كتاب توثيقي من 210 صفحات يرصد جانباً من تاريخ قائد استثنائي

«راشد.. قائد استشرف المستقبل».. بصمات خالدة في تاريخ الإمارات

صورة

تزامناً مع الذكرى الـ60 لتنصيب المغفور له، الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيّب الله ثراه، حاكماً لإمارة دبي، والذي يصادف الرابع من أكتوبر، وبمناسبة مرور 28 عاماً على رحيله الذي يصادف السابع من أكتوبر، دشنت هيئة الثقافة والفنون في دبي كتابها التوثيقي الجديد الذي يحمل عنوان «راشد.. قائد استشرف المستقبل»، وذلك في حفل كبير بحضور العديد من الشخصيات العامة والأدباء والمثقفين في متحف الاتحاد بدبي.

وأشار رئيس مجلس إدارة الهيئة، عبدالرحمن بن محمد العويس، في كلمة تقديمية للكتاب، إلى أن سجل المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، باني دبي الحديثة، طيّب الله ثراه، يزخر بصفحات ثرية، مشرقة، متواصلة بالمنجزات، امتدت عبر مسيرة حافلة بالعطاء، ويمثل حضوره، الطاغي على الغياب، شموخ قامته الإنسانية، وبصماته الخالدة في مختلف نواحي الحياة ومجالاتها، فقد كان على قناعة تامة، بأن مستقبل الإمارات سيكون أفضل إذا توحدت وأمسكت بزمام أمورها، فوضع يده بيد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ومضى بكل عزيمة وجهد لاستكمال حلم إيجاد كيان وحدوي، فعمل على إصدار وثيقة الوحدة بين دبي وأبوظبي في فبراير من عام 1968، واستمر بدعواته المتلاحقة لحكّام الإمارات، ومشاوراته معهم من أجل المضي قدماً على طريق الاتحاد، حتى أعلن عنه رسمياً في الثاني من ديسمبر عام 1971، فتولى منصب نائب رئيس الدولة، إضافة إلى رئاسة مجلس الوزراء.

وأكد أن الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم نقش برؤيته الاستشرافية أنموذجاً فريداً للعمل المتواصل والأفكار الخلاقة، فكان ذا بصيرة نافذة، وسخّر وقته وجهده لتراب الإمارات، ونهضة دبي، لتحتل الإمارات بفضل سياساته الفاعلة، وبنائه البنى التحتية، ورؤيته الثاقبة، وإخلاصه وعطائه اللامحدود، مراكز الصدارة.

يقع الكتاب، الذي أشرف على إعداد مادته العلمية مستشار رئيس مجلس إدارة «دبي للثقافة» ظاعن شاهين، في 210 صفحات من القطع الكبير، ويضم ثلاثة فصول، وسبعة رسوم معلوماتية، إذ ينسج الفصل الأول من الكتاب السنوات الأولى لتكوين راشد القائد، وفيه يتم التطرق إلى دبي ما قبل النفط، والحالة السياسية والاقتصادية للإمارة وما حولها، حيث يشير الكتاب في محتواه إلى أن الأحداث التي كانت تمر بها المنطقة آنذاك في حاجة إلى قائد ديناميكي يستطيع أن يحول التحديات المتلاحقة إلى فرص سانحة للاستثمار، وقد تمثل ذلك المطلب في شخص الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيّب الله ثراه.

ويتطرق الكتاب إلى سلالة آل مكتوم وإنجازاتهم التاريخية والحضارية، وكيف استطاعت هذه الأسرة بما يحمله حكامها من رؤية مستقبلية أن تسهم في التغيير الدائم لدبي، وتحويلها إلى مدينة عالمية، وكيف استثمر المغفور له الشيخ راشد الدروس التي يقدمها التاريخ لتكون دافعاً له في رؤية المستقبل.

ويحكي الكتاب في الباب الذي يحمل عنوان «إرث صعب» بطريقة شائقة حكاية اللؤلؤ الصناعي، التي ارتسمت بدايتها على يد رجل الأعمال الياباني ميكيوموتو في عام 1888، الذي أسس مزرعة للمحار، بهدف إنتاج اللؤلؤ والذي استطاع بابتكاره أن يغيّر التاريخ، ويضرب هذه الصناعة التي كانت أساس عيش سكان أهل الخليج، وكيف استطاع المغفور له الشيخ راشد أن يجد المخارج لمرحلة صعبة ومريرة.

وفي محور آخر، وتحت عنوان «ظهور سياسي مستنير» يأخذنا الكتاب إلى الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالمنطقة مع اندلاع الحرب العالمية الثانية في أوروبا، وإعلان شاه إيران مناصرته هتلر، الأمر الذي حدا بالحلفاء لأن يوقعوا عقوبات اقتصادية على بلاده، ما أثّر في دول المنطقة، ولم يكن الخوف متعلقاً بمعاناة المنطقة أزمة اقتصادية فقط، بل أيضاً احتمالية معاناة المواطنين الجوع، بسبب قلة الإمدادات الغذائية، وقد نجح الشيخ راشد بالمفاوضات حول شروط توزيع حصص المواد الغذائية أن يحمي سكان مدينته من الجوع والحرمان من الطعام، فكانت نظرته الثاقبة، وتبنيه المبادرات ومهارته في إيجاد حلول عملية للمشكلات، أهم الصفات التي شكّلت أسلوب إدارته وحكمه.

وينقلنا الكتاب في الفصل الذي يتحدث عن «بناء تحالفات» إلى إيمان وإدراك المغفور لهما الشيخ راشد والشيخ زايد، بأن الفرصة سانحة لإنشاء دولة قوية تحت راية وقائد واحد، الأمر الذي دفعهما إلى لقاءات عديدة، ومشاورات طويلة، لتحقيق حلم الاتحاد الذي بدأ ثنائياً، فتساعياً، ليستقرّ الأمر أخيراً على جمع شمل سبع إمارات متصالحة، ليعلن مع شروق شمس الثاني من ديسمبر عام 1971 قيام دولة الإمارات العربية المتحدة.

ويرسم الكتاب في الجزء الثالث منه، والذي يقع تحت عنوان «بناء مدينة عصرية وحيوية»، مراحل تحويل دبي عبر رؤية الشيخ راشد من قرية صغيرة إلى عاصمة حضارية مقدرة عالمياً، منذ أن سلّمه والده المغفور له الشيخ سعيد بن مكتوم مسؤولية إدارة الإمارة ولياً للعهد أولاً، ثم حاكماً لها، حيث طبّق الشيخ راشد العديد من المبادرات التي يمكن اعتبارها أساس البنية التحتية القوية والثابتة لدبي الحديثة، كما أن رحلاته العديدة لدول العالم، بجانب ما يحمله من معرفة حول أولويات وقواعد الاقتصاد الاجتماعي الخاصة بإمارته، كل ذلك كان كفيلاً بأن تتحدى رؤية الشيخ راشد الزمن، وأن تقف ثابتة أمام تحديات التغيير.

«مسيرة قائد» جلسة حوارية في «دبي للثقافة»

احتفاءً بالذكرى السنوية الـ60 لتنصيب المغفور له، الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيّب الله ثراه، حاكماً لإمارة دبي، نظمت هيئة الثقافة والفنون في دبي (دبي للثقافة)، الهيئة المعنية بشؤون الثقافة والفنون والتراث والآداب في الإمارة، صباح أمس، في متحف الاتحاد، جلسة حوارية تحت عنوان «مسيرة قائد»، بحضور عدد من كبار الشخصيات.

وكان من أبرز الفعاليات التي جرى تنظيمها في الفعالية، إقامة جلسة حوارية حملت شعار «مسيرة قائد»، شارك فيها نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي، الفريق ضاحي خلفان تميم، ومؤسّسة ومديرة متحف المرأة في دبي الدكتورة رفيعة عبيد غباش، وأدارها مدير مركز الأخبار في مؤسسة دبي للإعلام عبيد علي الهاملي.

وتخلّل الحدث تدشين كتاب بعنوان «راشد.. قائد استشرف المستقبل»، وتضمن استعراضاً شاملاً لتسليط الضوء على المراحل المختلفة من مسيرة رفيق الشيخ زايد، طيّب الله ثراه، باني نهضة دبي الحديثة، الحافلة بالكثير من المحطات المشرقة، والإنجازات المهمة، التي أسهمت في إحداث نقلات نوعية في مختلف مجالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية في دبي والإمارات عموماً.

وقال المدير العام بالإنابة لهيئة الثقافة والفنون في دبي، سعيد النابودة: «جاء هذا الإحياء ليعزّز فينا الوفاء والعرفان لسيرة أحد مؤسسي الدولة، المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيّب الله ثراه، وإخوانه الكرام، الذين أرسوا دعائم دولة نفتخر بالانتماء إليها. لقد ارتأينا تنظيم هذه الفعالية في متحف الاتحاد، الذي يحتفي دائماً بحياة الآباء المؤسّسين، ويخلّد أمجادهم، ليظلوا مصدر إلهام وقدوة للأجيال المقبلة. ويسعدنا تقديم كتاب (راشد.. قائد استشرف المستقبل)، الذي يوفر للباحثين والطلاب والمهتمين بسير القادة العظام، مادة تاريخية غنية، خصوصاً أنه يقف على منجزات هذه الشخصية العظيمة التي حجزت لدبي مكانة عالمية مرموقة، ولتتربع على قائمة أسرع المدن نمواً في العالم، بعد أن تحولت إلى واحدة من عواصم التجارة العالمية».

وأضاف النابودة: «إننا نرى في إحياء الذكرى الـ60 لتنصيب الشيخ راشد حاكماً لإمارة دبي، بمثابة فخر واعتزاز بدوره الجوهري، وإرثه العظيم وإنجازاته التي لاتزال حاضرة، ليس فقط في نهضة إمارة دبي، وانتقالها إلى مصاف كبرى المدن العالمية الحيوية، وإنما في العمل مع أخيه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، لتأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة، وبذل كل الجهود الممكنة لترسيخ دعائم الاتحاد».

سِجّلُ الشيخ راشد بن سعيد، باني دبي الحديثة، يزخر بصفحات ثرية، مشرقة، متواصلة بالمنجزات.

كان على قناعة تامة بأن مستقبل الإمارات سيكون أفضل إذا توحّدت وأمسكت بزمام أمورها، فوضع يده بيد الشيخ زايد.

مضى بكل عزيمة وجهد لاستكمال حلم إيجاد كيان وحدوي، فعمل على إصدار وثيقة الوحدة بين دبي وأبوظبي عام 1968.

استمرّ بدعواته المتلاحقة لحكّام الإمارات، ومشاوراته، حتى أعلن عن الاتحاد رسمياً في الثاني من ديسمبر عام 1971.

سخّر وقته وجهده لتراب الإمارات، ونهضة دبي، لتحتل الإمارات بفضل سياساته الفاعلة، وبنائه البنى التحتية، مراكز الصدارة.

نظرته الثاقبة وتبنيه المبادرات أوجدا حلولاً عملية للمشكلات، وكانا من أهم الصفات التي شكّلت أسلوب إدارته وحكمه.

تويتر