قصة نجاح بدأها ريد هاستنغز من لحظة تسلية وغرامة لم تتجاوز 144 درهماً

بالفيديو..«نتفليكس».. إمبراطورية «الفضيحة» والتسلية تغزو العالم

صورة

قصة «نتفليكس» واحدة من أطرف وأبسط قصص النجاح، وربما أكثرها إلهاماً. بدأت في لحظة تسلية خلال مشاهدة الأفلام، وذكاء حاد في استغلال الفرص، مثل فضيحة مونيكا لويسكي، لتتحول فجأة إلى امبراطورية للإنتاج السينمائي تسيطر حالياً على عالم البث الحي وإنتاج الأفلام والمسلسلات على نطاق عالمي، وتحظى بانتشار في 190 دولة و70 مليون مشترك، وبعائدات تتجاوز ثلاثة مليارات دولار. وقُدرت ثروته، في شهر أغسطس عام 2015، بـ1.65 مليار دولار أميركي.

بائع المكانس الكهربائية

وُلد هاستينغز في الثامن من أكتوبر عام 1960 في بوسطن، وتخرج عام 1978 في مدرسة باكينغهام براون ونيكلوس في كامبريدج. وبعد أن أنهى المدرسة الثانوية، عمل بائعاً متجولاً للمكانس الكهربائية. التحق بكلية بودوين، حيث تفوق في الرياضيات وحصل على جائزة سميث وجائزة هاموند عامَي 1981 و1983 على التوالي. وانضمّ إلى قوات السلام لبعض الوقت، دخل جامعة استانفورد وتخرج بعد نيله درجة الماجستير في علوم الحاسوب عام 1988، حصل هاستينغز على عمله الأول في شركة «ادابتيف تيكنولوجي وغادرها عام 1991 ليباشر شركته الخاصة «بيور سوفتوار» التي بدأت تتألق بشكل سريع غير متوقع. وبسبب افتقاره إلى الإدارة، أصبحت إدارة أموره تشكل تحدياً. إذ أربكته أعداد الموظفين الكبيرة وطلب من مجلس الإدارة استبداله، إلا أن طلبه قُوبل بالرفض. وعلى حد قول هاستينغز، كان الرفض هو ما ساعده على أن يصبح رجل أعمال أفضل.


70 مليون مشترك حالي في «نتفليكس»

24 مليون مشترك جديد في عام 2017.

80 % من المشتركين الأوائل جدّدوا اشتراكاتهم.


-بدأت «نتفليكس» العمل فعلياً في أبريل 1998 بـ30 موظفاً، وفي جعبتها 900 فيلم فقط للإيجار.

- في عام 2013 بدأت «نتفليكس» بث أول مسلسل أصلي من إنتاجها بعنوان «بيت الورق».

- قُدرت ثروة ريد هاستنغز، في شهر أغسطس من عام 2015، بـ1.65 مليار دولار أميركي.

بدأت القصة بالتحديد عام 1997، كان وقتها ريد هاستنغز (37 عاماً) عاطلاً عن العمل، بعد أن باع حصته من شركته الصغيرة الأولى «بيور سوفتوار»، وكان يقضي معظم وقته في مشاهدة الأفلام والتلفزيون.

في أحد الأيام نسي إرجاع قرص الفيلم الذي استأجره من المتجر المشهور «بلوكبستر»، فغرمه المتجر 40 دولاراً (144 درهماً). هذه الغرامة أثارت غضب هاستنغز، وفجّرت شرارة الإلهام في عقله، وجعلته يفكر في تأسيس خدمة لتأجير الأفلام عبر البريد العادي، فقرر برفقة صديقه، مارك راندولف، إنشاء موقع إلكتروني يتيح للناس بسهولة شراء أفلام «دي في دي» واستئجارها من منازلهم، خصوصاً أن حجم هذه الأقراص ووزنها صغيران، وتسليمها بالبريد لا يكلف كثيراً، وأطلقا على هذا الموقع اسم «نتفليكس».

بداية فعلية

بدأت «نتفليكس» العمل فعلياً في أبريل 1998 بـ30 موظفاً، وفي جعبتها 900 فيلم فقط للإيجار، وكانت تؤجر فيلم «دي في دي» لسبعة أيام مقابل أربعة دولارات، يضاف إليها دولاران رسوم الشحن. لكنها واجهت في بداياتها عقبة كبيرة، فمشغلات أفلام «دي في دي» كانت في ذلك الوقت غير مستخدمة وغالية السعر، فتعاونت «نتفليكس» مع شركات أخرى مثل «توشيبا» و«إتش بي» و«أبل» لترويج مشغلات «دي في دي» والحواسيب التي تضمها.

من المفارقات الغريبة أن هاستنغز عرض عام 2000 على «بلوكبستر» - التي غرمته 40 دولاراً قبل سنوات - شراء 49% من «نتفليكس» لتلعب دور فرع الإنترنت لشركة تأجير الفيديو العملاقة، لكن «بلوكبستر» رفضت العرض، ليعود هاستنغز إلى منزله خائباً، وبعد خمس سنوات، أصبح لدى «نتفليكس» 4.5 ملايين مشترك، لتتفوق على أي جهود مماثلة لـ«بلوكبستر» في تأجير الأفلام عبر الإنترنت.

فضيحة مونيكا

في شهر سبتمبر من عام 1998، ظهرت فضيحة الرئيس الأميركي، بيل كلينتون، مع مونيكا لويسكي، فاستغل هاستنغز هذه الفضيحة للتسويق لشركته، فقام بنسخ 10 آلاف نسخة «دي في دي» لشهادة مونيكا أمام لجنة التحكيم الكبرى، وقام بتأجير كل نسخة بسنتين، إضافة إلى دولارين قيمة الشحن.

بعد ذلك بأشهر أوقفت الشركة بيع أقراص «دي في دي» عبر الإنترنت، لأن شركة أمازون للتجارة الإلكترونية بدأت بيع أفلام «دي في دي» عبر الإنترنت، وصبّت تركيزها على تأجير الأفلام. ورغم البداية البطيئة فإن سياستها التسويقية الناجحة رفعت قاعدة مشتركيها إلى 250 ألفاً، وأصبحت تتعامل مع أكثر من 100 ألف طلب أسبوعياً.

الفكرة العظيمة

لم يقتنع هاستنغز بهذه التطورات، وظل يبحث عن حلول أخرى لمشروعه، فخطرت في باله فكرة خدمة مشاهدة الأفلام عبر الإنترنت باشتراك شهري. يقول هاستنغز واصفاً تلك الفكرة عندما حاول تطبيقها: «كنت أعلم أنها لن تكون فكرة سيئة، لكن لم أكن أعلم أنها ستكون فكرة عظيمة». بدأ هاستنغز في تنفيذها في سبتمبر عام 1999، وجعل الشهر الأول للاشتراك مجانياً، فكانت النتيجة المبهرة أن 80% من المشتركين في الخدمة جدّدوا اشتراكاتهم في الشهر الذي يليه.

لم تكن الفكرة لتنجح، وواجه هاستنغز عائقين كبيرين، الأول أن مشاهدة الأفلام عبر الإنترنت تحتاج إلى مساحات ضخمة على «سيرفرات» مستقرة، ولم تكن تتوافر في ذلك الوقت إلا بشكل نادر وسعر مرتفع جداً، فاحتاج الأمر منه إلى البحث عن شريك ممول ليدعم استئجار «السيرفرات»، أما العائق الثاني فكان العقود المبرمة مع الشركات المنتجة للأفلام والقنوات المالكة للحقوق. واحتاج هذا الأمر منه، إضافة إلى الكثير من الوقت و المال، إلى الكثير من الجهد والمفاوضات المُضنية مع هذه الأطراف المختلفة.

لقى هاستنغز دعماً من شريك جديد أُعجب بفكرته وطموحه وقدراته، بقيمة 30 مليون دولار، استُخدمت في بناء الشركة و عروضها الترويجية. كما استطاع إبرام العديد من العقود مع القنوات والشركات المنتجة للأفلام، مثل «كولومبيا، وتريستار، ووارنر هوم فيديو».

في منتصف عام 2000، عرض هاستنغز شركته في سوق الأسهم الأميركية، ما أكسب الشركة ثقة المستثمرين، وبدأت تحقيق نجاحها وسيرها على طريق الشركات الكبرى كـ«مايكروسوفت» و«غوغل» و«أبل».

توظيف الإنترنت

مع نمو شبكة الإنترنت وازدياد سرعاتها، أطلقت الشركة خدمة بث أفلام الفيديو عند الطلب، وكان ذلك في 2010، وبعد فترة قصيرة ارتفع عدد مشتركيها إلى 16 مليوناً، وفي سبتمبر من ذلك العام وسعت الشركة خدمتها إلى كندا، لتصبح بذلك أول توسعة لـ«نتفليكس» خارج الولايات المتحدة.

في عام 2013، بدأت «نتفليكس» بث أول مسلسل أصلي من إنتاجها بعنوان «هاوس أوف كاردز» (بيت الورق)، وتم ترشيح هذا المسلسل تسع مرات لجوائز «إيمي»، وفاز بثلاث منها، لينافس بذلك المسلسلات التقليدية، ومع نهاية العام تضاعفت قيمة أسهم الشركة ثلاث مرات.

في عام 2017 استقطبت «نتفليكس» عدداً قياسياً من المشتركين، وبدأت تحصد ثمار استثماراتها خارج الولايات المتحدة، رغم منافسة محتدمة ومتعاظمة في مجال خدمة الفيديو بالبث التدفقي. وأسهمت هذه النتائج في رفع قيمة سهم «نتفليكس» في بورصة «وول ستريت» بأكثر من 10%، فتخطت قيمة الشركة في البورصة للمرة الأولى عتبة 100 مليار دولار. وباتت المجموعة الأميركية تضم نحو 117 مليون مستخدم (من بينهم 110 ملايين يدفعون اشتراكات) بعد أن انضم 8.3 ملايين زبون جديد خلال الربع الأخير وحده من عام 2017، من بينهم 6.36 ملايين خارج الولايات المتحدة. وخلال عام 2017 استقطبت الخدمة 24 مليون مشترك، وهي تأمل أن تجذب عروضها 6.33 ملايين زبون في الربع الأول من عام 2018.

eymillions@gmail.com

تويتر