أكّدن أن التجربة بدّلت نظرتهن وجعلتهن محبّات للحياة

ناجيات من سرطان الثدي حاربن «الوحش» بروح وردية.. وانتصرن

صورة

مدرسة.. لص.. ووحش.. تسميات أطلقتها ناجيات من سرطان الثدي على هذا المرض، مؤكدات لـ«الإمارات اليوم» أن تجربة الإصابة بذلك الداء والنجاة منه، غيرتا الكثير بداخلهن، وبدلتا نظرتهن للحياة فأصبحن أكثر إصراراً على العيش والمحاربة بروح وردية لا تستسلم، تشبه شريط التوعية بذلك المرض.

سنوات قد تعيشها المرأة المصابة بسرطان الثدي في العلاج، ومراحل كثيرة تمر بها في التعافي من المرض، بدءاً من تبدل المظهر، مروراً بتساقط الشعر، ووصولاً إلى خسارة الوزن، إضافة إلى كل ما يرافق تلك المراحل من تبدلات نفسية.

وتحمل قصص ناجيات حاربن سرطان الثدي رسالة يوجهنها إلى النساء، بضرورة الكشف المبكر للتغلب على المرض سريعاً، كما تختصر رحلات الناجيات أحدث الطرق الطبية لعلاج المرض، والطرق الغذائية التي تساعد على الوقاية منه.

لص

تشبّه الفلسطينية رندة مشتهى سرطان الثدي باللص الذي يدخل البيت، ولا يترك أمام صاحب المنزل سوى ثلاثة خيارات: إما الانهيار، أو محاربته دون استعداد وبالتالي الانهزام، أو التفاوض معه لتركه يأخذ ما يشاء ويخرج، مشيرة إلى أن التجربة مع سرطان الثدي لا يمكن اعتبارها انتصاراً، فليست جميع القصص تنتهي هكذا، كما أن التجربة لا يمكن وصفها بالمعاناة، فالأمر يتوقف على تقبل المريضة لمرضها.

وتابعت رندة: «شخصياً لم أعش دور الضحية، بل عشت تجربة واختباراً صعباً. فنحن كبشر أضعف بكثير من مرض السرطان»، لافتة إلى أنها تعاملت مع المرض، والخوف الذي رافق مرحلة التشخيص، فأخذت المحطات واحدة تلو الأخرى، وخضعت في البداية لعملية الاستئصال، ثم جلسات العلاج الكيماوي، وبعدها إعادة بناء الثدي، وشهدت تساقط الشعر، ولكنها لم تتفرج عليه وهو يتساقط، واختارت أن تزيل شعرها بالكامل قبل الجلسة الثانية من العلاج الكيماوي. وتختصر مشتهى تجربتها بأنها أخرجت منها شخصاً جديداً، فقد باتت تقدر النعم حولها، كما أن علاقتها مع زوجها تبدلت، فباتت تنظر إلى العلاقة والخلافات بشكل مختلف، وماذا تريد من حياتها ومن أولادها.

ولم تخفِ مشتهى أنها انعزلت قليلاً، فكانت تفضل ألا ترى أحداً في بعض الأوقات. وعن مدة العلاج، أفادت بأنها ما يقارب عاماً ونصف العام بين الكيماوي، والأدوية بالوريد، ومازالت تأخذ أدوية الهرمونات إلى اليوم، منوهة بالدعم العائلي الذي تلقته من والدتها، وكذلك زوجها الذي خفف التجربة الصعبة بالمرح وروح الدعابة لتخفيف الوجع، فكان يجرب لها الأطعمة، ويقارن صلعته برأسها الحليق، ليحول الوجع إلى مرح، ما جعلها تكتشف شخصاً في مرضها.

كوني قوية

عبر حادث بسيط عام 2014، اكتشفت اللبنانية كريستيل كيروز إصابتها بالمرض، إذ كان لديها أكثر من سفرة في عملها، واصطدم صدرها بطاولة خلال رحلة لها في تركيا، أدت إلى تورم في الثدي، وبعد أربعة أشهر، اكتشف مع الفحوص وجود سرطان الثدي.

خضعت كريستيل لأول جراحة بعد 20 يوماً من اكتشاف المرض، وتم استئصال جزء من الثدي، لكنها طلبت في مرحلة لاحقة استئصال الثدي بالكامل، لأنها عاشت مع والدتها عذاباً أصابتها به، فكان لديها إصرار على محاربة المرض الذي تسميه وحشاً.

وعن الفترة الأولى من المرض، أفادت بأن علاجها شُخص في لبنان، واختارت أن تتلقى علاجها في العاصمة بيروت، لذا كانت تسافر إليها كل ثلاثة أسابيع، لتلقي العلاجات خلال العطلة الأسبوعية، وتعود بعدها مباشرة إلى ممارسة عملها، واستغرق العلاج ما يقارب الـ18 شهراً.

وأشارت كريستيل إلى أن الصعوبات التي تخللت علاجها، كانت في مواجهتها المرض وحدها، إذ كان لديها إصرار على العيش، وعدم فقدان الأمل بالغد الأجمل، والاهتمام بالصحة والطعام، وتناول الأطعمة الجيدة، مضيفة أن أصعب المواقف تجسدت في تنقلها من بلد لآخر خلال العلاج، إذ سافرت ما يقارب 40 مرة خلال تلك الفترة، لكنها تؤكد أن التجربة جعلتها محبة للحياة؛ ناصحة كل امرأة بأن تكون قوية، فالطب تطور كثيراً، وبات من اليسير القضاء على المرض. وقالت «أنا مستعدة لمساندة أي امرأة تمر بصعوبات، خلال علاجها من المرض».

مدرسة

أما السودانية غدير كنه، فبدأت رحلتها مع محاربة السرطان وهي في الـ29 من عمرها، رغم أنها كانت تعيش نمط حياة صحياً جداً، تمارس الرياضة خمسة أيام في الأسبوع، وتتناول الأطعمة العضوية، لكنها اكتشفت بعض الأورام في الثدي فجأة، فخضعت للفحص الذي كشف أوراماً بين الثديين، والتي مع الوقت بدأت تتغير وزادت، إلى أن قرر الأطباء استئصال الأورام واحداً تلو الآخر، لتكتشف غدير في النهاية أن الورم سرطاني.

وتعترف بأن وقع الخبر كان قوياً، فقد جلست ربع ساعة في السيارة مع نفسها، رغم المقدمات الكثيرة التي هيأت لسماعها مثل هذا الخبر، مشيرة إلى أن السرطان كان شرساً جداً، إذ اخترق حاجز الثدي ووصل إلى الغدة اللمفاوية، لهذا تم نقلها مباشرة إلى المستشفى، وباشروا بالعلاج الكيماوي في اليوم نفسه، ولكن في الساعات الثماني التي فصلت بين معرفتها بالإصابة وبدء العلاج، راجعت حياتها. وأطلقت غدير على السرطان تسمية «المدرسة»، فهي تجده يعيد الإنسان إلى حياته، وإلى التفكير في ما أخطأ.

لم تحسب غدير جلسات الكيماوي، وطلبت إخطارها بموعد الجلسة الأخيرة كي تحتفل، وقررت أن تحلق شعرها، وأن يتم استئصال الثديين، لأن الأورام السابقة بين الثديين الأول والثاني كانت تفصلها فترات بسيطة، ما يعني أنها كانت ستصاب لاحقاً في الثدي الثاني.

وأكدت أن التجربة جعلتها تتأمل أكثر، وتغير أولوياتها في الحياة، وباتت إنسانة أقوى، على حد تعبيرها.

علاج وترميم

بدورها، قالت الأخصائية في جراحة سرطان الثدي، الدكتورة حورية كاظم، لـ«الإمارات اليوم»: «لقد تطور علاج سرطان الثدي، وكذلك الجراحات، فاليوم يمكن استئصال جزء من الثدي أو استئصاله بالكامل، مع إجراء عملية تعديل الشكل وإعادة بناء الثدي في الوقت عينه، بحيث يتم الحفاظ على الجلد، ووضع الحشوات، وبالتالي يبقى الشكل تماماً كما كان في السابق».

وأضافت أنها في البداية تحرص على أن تحث كل مريضة على الذهاب للفحص الدوري الذي يعد أساسياً، فمن الضروري إجراء الفحص الدوري للجسم بالكامل مرة سنوياً، مشيرة إلى أنه يجب فحص الثدي باليد أولاً، وبعدها إجراء الصور الشعاعية أو الرنين المغناطيسي أو الماموغرام.

العلاجات الأساسية - حسب الدكتورة حورية - تبدأ مع الجراحة، ثم العلاج الكيماوي، والإشعاعي، إلى جانب علاج الهرمونات، والمناعة. وغالباً تجرى جراحة أولاً، وتتبع بالعلاج الكيماوي، بينما يمكن البدء بالعلاج الكيماوي قبل الجراحة حينما يكون حجم الورم كبيراً، وبعد العلاج والجراحة يمكن أن تعود المرأة لطبيعتها، بل ويمكن للمرأة أن تتابع عملها خلال فترة العلاج.

تغذية

أكدت أخصائية الصحة والتغذية، لمى النائلي، أنه توجد أغذية يمكنها أن تقي السرطان، أو تعد مفيدة أثناء العلاج وبعده، موضحة أن للغذاء دوراً كبيراً، إذ إن معدل الإصابة بسرطان الثدي مرتفع، وبالتالي تعد التوعية عن طريق الغذاء مهمة.

وأشارت إلى أن أبرز الأغذية التي تقي السرطان، هي الغنية بمضادات الأكسدة، وكذلك الغنية بالبيتاكاروتين، وهي الأغذية ذات اللون الأحمر كالطماطم والفراولة، إذ تحارب وتمنع ظهور المرض، إلى جانب الأرضي شوكي والبصل والثوم والكركم، والخضراوات والفواكه الملونة. ونصحت بالتخلص من زيادة الوزن عند النساء، وارتفاع نسبة الدهون التي تجعل المرأة أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي مع تقدمها في العمر.

كما شددت النائلي على تخفيض معدل دهون البطن عبر النظام الغذائي، وتجنب المأكولات التي تحتوي على الزيوت المهدرجة والغنية بالدهون المشبعة، بالإضافة إلى تخفيف الملح والدقيق الأبيض، كون الأخير من المكونات التي ترفع احتمالية الإصابة بالسرطان.

وذكرت أخصائية التغذية أنه خلال العلاج من السرطان تكون المناعة منخفضة، لذا تكون المرأة عرضة للتسمم الغذائي، كما أن العلاج الكيماوي يسرع عملية الايض، فتصبح المرأة نحيفة جداً، لذا لابد من الحرص على تناول الأكل في المنزل، وأن يكون مطهواً بعناية، وتجنب السلطات النيئة، والحليب الطازج واستبداله بالمبستر والمعقم، والتركيز على البروتينات الخالية من الدهون كالسمك الأبيض والدجاج، إلى جانب تناول الأغذية الغنية بالفايتو استروجين التي تكافح ارتفاع الاستروجين، ومنها الصويا وبذور الكتان، والتي تمنع عودة المرض.

تعايش.. ونمط صحي

أشارت الأخصائية في جراحة سرطان الثدي، الدكتورة حورية كاظم، إلى حالات تم اكتشاف سرطان الثدي لديهن خلال الحمل، لافتة إلى أنه يمكن البدء بالعلاج خلال تلك الفترة، ولكن مع الانتباه إلى جرعات العلاج الكيماوي. وأكدت أن سرطان الثدي اليوم يمكن الشفاء منه، أو اللواتي لا يمكنهن التخلص تماماً يمكنهن التعايش معه.

ونصحت النساء بضرورة الالتفات لنمط الحياة الصحي، وتناول السمك والفواكه والخضراوات، وزيت الزيتون، إلى جانب الفيتامين المفيد في تجنب المرض.

شهر التوعية

اختتم العديد من حملات التوعية بسرطان الثدي، أمس، والتي تواصلت على مدار أكتوبر، شهر التوعية بسرطان الثدي. وركزت الحملات على التوعية بأهمية الكشف المبكر، للتخلص من المرض والسيطرة عليه في مراحله الأولى. ونظمت «فورد» حملة «محاربات بروح وردية» للتوعية بأهمية العلاج من المرض، وقدمت تجارب نساء محاربات له خلال فيلم خاص عن قصصهن وعلاجهن، وتخلصهن من المرض.

للإطلاع على الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.

تويتر