرة في تأسيس وإدارة شركات اتصالات، فقد كان مجرد مستشار وخبير فني، ولم يكن أيضاً يملك الأموال الطائلة التي تحتاج إليها مثل هذه الاستثمارات الضخمة، فهو يملك ويدير شركته الصغيرة الأولى «موبايل سيستمز إنترناشيونال» التي بدأت بخمسة موظفين فقط، لكنه لم يستسلم وظل يطارد حلمه الإفريقي.

بدأ «مو» يحاول الحصول على قرض أو تمويل كافٍ لإنشاء شركة اتصالات نقالة في أوغندا، وكان أعظم تحدٍّ واجهه هو بناء الثقة، فهو لم يؤسس شركة اتصالات نقالة من قبل، فلم يثق به المستثمرون ليحصل على المال، ولا الموظفون الحكوميون ليحصل على الترخيصات اللازمة. على الجهة الأخرى كانت أكبر نقطة قوة في موقف «مو» هي عدم وجود منافسين له أبداً، وكانت الساحة خالية له.

في عام 1998 نجح «مو» في جمع رأس المال اللازم للبدء، وأسس شركته «سيل تيل»، وبدأ بتقنيات اتصال بسيطة ورخيصة، وعوضاً عن بيع خطوط اتصالات بعقود شهرية، كان البيع فقط للبطاقات مسبقة الدفع.

وفي حين كان الفرد في الدول الأخرى يشتري الهاتف النقال لنفسه لاستعماله الشخصي، كانت العائلات الإفريقية تتشارك لشراء هاتف نقال لها كلها، كل هذه الأفكار جعلت كلفة إدارة شركة الاتصالات الناشئة رخيصة وسهلة، وهو ما ساعدها على الاستمرار والنجاح.

بدأت «سيل تيل» في أوغندا، ثم بدأت تدخل بقية الأسواق الإفريقية وتحصل على ترخيص حكومي رسمي للعمل فيها، مثل مالاوي والكونغو والغابون وسيراليون، لكن هذا التوسع تطلب مالاً كثيراً لا نهاية له، والمزيد من تركيز ووقت «مو»، ولذا قرر بيع «موبايل سيستمز إنترناشيونال» بقيمة 916 مليون دولار، وأعاد استثمار حصته من البيع في الشركة الناشئة «سيل تيل».

لا رشوة في إفريقيا

كان كل بلد إفريقي يدخله يمثل تحدياً جباراً لـ«مو» فرغم الفساد المنتشر في هذه الدول، رفض «مو» التعامل بالرشاوى، وقرر عدم إعطاء أو قبول أي رشوة، سواء من قبله أو من قبل أي من المساهمين الآخرين في الشركة، ويقول «مو»: «اجتمعت بكل موظفي الشركة، وأكدت عليهم أنه لا يمكن لأحد دفع رشوة، وإذا تعرض أي من الرؤساء التنفيذيين لدينا في الميدان لضغوط، فسيكون عليهم أن يقولوا: كم تريدون؟ مليونين؟ ثلاثة ملايين؟ وسأبادر إلى كتابة طلب إلى مجلس الإدارة».

ويضيف «بمجرد أن عرف شركاؤنا أن هذه هي الطريقة التي نؤدي بها أعمالنا، تبددت كل الضغوط».

نجح «مو» في محاربة الرشوة في تعاملاته، وقرر تعزيز سمعة الشركة في هذه الدول من خلال بناء المدارس والعيادات، ومساعدة المحرومين من التعليم على تعلم مهارات جديدة، فتغلب على الرشوة بالعمل الإنساني والاجتماعي.

وارتفع استخدام عدد الهواتف المحمولة في القارة من 7.5 ملايين مستخدم عام 1999 إلى 76.8 مليوناً عام 2004، بزيادة سنوية في المتوسط بلغت 58% وأصبح سائق التاكسي في أوغندا يملك المحمول كما تملكه بائعة الموز في نيجيريا وكينيا.

وفي السنة نفسها بلغ عدد عملاء شركة «مو» 5.2 ملايين مشترك، موزعين على 13 دولة، بعائد إجمالي قدره 614 مليون دولار سنويا، وبربح صافٍ قدره 147 مليون دولار.

 

تويتر