رحلة كفاح وإرادة قادتها إلى تأسيس إمبراطورية «لينس تكنولوجي»

بالفيديو.. تشو كونفاي.. مربية البط على عرش «شاشات الهواتف المحمولة»

صورة

تقدم صاحبة إمبراطورية «لينس تكنولوجي»، تشو كونفاي، قصة ملهمة واستثنائية في الإيمان بالذات، والإصرار وقهر التحديات، والتحول من سيدة تعيش فقراً مدقعاً إلى واحدة من أثرياء العالم، إنها بكل بساطة تجسد حلم الانتقال من الفقر المدقع إلى الثراء الفاحش للكثيرين. تشو كونفاي تحولت من مربية بط، وعاملة مصنع فقيرة كادحة بالكاد تجد قوت يومها، إلى أغنى امرأة عصامية على وجه الأرض، كما وصفتها مجلة «فوربس»، وصنفتها في قائمتها بثروة تبلغ نحو 7.6 مليارات دولار. الفتاة القروية اليتيمة أصبحت «ملكة شاشات الهواتف المحمولة»، وتسافر بطائرتها الخاصة إلى وادي السيليكون فالي، لمتابعة المديرين التنفيذيين في شركتي «أبل»، و«سامسونغ»، وهما من كبار عملائها الحاليين، كما استضافت الرئيس الصيني تشي جين بمقر شركتها من قبل.

«أخت رجال»

تقول تشو، في مقابلة شخصية أجرتها معها بمكتبها صحيفة «نيويورك تايمز»: «في القرية التي نشأت بها، لم يكن لدى الكثير من الفتيات حق اختيار الذهاب إلى المدرسة المتوسطة، وكن يخترن الزواج وقضاء بقية حياتهن في تلك القرية، أما أنا فاخترت أن أدخل عالم الأعمال، ولست نادمة على ذلك أبداً». بدأت رحلة تشو في سن الـ16، عندما تركت مدرستها واتجهت إلى مدينة شينزن جنوب الصين، بحثاً عن فرصة عمل أفضل، حيث كان حلمها أن تصبح مصممة أزياء، لكنَّ القدر عاندها، ووجدت نفسها تعمل في مصنع صناعة زجاج عدسات الساعات، حيث بدأت بأجر يومي دولار واحد في اليوم.

وتضيف تشو: «كانت ظروف العمل قاسية ولساعات طويلة، ولم تكن هناك مناوبات بالعمل، كان العمل صعباً، ولم أكن أحب ذلك».

قررت تشو الاستقالة من عملها بعد مرور ثلاثة أشهر، حيث كتبت خطاب استقالة إلى مديرها. أعجب مدير المصنع بخطابها كثيراً، وطلب منها البقاء في العمل، عارضاً عليها ترقية جديدة. وكانت الترقية الأولى التي حصلت عليها خلال عملها هناك لمدة ثلاثة أعوام.

في عام 1993، قررت تشو، وكانت تبلغ من العمر حينها (22 عاماً)، تأسيس شركتها الخاصة برأسمال بلغ 3000 دولار، ادخرت جزءاً منه من عملها، واقترضت الباقي من أصدقائها، وبدأت مع أشقائها وبعض أقاربها ورشة عمل خاصة في مبنى مجاور لهم، مكون من ثلاث غرف، وجذبوا العملاء بصناعتهم لشاشات الساعات ذات الجودة الراقية.

يقول تشو شيني، ابن عمها الذي عاونها في افتتاح ورشة العمل، ويعمل حالياً في مجلس إدارة شركة لينس «في لغة هونان نسمي النساء مثلها (با دي مان)، والتي تعني الشخص الجريء على فعل ما يخشى الآخرون فعله».

في عام 2003، أسست كونفاي شركة «لينس تكنولوجي»، وهي واحدة من 11 شركة أسستها بنفسها. وتعزو براعتها في صناعة شاشات الهواتف الذكية إلى تجربتها السابقة في صناعة شاشات الساعات، عندما كانت تعمل في إحدى الشركات.

مكالمة هاتفية

بعد تأسيس الشركة بشهور، تلقت تشو مكالمة هاتفية غير متوقعة من المديرين التنفيذيين في شركة «موتورولا». وسألوها ما إذا كانت مستعدة لمساعدتهم في تطوير شاشة زجاجية، لمنتجهم الجديد المعروف باسم «رازر في 3».

في ذلك الوقت، كانت شاشات العرض، في معظم الهواتف الجوالة، مصنوعة من البلاستيك.

وأرادت شركة «موتورولا» صناعة شاشة عرض زجاجية، تكون أكثر مقاومة للخدوش، وتوفر عرضاً أكثر دقة للرسائل النصية، والصور، والوسائط المتعددة.

وتقول تشو «تلقيت تلك المكالمة، وقالوا لي: فقط أجيبينا بنعم أو بلا، وإذا كانت الإجابة بنعم، فسنساعدك في تطوير العملية»، وكان رد تشو: «بالطبع أجبت بنعم».

كانت صفقة «موتورولا» باباً شاسعاً لتشو، دخلت من خلاله عالم الأعمال، لكنه جلب لها أيضاً الكثير من الرياح العاتية، التى كادت تعصف بها من طرف منافسيها في السوق.

تقول تشو: «كان منافسي في السوق غيوراً، لقد تعاونت هذه الشركة مع الموردين الذين أتعامل معهم، لتزويدي بالمواد الخام، وحاولت أن تخرجني من اللعبة». لقد طلب منها الموردون الدفع الكامل قبل تسليم أي مواد صناعية خام. لم تستطع توفير المبلغ المطلوب، فباعت تشو منزلها وغيره من الأشياء الثمينة، لتلبية مطالب الموردين، لكنها لم تكن كافية.

«كنت يائسة».. تقول تشو: «وقفت على المنصة في محطة هونغ هوم في هونغ كونغ، وكنت أرغب في القفز ورمي نفسي من هناك، ظننت أنه عندما أموت ستزول كل المشكلات». تضيف تشو بعد لحظات تلقيت مكالمة هاتفية من ابنتي، جعلتنى أرجع إلى رشدي، أدركت أنه بالنسبة لعائلتي وموظفيي، لا يمكنني الاستسلام. كان عليّ الاستمرار «فأرسلت 911 بريداً إلكترونياً إلى شركة موتورولا، وقررت مساعدتي، وتغلبت على الأزمة».

نجاح مؤكد

بعد فترة وجيزة من واقعة «موتورولا»، بدأت طلبات الشراء في الوصول إليها من صناع الهواتف المحمولة الآخرين، مثل شركة «إتش تي سي»، و«نوكيا»، و«سامسونغ». ثم في عام 2007، دخلت شركة «أبل» الأميركية السوق بهاتف «آي فون»، الذي كانت به شاشة عرض تعمل باللمس، وتحمل لوحة المفاتيح، والتي أعادت تأسيس قواعد اللعبة بالنسبة للأجهزة المحمولة. اعتمدت شركة «أبل» شركة «لينس» كمورد لها، ما دفع شركة تشو إلى موقع مهيمن على تلك الصناعة داخل الصين.

في شهر مارس عام 2015، عندما أصبحت «لينس تكنولوجي» شركة مساهمة عامة، نمت ثروة تشو بمقدار يزيد على أربعة أضعاف، لتصبح أغنى سيدة في الصين.

تمتلك تشو، مع زوجها الذي يشغل منصباً في مجلس إدارة مصانعها، 99% في شركة «لينس تكنولوجي». ويطلق على تشو لقب «ملكة شاشات الهواتف المحمولة»، كما تتقاضى راتباً سنوياً يزيد على 1.5 مليون دولار.

ابنة الأعمى التي تحب الترتيب

ولدت تشو، وهي الصغرى بين ثلاثة أشقاء، في قرية صغيرة وسط إقليم هونان الصيني، وهو مجتمع زراعي. توفيت والدتها حينما كانت تبلغ الخامسة من عمرها. أما والدها، ففقد إحدى أصابع يديه، وبصره في حادث عمل، لتضطر تشو إلى العمل في تربية البط، لمواجهة أعباء الحياة. تشو متزوجة ولديها طفلان (أحدهما من زواج سابق)، ولاتزال رغم ثروتها تعمل لمدة 18 ساعة يومياً. وتتمتع تشو بأناقة عالية، وتفضل ارتداء سترات كريستيان ديور الفرنسية، وهي امرأة حساسة جداً، تحب النظام والترتيب، تقول تشو «تربيت مع أب فقير أعمى، كان يجب ترتيب كل شيء في المنزل، حتى لا يتعرض للإصابة، وعلى هذه الطريقة رتبت حياتي».

  • 18 ساعة تعمل فيها تشو يومياً.
  • 1.5 مليون دولار راتبها السنوي.
  • رسالة الاستقالة التي كتبتها أعجبت مديرها فعرض عليها ترقية جديدة.
  • في عام 1993 أسست تشو شركتها الخاصة برأسمال لم يتجاوز 3000 دولار.
  • فشلت في أن تصبح مصممة أزياء، ووجدت نفسها تعمل في مصنع صناعة زجاج عدسات الساعات.

تويتر